«واشنطن بوست»: أمريكا توسع وجودها في الفلبين واليابان لردع الصين

شروق صبري

اتخذت واشنطن خطوة أكبر لتعزيز وجودها في المحيطين الهندي والهادئ، لدعم مواقف القوة الأمريكية وتعزيز التحالفات وردع الصين.


سعت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، لأكثر من عقد من الزمان، لتعميق وجوده عبر سلاسل الجزر غرب المحيط الهادئ ليصعب على الصين تركيز هجماتها على القواعد الأمريكية.

وفي ظل اللحظة الراهنة، يستعد الجيش الأمريكي للتوسع في استخدام القواعد الفلبينية الرئيسة، وسط تغييرات كبيرة في أوضاع القوات الأمريكية باليابان.

لماذا توسع أمريكا وجودها في الفلبين؟

وفقًا لما قاله مسؤولون أمريكيون وفليبينيون لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، فقد اتخذ الجيش الأمريكي هذه القرارات وسط تطورات تعكس قلق الحلفاء من البيئة الأمنية المشحونة في المنطقة والرغبة في تعميق التحالفات مع واشنطن.

ويشمل التوسع الوصول إلى القواعد العسكرية الفلبينية، على الأرجح قاعدتان بجزيرة لوزون الشمالية، التي تمنح أمريكا موقعًا استراتيجيًّا يمكنها من شن عمليات حال نشوب صراع في تايوان أو بحر الصين الجنوبي، كما أنها تسهل التعاون بشأن المخاوف الأمنية كالاستجابة السريعة للكوارث الطبيعية والأحداث المتعلقة بالمناخ.

قرارات مرتقبة

حسب “واشنطن بوست” فإن المفاوضات تجرى حاليًّا، ومن المتوقع صدور قرار هذا الأسبوع بعدما يلتقي وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في “مانيلا”، نظيره الفلبيني ثم مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الفلبينية، لم يفصح عن هويته إن “الفلبين قد كثفت عملها خلال الأشهر الماضية لتقييم المواقع المختلفة، وحددت موقعين على الأقل يمكن الإعلان عنهما قريبًا”، في حين أوضح مسؤول دفاعي فلبيني أن “موقعين على الأقل من المواقع الجديدة في لوزون”.

جنود صينيون

لماذا تكثف الفلبين تعاونها العسكري مع واشنطن؟

حسب “واشنطن بوست” صرح مسؤول أمريكي بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، ناقش الأمر مع نظيره إدواردو أنيو في يناير 2023، وسط جهود أمريكية لتكثيف التعاون مع الحلفاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ (الهندوباسيفيك).

ورد مسؤول فلبيني على ذلك قائلًا إن “التعاون العسكري المتزايد مع أمريكا يدعم موقفنا الدفاعي”، خصوصًا أن مسعى الفلبين لتعزيز أمنها لا يستهدف أي دولة بعينها”.

أهمية التوسع الأمريكي في القواعد الفلبينية

قال المسؤول الفلبيني إن “الرئيس الفلبيني يدرك ديناميكيات المنطقة حاليًّا والفلبين بحاجة إلى الوجود الأمريكي في المشهد والرئيس يراقب جيدًا التطورات في مضيق تايوان وفي بحر الفلبين الغربي، وقد تلقت بلاده تحذيرات من عدة دول، حيث يتوقع أن تتصاعد التوترات”.

ومن جانبه قال مدير برنامج جنوب شرق آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جريجوري بولينج لـ”واشنطن بوست” إن “الوصول الأمريكي إلى القواعد الفليبينة ليس وحده العمود الفقري الأمني للمنطقة، ولكنها خطوة لتحديث التحالف لمواجهة أي طوارئ في تايوان أو بحر الصين الجنوبي”.

خلفية العلاقات بين الفلبين وأمريكا

كانت الفلبين أرضًا تابعة للولايات المتحدة، ثم حليفًا بمعاهدة دفاع متبادل منذ عام 1951، واستضافت وجودًا أمريكيًّا هائلًا بعد الحرب العالمية الثانية، بينها اثنان من كبرى المنشآت العسكرية الأمريكية بالخارج، لكن مجلس الشيوخ الفلبيني عده انتهاكًا لسيادة البلاد عام 1991، وأجبر واشنطن على التخلي عن جميع القواعد الأمريكية للفلبين.

