وسط غموض وتكهنات.. أين اختفى وزير الخارجية الصيني؟

أثار غياب وزير خارجية الصين، تشين جانج، عن الظهور العلني الكثير من التساؤلات والتكهنات، في بلد يشتهر بالتعتيم السياسي.

وحسب ما أفادت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أمس الاثنين 17 يوليو 2023، لم يظهر الوزير الصيني علنًا منذ 3 أسابيع، وهي فترة غياب غير عادية في فترة تشهد نشاطًا دبلوماسيًّا مكثفًا في بكين.

آخر ظهور

كان آخر ظهور علني للدبلوماسي الصيني البارز في 25 يونيو الماضي، بعدما التقى مسؤولين من سريلانكا وفيتنام وروسيا في بكين، وفق “سي إن إن”.

وفي آخر ظهور علني له، شوهد تشين وهو يسير مبتسمًا جنبًا إلى جنب مع نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، الذي سافر إلى بكين لمقابلة مسؤولين صينيين بعد تمرد مجموعة فاجنر الروسية الخاصة شبه العسكرية.

اقرأ أيضًا| الصين الأكبر عالميًّا ومصر السابعة.. هل تتغير خارطة الاقتصاد العالمي؟

اختفاء غامض

وزير الخارجية الصيني، تشين جانج

تعليقًا على اختفاء وزير خارجية الصين، قال المحرر السابق في صحيفة تابعة للحزب الشيوعي الصيني، دينج يوين، الذي يعيش الآن في الولايات المتحدة: “من الغريب جدًّا أن وزير خارجية الصين لم يظهر علنًا لأكثر من 20 يومًا، نظرًا إلى مكانة الصين ونفوذها في العالم”.

ومن جهة أخرى، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، في مؤتمر صحفي، إنها “ليست لديها معلومات” تقدمها بشأن اختفاء تشين، مضيفةً أن أنشطة الصين الدبلوماسية تسير كالمعتاد، حسب ما نقلت “سي إن إن”.

نشاط دبلوماسي صيني

أصبح غياب تشين جليًّا وسط موجة النشاط الدبلوماسي في العاصمة الصينية، بكين، في الأسابيع الأخيرة، التي شملت زيارات رفيعة المستوى للمسؤولين الأمريكيين البارزين، جانيت يلين وجون كيري.

وكان من المفترض أن يلتقي وزير الخارجية الصيني مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في 5 يوليو الجاري، في بكين.

لكن الاجتماع تأجل بعدما أخبرت الصين الاتحاد الأوروبي قبل وصول بوريل بيومين أن التاريخ “لم يعد مناسبًا”، وفق ما أوردت وكالة أنباء رويترز، نقلًا عن متحدث باسم الاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضًا| وزيرة الخزانة الأمريكية في الصين.. هل تنجح محاولات رأب الصدع؟

أسباب صحية؟

غاب تشين أيضًا عن الاجتماع السنوي لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في إندونيسيا، الأسبوع الماضي، وحضر بدلًا منه كبير دبلوماسيي الصين، وانج يي. وحسب رويترز، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي، إن تشين لم يستطع حضور اجتماع آسيان “لأسباب صحية”.

لكن ذلك الرد لم يكن موجودًا في النسخة الرسمية لنص المؤتمر الصحفي على موقع الوزارة. وحسب “سي إن إن”، غالبًا ما تُسقط وزارة الخارجية الصينية المحتوى الذي تعتبره حساسًا من نسخ مؤتمراتها الصحفية.

وعلى الرغم من ذلك، فشل التعلل بـ”الأسباب الصحية” في تهدئة موجة التكهنات بشأن عدم ظهور وزير الخارجية الصيني.

علاقة عاطفية

تشين جانج في حوار مع المذيعة الصينية، فو شياوتيان

أثار الاختفاء المطول لوزير الخارجية الصيني إشاعات بشأن دخوله في علاقة غرامية مع المذيعة الصينية الشهيرة فو شياوتيان، التي اختفت عن الأنظار لفترة بعد ظهور “حوار يحمل مغازلة” بين الاثنين، وفق ما أوردت صحيفة ديلي ميل البريطانية.

وتُعد المذيعة الصينية واحدة من أبرز الشخصيات في التليفزيون الصيني، وتجري حوارات بانتظام مع كبار المسؤولين الصينيين. لكنها لم تظهر هي وطفلها منذ فترة، ما فتح المجال لتداول الإشاعات بشأن ارتباطها بتشين، خاصة في صحف تايوان وهونج كونج.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن الانخراط في علاقات غرامية خارج إطار الزواج ليس بالأمر الغريب على المسؤولين الصينيين، لكن يمكن استخدامه كذريعة لإقصاء من يعارضون القيادة.

انتشار الإشاعات

تشين جانج في حوار مع المذيعة الصينية، فو شياوتيان

أوضح المحلل دينج يوين أن ما يحرك الإشاعات هو غياب الشفافية في النظام السياسي الصيني، الذي تخضع فيه المعلومات لحماية مشددة وتُتخذ القرارات المهمة خلف الأبواب المغلقة، مضيفًا أن هذا التعتيم السياسي تفاقم تحت حكم شي جين بينج، الذي يضيق الخناق على المعارضة ويركز السلطة في يديه.

وقال في تصريحات إلى “سي إن إن”: “هذه مشكلة الأنظمة الاستبدادية، التي تكون غير مستقرة بطبيعتها لأن كل شيء يقرره القائد الأعلى وحده”، مشيرًا إلى أنه إذا حدث أي شيء لمسؤول رفيع، “سيتساءل الناس إذا كانت علاقته بالقائد الأعلى توترت أو إذا كانت هذه علامة على الاضطراب السياسي”.

ولفت دينج إلى أن ما يضيف إلى حساسية اختفاء تشين هي علاقته الوثيقة بالرئيس الصيني، موضحًا أن شي “رفع رتب تشين جانج في السلطة، ولذلك ستنعكس أي مشكلة لتشين سلبًا على الرئيس الصيني أيضًا، في إشارة إلى أنه فشل في اختيار الشخص المناسب للوظيفة”.