وفاة ديتريش ماتيشيتز.. جوانح مؤسس «ريد بول» تتوقف عن التحليق

ولاء عدلان
ديتريش ماتيشيتز

مدير فريق "ريد بول للفورمولا 1"، البريطاني كريستيان هورنر، وصف الملياردير النمساوي الراحل، ديتريش ماتيشيتز، بأنه يتمتع بشخصية ملهمة وقوية تعشق مطاردة الأحلام ويمكنها إحداث فرق أينما وجدت.


أعلنت شركة “ريد بول” العالمية، يوم الأحد 23 أكتوبر 2022، وفاة مؤسسها الملياردير النمساوي، ديتريش ماتيشيتز، بعد معاناة مع مرض السرطان.

وارتبط اسم “ريد بول” منذ البداية بمؤسسها ماتيشيتز، الذي حوّل مشروب الطاقة الشهير إلى ظاهرة عالمية ذائعة الصيت، من غرب الكرة الأرضية إلى شرقها، ورحل تاركًا إمبراطورية تجاوزت صناعة المشروبات، إلى الرياضة والإعلام.

الامتنان لمسيرة ماتيشيتز

قالت “ريد بول”، في بيان تنعى فيه مؤسسها: “نعلم أنه في هذه اللحظات يغلب علينا شعور الحزن، ولكن سرعان ما سيتحول هذا الشعور إلى امتنان عميق لماتيشيتز، لما أنجزه طوال مسيرته، وأتاحة من فرص للعديد من الأفراد.”

واشتهر ماتيشيتز بولعه بالرياضة، الذي دفعه لتأسيس فريق “ريد بول للفورمولا 1″ عام 2009، ويصفه الرئيس التنفيذي لـ”فورمولا 1“، ستيفانو دومينيكالي، بأنه رجل أعمال صاحب رؤية ساعد في تغيير رياضة سباق السيارات، وكذلك قال عنه رئيس الاتحاد الدولي للسيارات، محمد بن سليم: كان شخصية بارزة في عالم رياضة السيارات، سنفتقده كثيرًا”.

Untitledععع

بداية الحلم

“تمنحك أجنحة” لم تكن مجرد عبارة اختارها ماتيشيتز، أغنى أثرياء النمسا، شعارًا لأيقونته “ريد بول”، بل فلسفته الخاصة في مطاردة الأحلام وصناعة الأموال والشهرة من اللا شيء، منذ ولد في العام 1944 لأسرة من الطبقة المتوسطة من أصول كرواتية.

وتلقى ماتيشيتز تعليمه الأساسي في النمسا، وتخرج في جامعة فيينا للاقتصاد والأعمال عام 1972، وتخصص في التسويق، وحصل لاحقًا على ماجستير إدارة الأعمال، وبدأ مسيرته المهنية كمندوب تسويق لدى عدد من الشركات، أبرزها “يونليفر” البريطانية، و”بليندكس” الألمانية.

ولادة «ريد بول»

خلال رحلة عمل إلى تايلاند عام 1982، أغرم ماتيشيتز بمشروب كان يطلق عليه Krating Daeng ساعده في التغلب على الاضطرابات المصاحبة للسفر، واكتشف أنه شائع بين سائقي الشاحنات، ومن هنا ولدت فكرة تأسيس “ريد بول” بالشراكة مع تشايلو يوفيدهيا، مبتكر المشروب، الذي كان اللبنة الأولى لصناعة مشروبات الطاقة بصورتها المعروفة حاليًّا.

