وسائل إعلام غربية: تفجير جسر القرم يضع بوتين أمام خيارات صعبة

آية سيد
كيف وصلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى القرم؟

يأتي تفجير جسر القرم في وقت تشهد فيه روسيا هزائم في ميدان المعركة، ما يضع الكرملين أمام خيارات صعبة.


انفجرت شاحنة على جسر القرم، الذي يمر فوق مضيق كيرتش، ويربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، فجر أمس السبت 8 أكتوبر 2022، فقُتل 3 أشخاص واحترقت 7 عربات قطار لنقل الوقود.

ويعد الجسر شريانًا رئيسًا للقوات الروسية التي تسيطر على معظم منطقة خيرسون، الواقعة جنوبي أوكرانيا، ولميناء سيفاستوبول البحري الروسي، بحسب ما أوردت وكالة “رويترز“. ويأتي هذا التفجير في وقت تشهد فيه روسيا هزائم في ميدان المعركة، ما يضع الكرملين أمام خيارات صعبة.

دلالة تفجير جسر كيرتش

في تحليل نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية، السبت 8 أكتوبر، رأى الكاتب نيك باتون والش، أن تفجير جسر القرم يعجّل بالقرارات الاستراتيجية التي يجب أن يتخذها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشأن احتلال روسيا جنوب أوكرانيا، لافتًا إلى أن هذا الوجود يعاني سوء الإمداد والإدارة، والتراجع.

وكذلك يُظهر أن خط السكة الحديدية الرئيس إلى القرم ثم إلى الخطوط الأمامية في خيرسون معرّض لخطر الهجمات المستقبلية. وفي حين لم تعلن كييف مسؤوليتها عن تفجير جسر كيرتش، فقط أعلنت مسؤوليتها عن سلسلة من الضربات على أهداف في القرم على مدار الصيف الماضي.

تفجير جسر القرم

خريطة توضح جسر كيرتش

تحدِّي بوتين

بحسب والش، يواجه بوتين سلسلة من القرارات العاجلة والمؤلمة، التي ستدحض جميعها تظاهره بالفخر وكلامه المنمق في وجه علامات الهزيمة البطيئة، فالقوات الأوكرانية تحاصر جيشه في خيرسون، غربي نهر الدنيبرو، الذي كان في حالة تراجع بالفعل، جزئيًّا بسبب ضعف إعادة إمداد القوات الذي سيفاقمه تفجير جسر القرم.

وذكر والش أن القوات الروسية انقطعت عن خط الإمداد المتعثر مجددًا عبر سلسلة أخرى من الجسور المدمرة أو المستهدفة عبر دنيبرو. وعلى مدار الأسبوع الماضي، تراجع الروس أكثر من 500 كيلومتر مربع. وتساءل الكاتب: هل تستطيع موسكو تعزيز هذه القوة عبر طريقي إمداد متضررين؟ وهل وصلت الحقيقة إلى الرئيس الروسي كي يسحب قواته؟ أم أنه سيجازف وينشر قواته المعزولة في مساحة واسعة؟

خيار صعب في القرم

بحسب تحليل والش، يواجه بوتين الخيار الصعب بتحصين القرم أكثر بقوات مستنزفة تواجه مشكلات في إعادة الإمداد، أو سحب جيشه جزئيًّا لضمان عدم قطع موارده الكبيرة على شبه الجزيرة. ولفت والش إلى وجود مخاطرة كبيرة في هذا، لأن جسر كيرتش قد يُضرب مرة أخرى، فخط السكة الحديدية الذي يمر عبر ميليتوبول أصبح هدفًا ذا قيمة ضخمة.

وفي السياق ذاته، صرح الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، الأسبوع الماضي، بأن الهجوم من زابوروجيا تجاه ميليتوبول كان محتملًا. وقال والش إن احتمالية أن يتعطل آخر خط سكة حديدية روسي يتجه إلى الجنوب، تثير مشكلات وجودية للاحتلال الروسي.

بين المطرقة والسندان

يجب على بوتين الآن الاختيار بين تغذية طموحه الأكبر بفرصة نجاح متضائلة، أو تعزيز قواته حول هدف يملك فرصة أكبر لتحقيقه. ووفق والش، يحمل الخيار الأول خطر الانهيار الكارثي لمغامرة بوتين الوحشية في أوكرانيا، وربما حكمه، في حين يتركه الخيار الثاني أمام الخسارة الفورية لماء وجهه، لكن بفرصة أقوى لتعزيز احتلاله أجزاءً صغيرة من أوكرانيا.

واختتم الكاتب تحليله بأن ضربات كييف الذكية والمتأنية على خطوط النقل المتقادمة في روسيا، تركت بوتين أمام مجموعة من القرارات الوجودية التي يجب عليه اتخاذها في الساعات المقبلة.

نقطة تحوُّل

وفق تحليل لمراسلة “سكاي نيوز” في موسكو، ديانا ماجناي، السبت 8 أكتوبر، فإن تفجير جسر القرم أشبه بضربة لمكانة روسيا مثل خسارة الطراد موسكفا في إبريل الماضي. ولكن حقيقة أن صور الجسر المشتعل تنتشر في وسائل الإعلام الروسية ستجعل هذا الهجوم يلقى أصداءً لدى الجمهور أكثر من خسارة موسكفا.

وأشارت ماجناي إلى أن هذا الهجوم قد يكون نقطة تحول أيضًا، لأنه يستدعي ردًّا، من وجهة النظر الروسية. وهذا لأن القرم تحظى بمكانة خاصة في قلوب الروس، الذين أيدوا ضمها في 2014 ويمضون عطلاتهم هناك. وعليه سوف يتعين على الرئيس الروسي اتخاذ بعض القرارات الصعبة.

صد الطموح الأوكراني

في ظل التراجع الذي تشهده القوات الروسية في ميدان المعركة، في خاركيف، ثم خيرسون، والآن جسر كيرتش، يشير هذا التفجير إلى أن نية أوكرانيا لاستعادة القرم حقيقية، على الرغم من أنه لا يزال طموحًا بعيد المنال.

ولفت التحليل إلى أن الدعوات من المؤسسة الوطنية الروسية تتصاعد. وفي تغريدة على تويتر، كتب المشرع الروسي الموالي للكرملين، سيرجي ميرونوف: “لقد انتهت العملية العسكرية الخاصة، وحان وقت القتال الآن. لا سبيل إلى التراجع”.

خيارات أكثر شرًّا

منذ أعلن بوتين التعبئة العسكرية الجزئية، لم يسر الأمر جيدًا. وبحسب ماجناي، فإن التعبئة الكاملة وإعلان الحرب لن يحظيا بشعبية أيضًا، وقد لا يحدثا فرقًا في مسار الحرب. وهذا يترك بوتين أمام الخيارات الأكثر شرًّا، فمثل ما قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في تصريحات يوم الجمعة الماضي، ربما يلجأ بوتين إلى الأسلحة النووية، أو البيولوجية أو الكيميائية.

ووفق التحليل، قد يقرر بوتين استهداف كييف، أو يتخذ خطوات تخاطر بإشعال مواجهة أوسع نطاقًا. وذكرت ماجناي أنه نظرًا للضغوط والانتقادات التي يتعرض لها بوتين، ووزير دفاعه، داخليًّا، ونظرًا لقلة سبل الخروج من هذا المأزق الذي أقحم نفسه فيه، لن ينتهي الصراع على خير.

ربما يعجبك أيضا