«وعد الرخاء».. هل ينجح في انتشال الأرجنتين من الأزمة المالية؟

هل ينجح الرئيس الأرجنتين في علاج الألم الاقتصادي بالبلاد؟

شروق صبري
الأرجنتين

الفقر والجوع وأسعار المواد الغذائية آخذة في الارتفاع، لكن خافيير مايلي يقول إن "وعد الرخاء" أصبح في متناول اليد إذا أمكن تنفيذ إصلاحاته الشاملة.


تسببت ثورة السوق الحرة التي وعد بها أثار الرئيس الأرجنتينى، خافيير مايلى، عندما تولى منصبه في ديسمبر 2023 في آلام اقتصادية عميقة في الأرجنتين.

بينما يقول مايلي إن إصلاحه الاقتصادي ضروري لاستعادة الرخاء لدولة مفلسة مزقتها أعلى معدلات التضخم في العالم. وأضاف في آخر مؤتمراته الاقتصادية “للمرة الأولى منذ 150 عاماً، نعمل على تهيئة الظروف اللازمة لتحويل كل هذه الهبات التي منحها الله لنا إلى وعد بالرخاء”.

مواجهة التضخم

كما حذر الرئيس نفسه من أن التغييرات لن تكون سهلة، خاصة في أنه سيهاجم التضخم من خلال خفض الإنفاق العام السخي تقليديًا على كل شيء حتى في دعم الطاقة للشركات الحكومية غير الفعالة. لذلك فإن الحكومة والعديد من الاقتصاديين يراهنون على أن الأسوأ قد مر.

ومن ناحية أخرى، اجتذبت شخصية مايلى الغريبة وعلاجاته بالصدمة والرعب اهتماما عميقا من المليارديرات مثل إيلون ماسك، وبيتر ثيل، وستانلي دروكينميلر، التاجر الذي قال لقناة CNBC الإخبارية الأمريكية إنه اشترى أسهم أرجنتينية على أمل رؤية انتعاش اقتصادي في نهاية المطاف. وفق ما نشرته وول ستريت جورنال الأمريكية يوم، 12 مايو 2024.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأرجنتين

ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأرجنتين

استقرار عملة البيزو

من المفترض أن تظهر بيانات التضخم لشهر أبريل يوم الثلاثاء 14 مايو 2024، بانخفاض عن المعدل الشهري البالغ 25% في ديسمبر 2023. وفي الربع الأول، سجلت الحكومة فائضا ماليا، وهو الأول منذ 16 عاما، حيث توقفت عن طباعة النقود دون رادع والتي كانت تغذي التضخم. وقد أدى ذلك إلى استقرار قيمة عملة البيزو في البلاد.

وبينما لا تزال احتياطيات البنك المركزي منخفضة للغاية، فقد جمعت الحكومة نحو 12 مليار دولار في الأشهر الأخيرة، وفقا لمعهد التمويل الدولي. لذلك قال الخبير الاقتصادي الأرجنتيني، كلاوديو لوسر، وهو يعمل في مجموعة سينتينيال ومقرها واشنطن، وهي شركة استشارية تركز على الأسواق الناشئة: “أرى الضوء في نهاية النفق”.

أزمة اقتصادية

كان قد تولى مايلي منصبه العام الماضي في الوقت الذي كانت فيه الأرجنتين تعاني من أزمتها الاقتصادية الأخيرة. ومع عجزها عن الوصول إلى الأسواق الدولية، قامت الحكومة السابقة بطباعة النقود لتغطية العجز في ميزانيتها، مما أدى إلى زيادة التضخم حيث خسر البيزو 90% من قيمته.

وأدت الضوابط على العملة والأسعار إلى نقص في الأساسيات مثل الأرز والقهوة، وعلقت شركات صناعة السيارات الإنتاج بسبب ندرة الدولارات اللازمة لاستيراد الإمدادات.

خفض الإنفاق الحكومي

قام الرئيس الاقتصادي، الذي يصف نفسه بأنه ليبرالي، بخفض الإنفاق الحكومي الأولي بنسبة 40% في الربع الأول من عام 2024، إلى حد كبير عن طريق خفض التحويلات المالية إلى المحافظات، ووقف الأشغال العامة، وحافظ على الرواتب ومعاشات التقاعد عند مستويات ثابتة بدلا من رفعها.

ويقول الاقتصاديون إن هذا التكتيك، المعروف هنا باسم “التسييل”، يصبح أكثر صعوبة في الحفاظ عليه مع تراجع التضخم. كما أنه يصيب كبار السن بشكل خاص. ونتيجة لذلك، وافقت الحكومة على البدء الآن في زيادة مدفوعات المعاشات التقاعدية شهريًا لمواكبة التضخم بشكل أفضل.

استراتيجية التسييل

قال هيكتور توريس، وهو زميل بارز في المركز الكندي لابتكار الحوكمة الدولية والمدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي: “لقد وصلت استراتيجية التسييل إلى أقصى حدودها، لكنها ليست مستدامة”.

ويقول الاقتصاديون إنه بدون تغييرات أوسع نطاقا لتعزيز الاقتصاد، فإن الفوائض المالية الأخيرة للحكومة ستكون غير مستدامة. لكن مايلي لم يحقق بعد فوزًا تشريعيًا للإجراءات التي يقول الاقتصاديون إنها حاسمة لتغيير الاقتصاد الذي يختنق بسبب الضرائب المرتفعة واللوائح الحكومية.

الضرائب والإنفاق

قال غابرييل بيليزون، عمدة مدينة لوس سورجينتس، وهي بلدة تقع في قلب منطقة قرطبة الزراعية المحافظة، إن معظم الناس هناك يؤيدون تغييرات مايلي حتى وهم يكافحون من أجل دفع فواتير مرافق أعلى. وقال إن السكان المحليين يأكلون الآن برجر الدجاج بدلاً من فطائر اللحم البقري باهظة الثمن.

وتابع، نريد من الحكومة إلغاء الضرائب على صادرات فول الصويا، وهو مصدر رئيسي لإيرادات الدولة التي يقول المزارعون منذ فترة طويلة إنها تخنق إنتاجهم. كما أنه لن يمانع إذا خفف مايلي من جميع تخفيضات الإنفاق. موضحا أن إجراءات مايلي ستؤتي ثمارها قريبا لبلد غني بالزراعة والغاز الطبيعي والمعادن مثل الليثيوم.

إنتشال الأرجنتين من الأزمة المالية

إنتشال الأرجنتين من الأزمة المالية

الفقر في الأرجنتين

يعيش ما يقرب من 60% من الأرجنتينيين الآن في فقر، مقارنة بـ 44% في ديسمبر، وتم إغلاق الوكالات الحكومية، مما أدى إلى فقدان آلاف الوظائف. وتراجع نشاط البناء حيث قالت السلطات إنها أوقفت ما يقرب من 90% من الأشغال العامة.

ووصل استهلاك لحوم البقر إلى أدنى مستوياته منذ عقود، على الرغم من أن المسؤولين يقولون إن صادرات لحوم البقر بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 1967. حتى أن بعض أنصار مايلي أصبحوا يشعرون بالضجر.

ربما يعجبك أيضا