وفي 1984، أسس ماتيشيتز ويوفيدهيا شركة “ريد بول” في النمسا، لكن الأول ظل يعمل لمدة 3 سنوات ليطور علامته التجارية الشهيرة “الثور الأحمر” والمشروب التقليدي بصورة تناسب الأسواق العالمية، ليخرج “ريد بول” إلى النور في إبريل 1987، ومن النمسا توسعت الشركة إلى جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط.

c23352357283cd8b5fb69d0d79c95407

إمبراطورية «ريد بول»

نجح ماتيشيتز في تحويل “ريد بول” إلى علامة تجارية شهيرة، ترتبط برياضات المغامرة والسباقات والحياة السريعة، وأصبحت رقم واحد في عالم مشروبات الطاقة، التي تتكون في الأساس من كافين وحمض التورين، ونجحت الشركة تحت قيادة الثنائي ماتيشيتز ويوفيدهيا في تطوير عدة منتجات تحت العلامة نفسها، وصولا إلى إطلاق منتجات غازية عضوية في العام 2018.

وفي العام 2008، ظهر اسم ماتيشيتز للمرة الأولى في قائمة “فوربس” لأثرياء العالم،حين حل في المرتبة الـ250، ليرحل اليوم تاركًا ثروة تقدر بنحو 20.2 مليار دولار، جعلته في المركز الـ51 بين مليارديرات العالم، وحاليًّا تنتشر فروع “ريد بول” في نحو 172 دولة، وفي العام الماضي، بلغت أرباحها نحو 8 مليارات دولار، مع بيع نحو 9.8 مليار عبوة بأنحاء العالم، وفق “فوربس” و”بي بي سي”.

ولع ماتيشيتز بعالم الرياضة

اشتهر ماتيشيتز بذكائه التسويقي، الذي دفعه إلى الاستثمار بكثافة في عالم الرياضة، لمنح علامته التجارية مزيدًا من الشهرة العالمية، والترويج لها، سواء عن طريقة عقود رعاية الرياضيين، التي بدأها للمرة الأولى في العام 1989، أو عن طريق شراء الفرق الرياضية، ففي بداية الألفينات استحوذت الشركة على 60% من فريق ساوبر السويسري لسباقات الفورمولا، وفق “فرانس برس”.

وفي العام 2004، اشترت “ريد بول” فريق “جاكوار ريسينج”، الذي تحول إلى “ريد بول ريسينج”، وفاز في 2010 ببطولة العالم للفورمولا 1، وحاليا، ترعى “ريد بول” قائمة طويلة من مشاهير الرياضة، أبرزهم لاعب كرة القدم البرازيلي، نيمار دا سيلفا، ويعد اسمها رمزًا لرياضات المغامرة والسرعة، وتمتلك فريقين لسباقات فورمولا، و5 أندية لكرة القدم وفريقًا للهوكي.

2009 181648 dietrich mateschitz aut owner of red bull racing scuderia toro rosso spanish g1

ديتريش ماتيشيتز

رجل من طراز فريد

قال مدير فريق “ريد بول للفورمولا 1″، البريطاني كريستيان هورنر، في تصريح لـ”سكاي سبورت أف 1” إن ماتيشيتز رجل فريد من نوعه يتمتع بشخصية ملهمة وقوية تعشق مطاردة الأحلام، ويمكنها إحداث الفارق أينما وجدت، وهذا الطابع الفريد لشخصية ماتيشيتز انسحب على استثماراته، التي شملت شراء جزيرة لاوكالا في فيجي، عام 2003، بنحو 8.2 مليون دولار.

وأسس ماتيشيتز على الجزيرة منتجعًا فخمًا من 25 فيلا، في 2019، ثم اشترى غواصة بـ1.7 مليون دولار، في العام 2013، ليستخدمها نزلاء الجزيرة في العودة إلى النمسا.

ولم يتوقف ماتيشيتز عند هذا الحد، فبحسب “فوربس” يمتلك مستودعًا خاصًا داخل مطار سالزبورج يضم مجموعته الخاصة من الطائرات القديمة، وأبرزها طائرة كانت مملوكة سابقًا لجوزيف تيتو، وأخرى لأول رئيس لزامبيا، كينيث كاوندا، واشتهر ماتيشيتز أيضًا بانخراطه في العمل المجتمعي، فأسس في 2003 مؤسسة “وينجز فور لايف” المعنية بأبحاث الحبل الشوكي.

ربما يعجبك أيضا