وقف تهريب النفط العراقي عبر تركيا.. كيف يؤثر في السوق العالمية؟

إسراء عبدالمطلب

علق العراق صادرات النفط الخام من إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي ومن حقول شمال كركوك.


أبلغت تركيا الحكومة الفيدرالية العراقية أنها أوقفت رسميًّا ضخ النفط الخام من إقليم كردستان العراق، للتحميل في ميناء جيهان التركي.

وجاءت هذه الخطوة بعد إعلان بغداد مساء الجمعة الماضي 24 مارس 2023، بأن محكمة دولية حكمت لصالحها في قضية مطولة ضد أنقرة بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان العراق.

العراق يكسب دعوة قضائية ضد تركيا لوقف تصدير النفط الكوردستاني

العراق يكسب دعوة قضائية ضد تركيا لوقف تصدير النفط الكوردستاني

العراق كسب الصراع ضد تركيا

أبلغت شركة بوتاس التركية المملوكة للدولة، بغداد بتعليق عمليات الضخ يوم أمس الأول السبت 25 مارس، في محطة الضخ “بي إس 3” على الجانب التركي من خط الأنابيب.

وقال مسؤولون في قطاع النفط العراقي لوكالة أنباء رويترز، يوم السبت، إن العراق كسب قضية تحكيم ضد تركيا، في صراع مستمر منذ مدة طويلة بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان العراق.

العراق يعلق تصدير النفط إلى تركيا

قال مسؤول نفط عراقي كبير إن تركيا أبلغت العراق بأنها ستحترم قرار التحكيم، وعلق العراق صادرات النفط الخام من إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي، ومن حقول شمال كركوك، بعد إعلان قرار محكمة التحكيم لصالح بغداد.

وحسب رويترز، أبلغ مسؤولو شحن أتراك الموظفين العراقيين في مركز تصدير النفط بميناء جيهان التركي، بأنه لن يُسمح لأي سفينة بتحميل شحنات من النفط الخام الكردي دون موافقة من الحكومة العراقية.

نفط غير قانوني

تبعًا لذلك، أوقفت تركيا ضخ النفط الخام العراقي من خط الأنابيب الذي يؤدي إلى ميناء جيهان. وقال العراق في قضية التحكيم التي تعود إلى عام 2014، بأن تركيا انتهكت الاتفاقية المشتركة الموقعة بين البلدين، من خلال سماحها لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي.

وتعتبر بغداد صادرات حكومة الإقليم من النفط غير قانونية. وقال مسؤول رفيع في وزارة النفط العراقية إن محكمة التحكيم الدولية أبلغت العراق رسميًّا بالقرار النهائي يوم الخميس، وكان لصالح العراق، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

آلية جديدة لتصدير النفط

نقلت رويترز عن مسؤول عراقي قوله إن العراق أوقف من جانبه ضخ النفط، عبر خط الأنابيب الذي ينطلق من حقول النفط في شمال كركوك.

وقال مسؤول آخر في وزارة النفط العراقية لرويترز، إن وفدًا من الوزارة سيسافر إلى تركيا قريبًا لالتقاء مسؤولي الطاقة، من أجل الاتفاق على آلية جديدة لتصدير النفط الخام من شمالي العراق، تتماشى مع قرار التحكيم.

370 ألف برميل نفط

حسب “بي بي سي”، كان العراق يضخ 370 ألف برميل من نفط إقليم كردستان الخام يوميًّا، و75 ألف برميل يوميًّا من النفط الخام الاتحادي، عبر خط الأنابيب قبل إيقافه.

وتأسس خط أنابيب “العراق تركيا” بموجب اتفاق ثنائي بين البلدين، وشهد تطويرًا لكي يتمكن العراق من تصدير أكثر من مليون برميلٍ من النفط الخام يوميًّا إلى منطقة البحر المتوسط، عبر ميناء جيهان التركي.

