هل يوقف الرئيس البرازيلي الجديد الحرب على «رئة العالم»؟

أحمد ليثي

مع استمرار إزالة غابات الأمازون قد يتغير المناخ المحلي ودورة المياه بقدر كبير بما يتسبب في تحول الغابة في النهاية إلى منطقة حشائش.


اُنتخب لويس إيناسيو دا سيلفا رئيسًا جديدًا للبرازيل، لكن يوجد شيء أهم من الفوز في الانتخابات، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وأشارت الصحيفة، في تقرير لها، يوم الخميس 27 أكتوبر 2022، أن الرئيس داسيلفا سيرث السيطرة على أكثر من نصف غابات الأمازون المطيرة، بالتالي سيحدد ظروف الحياة المستقبلية على كوكب الأرض.

الفرصة الأخيرة

نقل تقرير “نيويورك تايمز” عن زعيم السكان الأصليين في البرازيل، تكساي سوروي، أن هذه الانتخابات الفرصة الأخيرة لإنقاذ غابات الأمازون، التي تعرف بأنها رئة العالم، بعدما ارتفع معدل إزالة الغابات في عهد الرئيس اليميني المتطرف، جاير بولسونارو، ما عرّض النظام البيئي لكارثة.

وأوضح التقرير أن فقدان ملايين الأشجار تسبب بالفعل في انخفاض هطول الأمطار، ومن المتوقع أن تتحول المناطق، التي لم تتحول بعد إلى أراضي رعيٍ، من الغابات الكثيفة إلى السافانا الجافة، محذرًا من أن الأمازون وصل إلى نقطة تحول من التدهور المتصاعد، الذي لا عودة عنه.

حرائق غابات الأمازون

جريمة بيئية

أشار التقرير إلى أن غابات الأمازون تساهم في هطول الأمطار على قارتين، ومنها الأراضي الزراعية في كاليفورنيا في الولايات المتحدة، وكذلك تحتفظ الأمازون بمليارات الأطنان من الكربون في أشجارها، ما يدل على أنه ليس من المبالغة أننا تعتمد عليها البشرية في توازن النظام البيئي.

من جهته، تحدى الرئيس البرازيلي السابق النظام البيئي، بالتضحية بمنطقة الأمازون ومحمياتها الطبيعية وأراضي السكان الأصليين، لصالح إنشاء الأعمال التجارية والتنمية، في حين وعد دا سيلفا بمواجهة تلك الجريمة البيئية.

رجل غير مسؤول

أشار تقرير لموقع “إنسايدر” الأمريكي، يوم الأحد 29 أكتوبر 2022، إلى أنه إذا استمرت إزالة غابات الأمازون بالمعدلات الحالية، ستنطلق مليارات الأطنان من الغازات المسببة للحرارة، بحسب تحذيرات العلماء، ما يؤدي إلى تسريع أزمة المناخ، التي ظهرت آثارها في الطقس بجميع أنحاء الكوكب.

ومنذ انتخابه، انتشر قطع الأشجار غير القانوني في عهد بولسونارو، وشجع الرئيس السابق علانية على ذلك، وخفضت إدارته ميزانية الوكالة، التي تحافظ على القوانين البيئية في منطقة الأمازون، ما أدى إلى تقويض الحماية الحالية للغابات المطيرة.

ليست مجرد غابة

قالت الناشطة من سكان كاهيانا الأصليين، أنجيلا أماناكوا ككسويانا، لـ”إنسايدر”: “إننا ننتمي لـ1% من سكان البرازيل الأصلييين، ونحارب أفعال ما يقرب من 214 مليون برازيلي، ممن يعتقدون أن الأمازون مجرد غابة تسكنها الحيوانات”، وبالنسبة لككسويانا، كان إعادة انتخاب بولسونارو يعني مواصلة التعدي على أراضي قبيلتها وتدميرها.

وتابعت: “نحن الشعوب الأصلية نريد الحدّ من إزالة الغابات، من أجل الحفاظ على حياة الإنسان، لأنه لا يوجد طريقة أخرى لتوفير مياه نظيفة وتنفس الهواء إذا لم نحافظ على الأمازون على قيد الحياة، لكننا نتفائل بوجود دا سيلفا على رأس بلادنا، لأنه وعد بوقف إزالة الغابات.”

