وفاة جيانج زيمين.. قائد التحول الإصلاحي في الحزب الشيوعي الصيني

أحمد ليثي
زيمين

ظل زيمين مؤثرًا داخل الجزب الشيوعي الصيني، حتى بعد تنحيه، وكان من بين اللاعبين الرئيسيين وراء صعود الرئيس الحالي، شي جين بينج للسلطة.


توفي اليوم الأربعاء 30 نوفمبر 2022، الزعيم الصيني السابق، جيانج زيمين، الذي قاد الحزب الشيوعي الحاكم لأكثر من عقد من الزمان.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، توفي زيمين في لحظة حساسة للحزب الشيوعي، بعد أيام من اندلاع احتجاجات على الإغلاقات بسبب قيود كورونا، التي يصر عليها الرئيس الحالي، شي جين بينج.

شي جين بينج

شي جين بينج

زيمين في الحزب الشيوعي الصيني

توفي زيمين الساعة 12:13 مساءً في مدينة شنجهاي عن عمر ناهز 96 عامًا، بعدما أُصيب بسرطان الدم، الذي أدى إلى فشل العديد من الأعضاء، وفقًا لبيان للحزب الشيوعي، نشرته وكالة أنباء “شينخوا” الصينية. وعُرف عن زيميين تسريع دخول الصين في اقتصاد السوق، عبر تقريب رجال الأعمال من حظيرة الحزب الشيوعي.

وشغل زيمين منصب السكرتير العام للحزب لمدة 13 عامًا، قبل أن يتقاعد رئيسًا للحزب في عام 2002. واستقال من منصبه في عام 2003، بعد أن تنازل عن مقعده كرئيس للجنة العسكرية المركزية للحزب، وظل نفوذه كبيرًا خلف الكواليس لسنوات عديدة بعد تنحيه، لكنه تضاءل بعد صعود شي إلى الحكم.

زيمين رئيسًا

حسب تقرير “وول ستريت جورنال”، صعد زيمين إلى السلطة بعد حملة قمع احتجاجات ميدان تيانانمن، وأشرف على نهوض الصين الاقتصادي، ونقلت الصحيفة عن محللين، لم تذكر أسماءهم، أن الاحتجاجات الأخيرة ضد سياسات شي تمثل أكبر معارضة علنية في الصين، منذ الحركة المؤيدة للديمقراطية عام 1989.

وبدأت احتجاجات ميدان تيانانمن عام 1989 كتجمع لتوديع الأمين العام السابق للحزب، هو ياوبانج، قبل أن يبدأ المشاركون في المطالبة بإصلاحات سياسية وإدخال الديمقراطية في نظام الحكم، مستغلين المناسبة لانتقاد كبار المسؤولين، لكن المظاهرات انتهت بإرسال السلطات قوات الأمن لتطهير الميدان.

زيمين

زيمين

تحديث الحزب الشيوعي

حسب تقرير نشرته صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست“، اليوم، ظل زيمين مؤثرًا حتى بعد تنحيه عن رئاسة الصين لعقد من الزمان، وكان من بين اللاعبين الرئيسين وراء قرار الحزب في 2007 بتنصيب شي جين بينج رئيسًا، ليصير أقوى رجل في البلاد بعد ذلك.

من جهته، قال مدير برنامج سياسات الصين في كلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، البروفيسور ديفيد شامبو: “يجب تذكر زيمين كقائد حاول تحديث الحزب الشيوعي، في حين أصر خلفاؤه على تقويض العديد من الإصلاحات السياسية التي أقرها”.

تخطي الأزمة

أشار التقرير إلى أن زيمين كان رئيسًا للحزب في مدينة شنجهاي، عندما عُين على رأس الحزب الشيوعي الصيني عام 1989، وهو القرار الذي فاجأ زيمين نفسه، لأن التعيين جاء في وقت كانت تعاني فيه بكين، بعد أن أمر الرئيس الأسبق، دينج شياو بينج، بشن حملة دموية ضد المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في ميدان تيانانمن.

من جهتها، لم تتوقع وسائل الإعلام الغربية تولي زيمين رئاسة الصين، وذهبت ترشيحاتهم بدلًا من ذلك إلى قيادات الحزب مثل زاو زيانج وهو ياوبانج، لكن الحزب فضل إقالتهما، معتقدًا أن رئاسة زيمين ستكون مؤقتة، حلًا للأزمة السياسية.

إصلاحات زيمين

كان على زيمين مواجهة الأزمة بإصلاحات اقتصادية وسياسية عاجلة، وضخ الاستثمار الأجنبي، الذي توقف بعد أن فرضت الدول الغربية عقوبات على بكين، بسبب تعامل الأمن مع مظاهرات ميدان تيانانمن، فأسس سلطته الخاصة في الحزب، وأصلح العلاقات مع الغرب، وأستأنف الإصلاح الاقتصادي، الذي توقف بسبب المظاهرات.

من جهته، قال المهتم بالشؤون الصينية في مركز الدراسات المستقلة في سيدني، جون لي، إن أعظم إنجاز سياسي لزيمين كان ضمان بقاء الحزب، بعد مظاهرات تيانانمن، مشيرًا إلى أنه نجح في فرض إصلاحات اقتصادية جزئية في البلاد، بعد الصدمة السياسية.

العلاقات الأمريكية الصينية

وفق تقرير الصحيفة الصينية، واجه زيمين النظام العالمي لما بعد الحرب الباردة، الذي فرضت فيه واشنطن نفسها قطبًا أوحد، لكن الدبلوماسية، التي اتبعها زيمين، كانت ذكية، بحسب الأكاديمي الأمريكي، ديفيد شامبو، الذي أشار إلى أن الرئيس الصيني الأسبق تمكن من إخراج بلاده من “وحل الدبلوماسية المضطرب”.

وأضاف شامبو: “بذل زيمين الكثير من الجهد لإعادة بناء العلاقات الأمريكية الصينية، لكنه أشرف أيضًا على أفضل فترة في علاقات الصين مع جيرانها في آسيا، فضلًا عن تطوير علاقات قوية مع أوروبا وأمريكا اللاتينية”.

الرأسماليون في الحزب

اتخذ زيمين مسارًا عمليًّا في السياسة الداخلية، حين سمح رسميًّا لرجال الأعمال بالانضمام إلى الحزب للمرة الأولى، في خطوة أثارت الجدل، حينها، واعتبرها بعض قادة الحزب خروجًا على المسار، وكتب رئيس الحزب في تشيجيانج مقالًا شهيرًا، عام 2000، يشجب فيه الفكرة علنًا، على اعتبارها تشويهًا لحزب البروليتاريا.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باكنيل في بنسلفانيا، تشو تشى تشون، إن الخطوة التي اتخذها زيمين مهمة، لأنها فتحت الباب أمام رجال الأعمال للانضمام إلى الحزب الشيوعي، ما أدى إلى تحويله من حزب للطبقة العاملة، إلى حزب للناس جميعًا.

ربما يعجبك أيضا