“هيام”.. مصرية ترفض طباشير السبورة وتتعلق بمنشار النجار

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

بينما تعلو أصوات الماكينات ورائحة الخشب الزكية، تقف حسناء عشرينية برفقة زوجها وسط العمال وألواح الخشب وتصنع بأناملها قطعًا فنية.

لم تهتم هيام جلال التي تخرجت من كلية الآداب قسم لغة عربية، برأي المجتمع أو بشهادتها الجامعية، واقتحمت عالم “النجارة” بكل حواسها فعشقت الخشب بأنواعه وأصبحت متيمة به.

رفضت العمل التقليدي ومجال التدريس وفضلت الأعمال اليدوية والتطريز والتلوين بجانب النجارة.

تعلمت النجارة “صدفة”

تعلمت فنون المهنة على يد زوجها، ودخلت المجال بـ”الصدفة”، بدأت تقلد العمال في صنع الأثاث وقطع الخشب شيئًا فشيئًا، وقفت على الماكينات واستخدمت المعدات حتى عرفت أصول المهنة وأنواع الخشب وألوانه واستخداماته.

“مكنش في بالي خالص إني أشتغل في النجارة، الموضوع بدأ “صدفة” ومشاركتي في الأول كانت مادية فقط، وكنت باجي الورشة زيارات من وقت للتاني، وبدأت أحاول أجرب بإيدي، وأستخدم الأدوات اللي بيستخدموها وبدأت أقلدهم، وحبيت الموضوع جدًا، والخشب، والأدوات اللي بتستخدم، محستش إن فيه صعوبة خالص”، هكذا قالت جلال.

تابعت هيام زوجها في الورشة، وكيفية تعامله مع الخشب، وكذلك الكورسات التي يقدمها عن النجارة وبدأت تكتسب منه الخبرة وتعرف أكثر فأكثر.

النجارة لها بعد جمالي

رأت هيام أن الخشب له بعد جمالي، ويصنع منه أشياء كثيرة مختلفة، وتابعت فيديوهات تعليمية على الإنترنت بجانب خبرة زوجها في العمل وبدأت تتعامل بنفسها مع الخشب وتقف على المكن وتقوم بتقطيع الخشب دون مساعدة أحد.

تضيف: “بدأت أقف على المكن بالتدريج، الأسهل فالأصعب، واتعاملت معاهم عادي، طالما أنا باخد الاحتياطات بتاعتي، وبقف على المكنة وبنفذ التعليمات صح يبقى خلاص، بقيت بشتغل وبقطع وبعمل كل حاجة بنفسي”.

 عن النقد الذي تواجهه، تقول هيام: “موضوع وقوفي في الورشة غريب شوية عند بعض الناس، ولما بكون بشتغل في الورشة أو يكون معانا كورسات، ألاقي الناس جايه رايحة إيه ده إيه اللي انتي بتعمليه إيه ده، أنا بالنسبة لي الموضوع ده عادي مش بهتم بصراحة، ومبحسش إني بعمل حاجة غريبة”.

ترى جلال أن عملها في الورشة ومجال النجارة لا ينتقص منها شيئًا، وأن عمل المرأة في النجارة هو الأنسب لأنه يعتمد على الجانب الجمالي أكثر، وليس مجرد تعشيقات خشب أو تقطيع فقط، والمرأة عامة لها نظرة جمالية في الحياة.

تتابع: “أنا شايفة إن أي واحدة بتعرف تشتغل بالعدة وبتعرف تستخدمها، ممكن تطلع تحف فنية متجيش على بال الراجل اللي شغال إنه يطلعها”.
 

كورسات تعليمية
 
“أنا في الأول مكنتش بشارك مع محمد في موضوع الكورسات لكن من قريب بدأت أشارك واقف مع الناس أقولهم حاجة جديدة من اللي اتعلمتها”، هكذا قالت هيام.

تتابع: “هو معلمنيش بشكل مباشر ومقعدنيش واداني الكورس زي مهو بيديه، أنا من وقفتي معاه بدأت أتعلم كل حاجة هو بيديها، ومن وقفتي هنا بدأت أكون خبرة، وبدأ هو يسيب لي الناس ممكن أعلمهم جزء في الكورس مثلا، لكن إن أنا أعمل كورس كله لوحدي، صعب لأنه هو اللي حاطط منهج الكورس ده، وقادر إنه يديه”.

تضيف: “أحيانًا بيكون في حاجات برا الكورس والناس بتسأل عن أشياء معينة، ممكن أقدر أجاوب عليها مش بس من خبرتي في النجارة، لأ أنا بقعد ساعات أشوف كورسات خاصة بالنجارة على اليوتيوب، فكونت خبرة في الموضوع ده، وبدأت أعرف أعلم الناس أجزاء كتير في النجارة”.

 

عن أنواع الخشب، تقول هيام: “لما بنيجي نسأل حد من الكورسات أنت تعرف إيه عن الخشب أو تعرف إيه في الخشب، يقول موسكي، أرو، زان، ..، بس ميعرفشي حاجة تاني، فخد عندك بقى الخشب ده بيتقسم خشب طبيعي، وخشب مصنع، وده فيه نوعين، فيه خشب لين وفيه خشب صلب، وبندخل بقى معاهم في أسامي الخشب نلاقي أسامي غريبة، غير طبعا الموسكي والأرو، والزان، حاجة اسمها ورلا أو خشب جوز، وفيه شيري، وعندنا زيبرا، وفيه كمان ألوان كتير للخشب ده”.

تحلم هيام بأن تصنع من الخشب منتجات مختلفة جديدة وتزود بها السوق المصري، وتظهر جماله، كما تحلم بأن يصبح لديها جاليري خاص بها لعرض جميع منتجاتها.

 توجه هيام رسالتها إلى كل فتاة ترغب في العمل بالمهن الشاقة، قائلة: “أي بنت عايزة تشتغل، وملتزمة بآداب المجتمع، ومش بضر حد، تعمل اللي هي عايزاه في إطار الصح والغلط، طالما مش بتأذي حد، ولا يوجد شيء اسمه دي مهن للرجالة ودي للستات الحكاية مش كدا”.

“وراء كل رجل عظيم امرأة”

في مقابل المقولة الشهيرة “وراء كل رجل عظيم امرأة”،  هناك أيضًا “وراء كل امراة عظيمة رجل” يساندها، ويدعمها، ويؤازرها، ويقف بجانبها، ويشجعها ماديًا كان أو معنويًا.. هيام وقفت بجانب زوجها محمد سالم وشجعته في تحقيق حلمه في ورشة النجارة التي افتتحها قبل عامين، وما يقدمه من كورسات تعليمية حتى أصبح أول نجار “أون لاين” في مصر، وكانت الداعم الأساسي له، في المقابل شجعها محمد لتكون رفيقته في العمل لتساعده يدًا بيد، حتى أصبح الزوجان مثالًا يحتذى به في المساندة والدعم.

 

ربما يعجبك أيضا