قوة الدولار تربك الاقتصادات الناشئة.. مخاوف من أزمة ديون جديدة

ولاء عدلان

صندوق النقد الدولي: 25% من الأسواق الناشئة و60% من البلدان منخفضة الدخل في حالة ضائقة ديون أو قريبة منها.


قرر بنك الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأمريكي) أمس الأربعاء 21 سبتمبر 2022، رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس إلى نطاق بين 3 و3.25%، وهو أعلى مستوى منذ 2008.

وألمح المركزي الأمريكي إلى خطة للاستمرار في رفع الفائدة، وصولًا إلى مستوى 4.6% في عام 2023، في إشارة إلى استعداده للمخاطرة بتقويض النمو الاقتصادي، وزعزعة استقرار أسواق الأسهم، وتعميق أزمة الديون في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، لكبح التضخم المتصاعد.

الدولار يحلق إلى مستويات تاريخية

قال رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي، جيروم باول، خلال مؤتمر صحفي اليوم الخميس، إن البنك سيواصل تشديد سياسته، لحين رؤية مؤشرات على عودة التضخم إلى مستواه المستهدف عند 2%، بعد أن تجاوز 9% يونيو الماضي. وألمح باول إلى عدم خفض الفائدة قبل نهاية 2023، رغم خفض البنك لتوقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي هذا العام إلى 0.2% من 1.7% في توقعاته السابقة، وفق “سي إن بي سي”.

وفي أول ردة فعل على نهج المركزي الأمريكي، واصل مؤشر الدولار، صباح اليوم الخميس، الصعود إلى مستوى 111.79 نقطة، مسجلًا أعلى مستوياته منذ منتصف 2002، ودافعًا عملات رئيسة مثل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياتها منذ 20 عامًا و24 عامًا و37 عامًا على الترتيب، وتراجعت عملات مثل الروبية الهندية والليرة التركية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار.

تغريدة الاحتايطي

الدولار القوي يعمق أزمة الديون

حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، هذا الشهر، من انفجار أزمة ديون عالمية، وأوضحت أن 25% من الأسواق الناشئة، و60% من البلدان منخفضة الدخل في حالة ضائقة ديون أو قريبة منها، وسبق أن حذر الصندوق في إبريل ويوليو الماضيين من أن موجة التشديد النقدي التي يقودها المركزي الأمريكي ستوجة ضربة قاسية للاقتصادات الناشئة والبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.

وبضغط من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومخاوف الركود الاقتصادي العالمي وقوة الدولار، بدأت أزمة الديون تظهر في إبريل الماضي، عندما تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها السيادية، مع توقعات بمزيد من حالات التعثر في بلدان مثل باكستان ونيجيريا، لاستمرار رفع الفائدة الأمريكية وقوة الدولار، ما يعني زيادة أعباء خدمة ديون الدول الناشئة والنامية المقومة بالدولار، وفق “فايننشال تايمز” و”جلوبال تايمز”.

مؤشر الدولار

مسار ارتفاع الدولار الأمريكي منذ مارس

كارثة تهدد البلدان منخفضة الدخل

قال مدير قسم ديون الأسواق الناشئة في “فرونتير إنفستمنت مانجمنت”، فرانسيس بالسيلس، لإذاعة “إن بي آر” الأمريكية، في 2 سبتمبر الحالي، إن رفع الفائدة الأمريكية غالبًا ما يؤدي إلى كارثة للبلدان منخفضة الدخل، فالأمر لا يقتصر على أن هذه الدول لديها ديون مقومة بالدولار ستصبح قيمتها أعلى بفعل ارتفاع الدولار، بل سيتعين عليها الآن دفع المزيد مقابل وارداتها المشتراة بالدولار.

ولفت بالسيلس إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة عالميًّا بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن أزمات الديون العالمية مثل أزمة ديون أمريكا اللاتينية في الثمانينات، وأزمة البيزو المكسيكي في 1994، والأزمة البرازيلية في أوائل عام 2000، غالبًا تزامنت مع جولات من رفع الفائدة الأمريكية.

Untitledsdssd

الدول الأعلى مديونية حول العالم

مزيد من الألم

توقع فرانسيس بالسيس أن تكون اقتصادات الأسواق الناشئة الأصغر والمثقلة بالديون، مثل الإكوادور وغانا وزامبيا، أكثر عرضة من غيرها للأزمات والتعثر في سداد الديون، مع استمرار التشديد النقدي في أمريكا. في حين يرى الزميل المشارك في مؤسسة “تشاتام هاوس البحثية”، فاسوكي شاستري، أن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية سيعمق الألم الاقتصادي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

ويضيف شاستري لـ”إن بي آر” أن هذا الألم قد يطول، لغياب التنسيق العالمي لمواجهته، في ظل حالة الاستقطاب الشديدة الناجمة عن الحرب. واتفق معه كبير الاقتصاديين في “مؤسسة الاستشارات السيادية العالمية”، جوليان مارسيلي، قائلًا لصحيفة “لوموند” إن الدولار سيواصل ارتفاعه بوصفه ملاذًا آمنًا للمستثمرين، مع استمرار حرب أوكرانيا وتباطؤ اقتصاد الصين وارتفاع عدم اليقين الاقتصادي عالميًّا.

ربما يعجبك أيضا