وكان الرئيس الفلبيني السابق رودريجو دوتيرتي، مؤيدًا لبكين ومعاديًا لأمريكا، فقد هدد بإنهاء اتفاقية القوات الزائرة، التي أعطت الحماية القانونية للجيش الأمريكي بالفلبين، ولكن بعد زيارة أوستن للفلبين عام 2021، خلال مواجهة العدوان الصيني المتزايد بمياه الفلبين، تراجع دوتيرتي عن التهديد.

الوجود الأمريكي في الفلبين

بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز، EDCA، لعام 2014 يمكن لأمريكا الوصول إلى أربع قواعد جوية وقاعدة عسكرية واحدة بالفلبين التي تسمح للجيش الأمريكي بالعمل في مواقع متفق عليها على أساس التناوب، مع العلم أنه لا توجد أي من القواعد الخمس في شمال لوزون، وفقًا لـ”واشنطن بوست”.

وحسب الصحيفة الأمريكية فإن “الاتفاقية” توفر مزايا اقتصادية للفلبين، حيث إن الولايات المتحدة قد استثمرت أكثر من 82 مليون دولار في القواعد الحالية، مع توجه غالبية العقود الداعمة للمشاريع إلى الشركات الفلبينية.

Balikatan scaled 1
كيف تستعد أمريكا لمواجهة الصين؟

جاء التوسيع المتوقع لـ”EDCA” عقب إعلان أمريكا في يناير 2023 أن سلاح مشاة البحرية الأمريكية، يعمل على تجديد وحدة في “أوكيناوا” اليابانية، لتكون أكثر قدرة على القتال في الجزر النائية بحلول عام 2025.

وبموجب الخطة، تجهز أمريكا فوجًا ساحليًّا بحريًّا جديدًا بقدرات متقدمة، مثل الصواريخ المضادة للسفن التي يمكن إطلاقها على السفن الصينية في حالة نشوب نزاع في تايوان، حسب “واشنطن بوست”.

بداية التوترات

ساد العلاقات بين أمريكا والفلبين دفء، فكان الرئيس بايدن أول زعيم أجنبي يتصل بالرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس في مايو 2022 لتهنئته بالرئاسة، ولكن المسؤولين يقولون إن التحالف متجذر في الاعتراف بأن المنطقة أصبحت مكانًا أكثر خطورة.

وفي نوفمبر، استولى خفر السواحل الصيني بالقوة على حطام الصواريخ الصينية التي كانت تسحبها البحرية الفلبينية بالقرب من إحدى الجزر التي تسيطر عليها الفلبين، حسب صحيفة “واشنطن بوست”.

ووفقًا للصحيفة الأمريكية فإنه في ديسمبر 2022 حشدت سفن الميليشيات الصينية في بحر الفلبين الغربي، وفي يوم 25 يناير، دفعت السفن الصينية الصيادين الفلبينيين بعيدًا عن الشعاب المرجانية التي تتمتع فيها الفلبين بحقوق الصيد الحصرية.

س4ث
أهمية الوجود الأمريكي في الفلبين

قال الرئيس التنفيذي لمركز دراسات الولايات المتحدة بجامعة سيدني، مايكل ج. جرين، لـ”واشنطن بوست”، إن الوجود الأمريكي يساعد دولًا مثل الفلبين على ضمان عدم شن الصين هجومًا على تايوان أو اليابان.

وأضاف جرين، الذي تولى قضايا آسيا في البيت الأبيض في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش: “الفلبين لا توافق بالضرورة على خطط الحرب الأمريكية في حد ذاتها، ولكنها خطوة كبيرة إلى الأمام، ستشجع أمريكا وحلفاءها، مثل اليابان، على التصدي للصين وتوجيه رسالة إليها بأن الخسائر كبيرة”.

ربما يعجبك أيضا