اتفاقية خط أنابيب العراق تركيا

كانت الدولتان وقعتا اتفاقية خط أنابيب العراق تركيا عام 1973، مع بعض التحديثات في الأعوام 1976 و1985 و2010. وتنص هذه الاتفاقية على أن الحكومة التركية يجب أن تمتثل لتعليمات الجهة العراقية، في ما يتعلق بحركة النفط الخام الآتي من العراق في كل مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية.

وشددت تركيا عند تمديد الاتفاقية في عام 2010، على أن “الجهة العراقية” هي في تحديدها “وزارة النفط في جمهورية العراق”، مع إدراج بند يعفي المستندات السابقة لخط أنابيب العراق تركيا من هذا التحديد.

تعويض عن الرواتب المستقطعة

حسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، سمحت أنقرة لإقليم كردستان العراق بتصدير النفط بنحو مستقل عن وزارة النفط الاتحادية، من أجل استبدال تحويلات الميزانية العراقية المحتجزة، وربط خطوط الأنابيب الكردية بخط أنابيب العراق تركيا في بلدة فيش خابور الحدودية، الخاضعة لسيطرة إقليم كردستان العراق.

ومكن ذلك إقليم كردستان العراق من بيع النفط مباشرة إلى السوق، والاحتفاظ بالإيرادات، ولكن بغداد تعتبر ذلك ممارسة غير قانونية، ويعتبرها الكرد تعويضًا عن الرواتب المستقطعة.

العراق يكسب دعوة قضائية ضد تركيا لوقف تصدير النفط الكوردستاني

العراق يكسب دعوة قضائية ضد تركيا لوقف تصدير النفط الكوردستاني

دعوى قضائية دولية

في مايو 2014، رفعت “شركة تسويق النفط” العراقية دعوى خاضعة لتحكيم “غرفة التجارة الدولية” نيابةً عن وزارة النفط، والمدّعى عليه هو الحكومة التركية، وتمثلها شركة “بوتاش” المشغلة لخط الأنابيب والمملوكة للدولة.

وذهبت الدعوى إلى أنه “من خلال نقل النفط الخام وتخزينه من كردستان، ومن خلال تحميل ذلك النفط الخام على الناقلة في جيهان، وكل ذلك من دون تفويض وزارة النفط العراقية، خرقت تركيا وشركة بوتاش التزاماتهما بموجب اتفاقية خط أنابيب العراق تركيا”.

فرصة بغداد للمطالبة بتعويضات

يرى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن المحاكم التركية ملزَمة باحترام قرارات التحكيم الأجنبي، لذا فإنها ملزمة باتّباع تعليمات العراق بشأن تسويق كل النفط الخام وتحميله في ميناء جيهان، بما فيه النفط الخام الذي يشغّله الكرد، وتُنتجه شركات النفط الدولية.

ويفتح الحكم الأولي المجال أمام بغداد للمطالبة بالتعويضات، في جلسات إضافية في “غرفة التجارة الدولية” خلال الفترة القادمة.

خسارة نصف مليون برميل نفط

يرى المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، مايكل نايتس، في مقاله التحليلي على موقع معهد واشنطن، أن حكم المحكمة لصالح العراق سيوجّه ضربة قاسية إلى حلفاء الولايات المتحدة ومقتضيات السياسة على حد سواء، وأن الحكم من شأنه أن يمس كبرياء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وقت تنهار فيه الثقة الاقتصادية في بلاده.

ويتوقع نايتس أنه في إقليم كردستان العراق، سيفقد الكرد وشركاؤهم التجاريون في قطاع النفط، أي حافز إضافي يدفعهم لتصدير النفط الخام، وسيبرر أي تهديد يصدر عنهم بإيقاف الإنتاج. وإذا أغلق كلا الطرفين خط أنابيب العراق تركيا، ستخسر سوق النفط العالمية ما يقرب من نصف مليون برميل في غضون أسابيع.

ربما يعجبك أيضا