هيمنة «جوجل» على الإنترنت في خطر بسبب وزارة العدل الأمريكية

بسام عباس

معضلتان تحددان مستقبل جوجل: صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي والتراجع المتسارع في إيرادات الإعلانات عبر الإنترنت.


يبدو أن هيمنة جوجل على الإنترنت طوال الأعوام الـ15 عامًا الماضية، بدعم من قوة محرك البحث وأعمال الإعلانات الرقمية، باتت عرضة للخطر.

وقالت شبكة سي إن إن الأمريكية، إن وزارة العدل اتهمت جوجل التابعة لشركة ألفابت بإساءة استخدام وضعها المهيمن في مجال الإعلانات الرقمية، مهددة بتفكيك واحدة من أنجح شركات الإنترنت في وادي السيليكون.

الذكاء الاصطناعي وتراجع متسارع

أوضحت “سي إن إن” أن الدعاوى القضائية فد تستغرق سنوات لتنتهي رغم أنها تمثل جوهر آلة إيرادات جوجل، وفي غضون ذلك، تظهر معضلتان أخريان تستعدان لتحديد مستقبل جوجل في إطار زمني أقصر، هما صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتراجع المتسارع لمشاركة جوجل الإعلانية عبر الإنترنت.

وذكرت الشبكة أنه قبل أيام فقط من قرار وزارة العدل الأمريكية، أعلنت جوجل خططًا للاستغناء عن 12 ألف موظف، وسط تراجع كبير في إيراداتها، في الوقت الذي تعمل فيه على إعادة تركيز جهودها جزئيًّا على الذكاء الاصطناعي.

تهديد جديد للبحث

ظل جوجل مرادفًا لعمليات البحث عبر الإنترنت لفترة طويلة، ولكن ظهر تهديد جديد في أواخر العام الماضي عندما أطلقت شركة أوبن إيه آي، وهي شركة أبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي، أداة محادثة جديدة للذكاء الاصطناعي تسمى ChatGPT (شات جي بي تي).

وأظهر مستخدمو هذه الأداة الجديدة قدرة الروبوت على نظم الشعر وتجهيز المستندات القانونية، وكتابة التعليمات البرمجية وشرح الأفكار المعقدة، بمجرد طلب بسيط، وذلك بتدريبه على كمية هائلة من البيانات عبر الإنترنت، ويمكنها كذلك إنشاء ردود طويلة على الأسئلة المفتوحة.

مخاوف من الذكاء الاصطناعي التوليدي

يتغذى ChatGPT على كميات ضخمة من البيانات، ليتمكن من توليد ردود على أسئلة المستخدمين. ورغم التكنولوجيا الأساسية لهذه الأداة، أدت سهولة إنشاء حساب وتجربة الأداة إلى الكثير من الجدل حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، ودفعت إدارة جوجل لإعلان حالة “التأهب القصوى” لأعمال البحث الخاصة بها.

وأضافت “سي إن إن” أن اعتماد المستخدمين على الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجاتهم من المعلومات، قد يؤدي إلى إضعاف الإعلان على محرك جوجل، الذي يعد جزءًا من قطاع الأعمال البالغ 149 مليار دولار في الشركة، مشيرة إلى أن التغطية الإعلامية لأداة ChatGPT تضاعفت بشأن هذه الفكرة.

جوجل ما زالت في الصدارة

قالت “سي إن إن”، إن جوجل تعمل على نطاق مختلف، ففي نوفمبر الماضي، تلقى موقع جوجل الإلكتروني أكثر من 86 مليار زيارة، مقارنة بأقل من 300 مليون زيارة لـChatGPT، وفقًا لموقع تحليل حركة المرور على الإنترنت SimilarWeb.

وأضافت أن جوجل تمتلك استثماراتها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي فائق التطور، وأصبح برنامج الدردشة الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي LaMDA، موضع جدال العام الماضي، بعد أن ادعى مهندس في الشركة أن الروبوت  أصبح “واعيًا”، ولديه القدرة على “التفكير والشعور”، إلا أن جوجل سارعت لنفي هذا الادعاء وطرد المهندس من الشركة.

آلة إعلانات تحت الضغط

أوضحت “سي إن إن” أن جوجل تعاني تراجعًا يمتد لعدة سنوات في حصتها الإعلانية عبر الإنترنت، مشيرة إلى أن محرك جوجل وصل إلى ذروته في عام 2017 محققًا 34.7% من الإعلانات الرقمية في السوق الأمريكية، وهو في طريقه لتحقيق 28.8% هذا العام، وفقًا لتقديرات موقع أكسيوس.

وأضافت أن جوجل ليست الشركة الوحيدة التي واجهت هذا الاتجاه، وأفادت أن عوامل أخرى، مثل الوباء والحرب الروسية الأوكرانية، أثرت في صناعة الإعلان الرقمية، وأن التراجع نتج أيضًا عن منافسة جديدة تواجهها جوجل في السوق، من منافسين شرسين مثل أمازون وتيكتوك وأبل التي تقتطع حصة أكبر من فطيرة الإعلان الرقمي.

الرياح المعاكسة

ذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية أن نشاط الإعلان في جوجل، الذي لا يزال ضخمًا، يواجه رياحًا معاكسة متزايدة، ويمكن أن تتفاقم هذه الرياح المعاكسة إذا تحقق بعض التوقعات بشأن الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو إذا أدت الدعاوى القضائية التي رفعتها العدل الأمريكية إلى إضعاف قبضة جوجل على الإعلانات الرقمية.

وأفادت الشبكة أن الحكومة الأمريكية طلبت من محكمة فيدرالية إلغاء عمليتي استحواذ، يُقال إنهما ساعدتا في ترسيخ احتكار جوجل للإعلان. وسيؤدي تفكيك آلة الإعلانات المدمجة بإحكام من جوجل، إلى استعادة المنافسة ومنع جوجل من جني أرباح احتكارية، وفقًا للحكومة الأمريكية.

حقبة جديدة

قالت “سي إن إن” إن الدعوى التي رفعتها وزارة العدل الأمريكية وغيرها من دعاوى مكافحة الاحتكار، على الرغم من كونها تهدد في حد ذاتها، تضيف ضغطًا إلى معضلة أوسع تواجه جوجل، وتنذر بحقبة جديدة من التغيير التكنولوجي المضطرب المحتمل.

ونقلت الشبكة تغريدة أحد مبتكري Gmail، بول بوشيت، التي نشرها العام الماضي وقال فيها إن محرك البحث في جوجل على وشك مواجهة أزمة التعطيل الكامل، وسيقضي الذكاء الاصطناعي على صفحة نتائج محرك البحث، التي تجني منها الشركة معظم أموالها.

ربما يعجبك أيضا