رؤية- محمود رشدي
وأعلنت السلطات البحرية التركية نيتها إجراء عمليات تنقيب عن الغاز حتى سبتمبر في منطقة من البحر المتوسط، وتقول السلطات القبرصية إنها تندرج ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للجزيرة، وأوضحت البحرية التركية أن عمليات التنقيب ستجريها السفينة “الفاتح” وثلاث سفن مساندة لوجستية.
توترات بين أثينا وأنقرة
سبق أن أدت محاولات استغلال النفط والغاز في شرق المتوسط إلى توترات بين أثينا وأنقرة، وتتنازع تركيا وحكومة القبارصة اليونانيين المعترف بها دوليا في قبرص حقوق التنقيب عن النفط والغاز بمكامن بحرية في شرق المتوسط من المعتقد غناها بالغاز الطبيعي.
كانت تركيا قد دشنت سفينة الحفر الأولى لها “فاتح” في أكتوبر الماضي للتنقيب قبالة ساحل محافظة أنطاليا بجنوب البلاد، وقالت: إن سفينة ثانية اشترتها ستعمل في البحر الأسود، ويقول شمال قبرص الانفصالي، المدعوم من تركيا، إن له حقوقا أيضا في أي ثروة بحرية باعتباره شريكا في تأسيس جمهورية قبرص في 1960.
بينما يقول القبارصة اليونانيون -الذين يديرون حكومة الجزيرة المعترف بها دوليا- إن أي فوائد تجنى من اكتشافات الغاز في المستقبل سيتقاسمها جميع القبارصة في نهاية المطاف.
قلق مصري وأوروبي
أكدت الخارجية المصرية -في بيان رسمي، يوم السبت- أن القاهرة تتابع باهتمام وقلق التطورات الجارية بشأن ما أُعلن عن نوايا تركيا البدء في أنشطة حفر في منطقة بحرية تقع غربي جمهورية قبرص.
وحذّر بيان صادر عن وزارة الخارجية “من انعكاس أي إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط، مؤكدا ضرورة التزام أي تصرفات لدول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه”، وقد تثير الخطوة التركية التوترات مع جارتيها قبرص واليونان بخصوص ملكية الموارد الطبيعية.
من جهتها، أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن قلقها حيال إعلان تركيا نيتها القيام بأنشطة تنقيب (عن الغاز) في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، كما ندد المجلس الأوروبي بشدة بمواصلة تركيا أنشطتها غير القانونية في شرق البحر المتوسط.
وأضافت موغيريني، “في هذا السياق، ندعو تركيا بإلحاح إلى ضبط النفس واحترام الحقوق السيادية لقبرص في منطقتها الاقتصادية الخالصة والامتناع عن أي عمل غير قانوني”، مؤكدة أن “الاتحاد الأوروبي سيرد عليه بشكل ملائم وبتضامن كامل مع قبرص”.
منتدى غاز المتوسط
يشكل “منتدى غاز شرق المتوسط” فرصة للدول المتوسطية لتحقيق تعاون أكبر يعود بالنفع عليها، خصوصا مع وجود احتياطات كبيرة من الغاز في هذا الإقليم، التي تقدر بنحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وأعلن وزراء الطاقة في 7 دول إنشاء المنتدى الاقتصادي، على أن يكون مقره العاصمة المصرية، القاهرة، والدول المشاركة في إنشاء المنتدى بالإضافة إلى مصر هي: إيطاليا، واليونان، وقبرص، والأردن، وإسرائيل، وفلسطين، على أن تكون العضوية مفتوحة لمن يرغب بذلك.
إن هدف المنتدى الرئيسي هو العمل على إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية”.
صراع يتمدد
امتد الصراع على الغاز الطبيعي والمناطق الاقتصادية الخالية ليصل إلى تركيا من جانب، وقبرص وإسرائيل من جانب آخر. فعلى خلفية توقيع الاتفاقية الإسرائيلية – القبرصية، رفضت تركيا الاتفاقية، واعتبرت أن الحكومة القبرصية لا يحق لها التوقيع على أي اتفاقية دولية، أو البدء في أي عمليات تنقيب طالما ظلت أزمة جزيرة قبرص قائمة، على اعتبار أن أي موارد سيتم استخراجها يحق للطرفين استغلالها. وإثر ذلك بدأ الصراع يأخذ مسارا أكثر تشددا بعد قيام تركيا بتوقيع اتفاق مع جمهورية شمال قبرص التركية، للتنقيب عن الموارد النفطية بالقرب من السواحل المقابلة لشمال قبرص.
وبات واضحا أن الغاز قد أصبح يُمثل إحدى أبرز وسائل التوظيف السياسي لتصفية الحسابات السياسية بين القوى الإقليمية، لا سيما مع وصول أنظمة سياسية إلى سدة الحكم ليست على وفاق مع نظيرتها في الدول الأخرى. وقد تجلى ذلك بوضوح في الصراع السياسي الذي نشب بين مصر وتركيا على خلفية سقوط نظام الإخوان بعد ثورة 30 يونيو من جانب، وبين قبرص وتركيا إثر الاعتراف التركي بشمال قبرص، وبين تركيا واليونان على خلفية الصراعات التاريخية بشأن القضية القبرصية وبحر إيجه.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=350125