وسط رياح الركود.. خطة ألمانية لكبح أزمة الطاقة تثير غضب بروكسل

ولاء عدلان

رئيس اتحاد جمعيات أصحاب العمل الألمانية: إذا لم تحصل الشركات على دعم يوازي زيادة ارتفاع تكاليف المواد الخام والطاقة، فإن الخيار الوحيد أمامها سيكون تقليص الإنتاج.


أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، نهاية الأسبوع الماضي، تراجع الناتج الصناعي خلا شهر أغسطس 2022، 0.8% على أساس شهري، في أحدث إشارة على تباطؤ أكبر اقتصاد في أوروبا.

وذكرت مصادر لوكالة “رويترز”، يوم الخميس الماضي 6 أكتوبر 2022، أن حكومة برلين تتوقع أن ينزلق الاقتصاد إلى الركود في 2023، بفعل أزمة الطاقة، التي تسعى جاهدة لاحتوائها عبر خطة مليارية كشفت عنها نهاية سبتمبر الماضي، وتطمح من خلالها لدعم الأسر والشركات.

أسعار الطاقة تضغط على الصناعة الألمانية

قال مكتب الإحصاء الاتحادي، في بيان، إن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة شهدت، خلال أغسطس، انخفاضًا في معدلات الإنتاج 2.1%، على أساس شهري، مسجلة أكبر نسبة انخفاض، مقارنة بباقي الصناعات، وقال رئيس اتحاد جمعيات أصحاب العمل الألمانية، راينر دولجر: “أسعار الطاقة أصبحت مرتفعة للغاية، يشعر الخبازون بتأثيراتها تمامًا مثل شركات الصلب والكيماويات”.

وأضاف دولجر، متحدثا في مؤتمر لأرباب العمل الألمان، الثلاثاء الماضي: “لدينا وضع اقتصادي مأساوي، ونكافح مع ارتفاع للتضخم، وأسعار مرتفعة للطاقة، ونقص حاد في المواد الخام، وإذا لم تحصل الشركات على دعم يوازي زيادة ارتفاع تكاليف المواد الخام والطاقة، فإن الخيار الوحيد أمامها سيكون تقليص الإنتاج، أو التخلي عن المئات من الموظفين”، وفق ما نقلته عنه شبكة “دوتشيه فيليه”.

خطة إنقاذ بـ200 مليار يورو

توقعت الحكومة الألمانية، في قراءة أولية، أن يتجاوز معدل التضخم 10%، في سبتمبر الماضي، ليسجل أعلى مستوياته منذ المستوى القياسي المسجل عام 1951 عند 11%، مدفوعًا بارتفاع تكاليف الطاقة 43.9%، والغذاء 18.7%، مقارنة بسبتمبر 2021، تزامنًا مع انتهاء إجراءات خفض تذاكر وسائل النقل العام، والتخفيضات الضريبية على الوقود، وفق “سي إن بي سي”.

وتتوقع برلين استمرار ارتفاع التضخم خلال العامين الحالي والمقبل، وأمام هذا، أعلنت نهاية سبتمبر تخصيص نحو 200 مليار يورو، أي ما يعادل نحو 195 مليار دولار، لتحديد سقف لأسعار الطاقة، وتخفيف العبء عن المستهلكين والشركات، في أحدث خطة لإظهار قوة ألمانيا، في ما وصفه وزير المالية، كريستيان ليندنر بـ “حرب الطاقة” مع روسيا.

63287281 7

درع ألمانيا الدفاعي

نقلت “فرانس برس” عن مصادر، لم تسمها، أن الحكومة الألمانية ستناقش، غدًا الاثنين، خطوات إطلاق صندوق لتخفيف أزمة الطاقة، وقال المستشار الألماني، أولاف شولتز، في 29 سبتمبر: “الحكومة ستبذل قصارى جهدها لخفض الأسعار للأسر والشركات على السواء”، مضيفًا “نحن نصنع درعًا دفاعيًّا”، وبحسب المعلن تشمل خطة شولتز وضع حد لأسعار الغاز، وتخفيض ضريبة المبيعات على الوقود.

وقال وزير المالية الألماني، في ختام مفاوضات حكومية: “الصندوق البالغة قيمته 200 مليار يورو، يمثل ردًا واضحًا على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مفاده.. أننا أقوياء اقتصاديًّا”، وخفضت ألمانيا اعتمادها على الغاز الروسي من 55% في 2021، إلى 35% في يونيو الماضي، في المقابل، أوقفت موسكو إمدادات الغاز إلى ألمانيا عبر “نورد ستريم 1” في أغسطس الماضي.

انتقادات لخطة ألمانيا

انتقد وزراء مالية منطقة اليورو، الاثنين الماضي، الخطة الألمانية، داعين إلى التصدي لأزمة أسعار الغاز عبر تنسيق أوروبي موحد، وقال المفوض الأوروبي للاقتصاد، باولو جينتيلوني، الاثنين الماضي من بروكسل، إن السياسات المالية للدول الأعضاء يجب ألا تعقد محاولات الكتلة لخفض التضخم، مشيرًا إلى أن زيادة الإنفاق ستؤدي إلى نتائج عكسية، وذلك دون إشارة مباشرة إلى ألمانيا، وفق شبكة “يورو أكتيف”.

ووجه رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، انتقادًا لاذعًا لـ”برلين”، قائلًا إن ألمانيا والدول الغنية يمكنها تحمل نفقات إنقاذ شركاتها بمليارات اليورو، ولكن الدول الفقيرة لا تستطيع ذلك، واتفق معه مفوض السوق الداخلية بالمفوضية الأوروبية، تييري بريتون، متعهدًا بمراجعة خطة ألمانيا من قبل المفوضية، والتدقيق بشأن تأثيرها في تكافؤ الفرص بين دول الاتحاد، في ما يتعلق بأزمة الطاقة.

ركود في الأفق

حاول وزير المالية الألماني الدفاع عن حزمة إغاثة الطاقة، قائلًا إن بلاده تتخذ إجراءات تتناسب مع حجم اقتصادها، وتتماشى مع ما قدمته دول أوروبية أخرى، ولا تشكل حزمة تحفيز اقتصادي من شأنها تسريع التضخم، في حين توقع “سيتي بنك” أن تسهم الخطة الألمانية التي تمثل 5% من الناتج المحلي الألماني في خفض التضخم 2% في 2023، دون أن تمنع سقوط أكبر اقتصاد أوروبي في دائرة الركود.

وتوقع استطلاع لـ”رويترز” أن ينكمش الاقتصاد الألماني 0.1% و 0.3% خلال الربعين الثالث والرابع من 2022، و0.2% خلال الربع الأول من 2023، وقالت مصادر لـ”رويترز” في 6 أكتوبر إن الحكومة الألمانية تتوقع أن ينكمش الاقتصاد 0.4% في العام المقبل، وفي يوليو خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد ألمانيا إلى 0.8% في 2023، من 2.4%.

ربما يعجبك أيضا