هل يُمثل توسع بريكس انتصارًا للصين وروسيا؟

محمد النحاس

ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها روسيا والصين الترويج لتحالف مناهض للغرب، غير أن "وقائع التاريخ" تخبرنا أن موسكو وبكين تبالغان في تقدير احتمالات توحيد المجتمعات غير الغربية ضد القوى الغربية.


في قمتها السنوية بجنوب إفريقيا، أعلنت مجموعة بريكس التي تضم 5 اقتصادات ناشئة كبرى عن توسعها، مع دعوة 6 أعضاء جدد.

وتضم مجموعة بريكس البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وبحلول يناير المقبل، ستنضم الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.. فهل يمثل هذا التوسع انتصارًا للصين وروسيا؟

ليس انتصارًا للصين

في مقال لكاتب العمود، راجا موهان في مجلة فورين بوليسي الأمريكية، يجادل بأن توسع بريكس ليس انتصارًا للصين، لكنه مع ذلك يمثل “طلقة تحذيرية” يجدر بها إفاقة الغرب لإنهاء ما يسميه المقال “ثباته الاستراتيجي” تجاه دول “الجنوب العالمي”.. فما الحجج التي أوردها؟

بدايةً يلفت المقال المنشور الثلاثاء 29 أغسطس 2023 إلى أنه وفي أعقاب توسع المجموعة، إذا ما كان الوزن الاقتصادي مقياسًا للقوة، فستكون بريكس قوية “على نحو فريد”، مشيرًا إلى أن ناتج المجموعة المحلي الإجمالي سوف يتجاوز نظيره لدى دول مجموعة الـ7 الصناعية الكبرى.

لا داعي للقلق أو الاحتفال

على عكس الاعتقاد السائد، يرى كاتب المقال، راجا موهان، أنه ليس هناك مبرر للاحتفال الكبير بتوسع المجموعة، ولا للقلق البالغ من ذات الأمر، أي أن ردود الفعل على الجانبين مبالغ فيها إلى حد كبير، وفق موهان.

وفي مقاله، يفسر راجا موهان وهو عضو سابق في المجلس الاستشاري للأمن القومي في الهند، الرأي السالف، بأن توسع بريكس “لن يقلب العالم رأسًا على عقب”، كما أن لا يشير لصعود نظام عالمي جديد يتجاوز الغرب.

ويرفض المقال كذلك تصور أن توسع المجموعة يمثل “انتصارًا للصين وروسيا في محاولاتهما بناء كتلة مناهضة للغرب من دول الجنوب العالمي”، أو أن مجموعة البريكس تحمل نواة حركة عدم الانحياز الجديدة.

تنافس بين أعضاء المجموعة

يرى المقال أن المجموعة لديها خلافات تقوض إجماعها الداخلي، مشيرًا إلى المواجهة الجيوسياسية المتنامية بين الصين والهند ما يعكس صعوبة تكوين أجندة متماسكة، تتبناها دول المجموعة. وعلاوةً على ذلك فبدلاً أن تكون المجموعة موازنة للقوة الغربية، فإن العديد من أعضائها “أصدقاء للولايات المتحدة الأمريكية” على حد وصف المقال.

ومثالًا على ذلك فإن دولة مثل الهند، كعضو في بريكس، هي في ذات التوقيت منخرطة في ما يسمى “الحوار الأمني الرباعي” والمعروف أيضًا باسم كواد (Quad)، كما أنها تشترك في تحالف I2U2. في هذا الصدد يشدد المقال على أن التنافس بين دول بريكس وبين بعضها البعض، أكثر أهمية من “المصلحة المشتركة المفترضة في مواجهة الغرب”.

وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها روسيا والصين الترويج لتحالف مناهض للغرب، غير أن “وقائع التاريخ” تخبرنا أن موسكو وبكين تبالغان في تقدير احتمالات توحيد المجتمعات غير الغربية ضد القوى الغربية، وفق المقال.

محاولة تاريخية

تاريخيًّا، عندما خابت آمال اندلاع ثورة شيوعية في ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، توجه مؤسس الاتحاد السوفييتي فلاديمير لينين، إلى آسيا ووعد “بإشعال الشرق” بالثورات ضد الرأسمالية العالمية و”أباطرة الاستعمار الغربيين”.

جاء ذلك في مؤتمر شعوب الشرق الذي انعقد عام 1920 في باكو بأذربيجان التي كانت تحت السيطرة السوفييتة، حيث اجتمعت أطياف واسعة من التوجهات كافة، غير أن هذه الجهود لم تسفر عن شيء له قيمة تذكر، وفق موهان.

دور الغرب

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، سرعان ما تناسي الغرب الدروس المستفادة من الحرب الباردة، وتحوّل إلى الاستهانة بالجنوب العالمي، لتستغل الصين وروسيا الاستياء المتنامي تجاه الغرب وتحاول أن تحقق مساعيها، وفق المقال.

وفي حين أن توسع بريكس ليس إيذانًا بنظام دولي جديد بمعزل عن الدول الغربية، لكن القوى الغربية يتعين عليها في المقابل التنازل عن خطابها الفوقي لأنه من غير الممكن أن يحافظ الغرب على تفوقه العالمي دون تنازلات جادة، حسب ما يرى موهان.

اقرأ أيضًا| 23 دولة ترغب في الانضمام إلى مجموعة «بريكس» الاقتصادية

اقرأ أيضًا| هل انضمام 6 دول جديدة إلى «بريكس» يهدد المصالح الغربية؟

ربما يعجبك أيضا