تأثير ينعكس على الكوكب بأسره

مع استمرار إزالة غابات الأمازون، يمكن أن يتغير المناخ المحلي ودورة المياه بقدر كبير، بما يتسبب في موت الأشجار الجماعي، وهي عملية ستحول الغابة في النهاية إلى منطقة تشبه حشائش سافانا، في غضون 10 إلى 20 عامًا، وفقًا لما ذكره عالم البيئة البارز في جامعة ساو باولو، كارلوس نوبري.

وقال نوبري لـ”إنسايدر”: “أكثر من ثلث غابات الأمازون دخل هذه المرحلة بالفعل، وإذا وصل الأمر إلى نصف الغابات، فأخشى أنها لن تنتعش مرة أخرى، ومن المحتمل أن تنقرض مئات الآلاف من النباتات والحيوانات والأسماك والبق والطيور ، لأن الكثير منها لا يوجد إلا في منطقة الأمازون.”

تأثير قطع الغابات

نقلت “إنسايدر” عن علماء لم تسمهم أن قطع غابات الامازون يمكن أن يطلق ما يصل إلى 140 مليار طن من الكربون المخزّن حاليًّا في الغابات المطيرة إلى الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى مستوى كارثي من الاحتباس الحراري.

ويقول العلماء إن إزالة الغابات في الأمازون يجب أن يتوقف فورًا، لإعادة الغابة من هذا الجرف. وهذا يتطلب إنفاذ القوانين البيئية الحالية في البرازيل ، فضلاً عن تدابير حماية جديدة للغابات المطيرة.

هل ينقذ لولا الأمازون؟

قال نوبري لـ”إنسايدر” إن خطة لولا دا سيلفا تتوافق كثيرًا مع ما يروج له العديد من العلماء، ويشير أحد التحليلات الأخيرة، التي أجراها موقع “كاربون بريف”، الذي يغطي علوم وسياسات المناخ، إن فوز لولا بالانتخابات البرازيلية يخفض إزالة الغابات السنوية إلى 90% بحلول نهاية العقد.

وقال كبير مستشاري دا سيلفا للسياسة الخارجية، سيلسو أموريم، لوكالة أنباء “رويترز“، في تقرير نُشر  19 أكتوبر الحالي، إن لولا مهتم بعقد قمة مناخ لدول غابات الأمازون المطيرة في النصف الأول من العام 2023، إلى جانب الدول المتقدمة المهتمة بالحفاظ على تلك الغابات.

قمة مناخ

وقال أموريم، وزير الخارجية خلال فترة رئاسة لولا للبرازبل بين عامي 2003و2010، إن القمة يمكن أن تعطي معنى سياسيًّا متجددًا لمنظمة “معاهدة تعاون الأمازون”، التي وقعتها البرازيل وبوليفيا وكولومبيا والإكوادور وغيانا وسورينام وفنزويلا عام 1978.

ويعد اقتراح أموريم بعقد تلك القمة أحدث إشارة على أن الرئيس البرازيلي الجيد يهدف إلى وضع الدبلوماسية البيئية في قلب سياسته الخارجية. وذكرت “رويترز”، في الشهر الماضي، أن مساعدي لولا تواصلوا مع إندونيسيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية لتشكيل جبهة موحدة للبلدان ذات الغابات المطيرة الأكثر استوائية في محادثات المناخ، التي تعقدها الأمم المتحدة.

إصلاح أخطاء سلفه

لم يحضر الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو، قمة المناخ التي عقدت في كولومبيا عام 2019، مع أعضاء منظمة “معاهدة تعاون الأمازون” لتقديم التزامات جديدة، وأرسل مندوبًا عنه، بل وساهم في استبعاد فنزويلا من المنظمة، بعد فوز اليساري، نيكولاس مادورو، بالرئاسة.

من جهته، قال أموريم لـ”رويترز” إنه من المهم إعادة التواصل مع فنزويلا، لإحراز تقدم في قضايا مثل حماية الأمازون، خاصة بعد أن تعهد لولا بالفعل بمكافحة إزالة الغابات في منطقة الأمازون بقوة، بعد أن قوّض بولسونارو تطبيق القانون البيئي، ودفع لمزيد من التعدي على المنطقة.

ربما يعجبك أيضا