يحبها عندما تحترق.. هكذا يسعى ترامب للفوز بولاية ثانية

دعاء عبدالنبي

دعاء عبدالنبي

بركان غضب انفجر في معظم الولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية مقتل الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد، لتتحول الاحتجاجات المُنددة لأعمال شغب ونهب بعد صدور تقرير الطي الشرعي الذي أكد أن الوفاة “جريمة قتل”.. مشهد فوضوي سعى الرئيس الأمريكي من خلاله لتصفية حساباته مع الخصوم، فوجه اتهامه الراديكالية “antifa”، وبعدها ألقى باللوم على عمداء وحكام الجمهورية الديمقراطية على ضعفهم، في محاولة للاستفادة من حالة الانفجار لتعبئة قاعدته قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية.

بركان غضب

الغضب يلهب جنوب الولايات المتحدة، بعد صدور تقرير الطبي الشرعي صنف وفاة فلويد بـ”جريمة قتل” لتشتعل على إثرها الاحتجاجات والمواجهات مع عناصر الشرطة الأمريكية، التي بدت هي الأخرى عنيفة في لجم المتظاهرين، لتتحول الاحتجاجات لأعمال شغب ونهب في عدة  ولايات أمريكية.

وما زالت أعمال الشغب مستمرة، وعناصر الشرطة متى وُجدت فهي في العموم للمواجهة وليس لملاحقة أعمال النهب، فأصبح المواطنون ضحايا للعنف والسرقة ما دفعهم لتنظيم حمايتهم بأنفسهم في ظل انشغال عناصر الشرطة المنهكة في التصدي للاحتجاجات الغاضبة.

ومع انتشار قوات الحرس الوطني وإعلان حالة الطوارئ هدأت أعمال الشغب في مدينة مينيابوليس، لكن أعمال السرقة والنهب استمرت وفي ظل غياب الشرطة نظم السكان فيما بينهم نوبات حراس لحماية أنفسهم فلا مجال للاتصال بالشرطة ولا أثر لوجودهم، فأصبحت الشوارع مقفرة تعلو سماءها مروحيات عسكرية وكأنك في حالة حرب.

ترامب يحبها عندما تحترق

في أوج الأزمة التي تشهدها الولايات المتحدة، جاءت خطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي لا يبدو أنها تسعى للتهدئة، بل تستفيد من حالة الانفجار لتعبئة قاعدته قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تستحوذ عليه، وذكره فريدريك أوترون في صحيفة “الليبراسيون” الفرنسية.

وبحسب الصحيفة لقبه كاتب سيرته بـ”أمير الفوضى”. دونالد ترامب يحبها عندما تحارب، عندما تحترق، فمع انتشار رياح الغضب بسبب مقتل “جورج فلويد” في مينيابوليس في مختلف أنحاء البلاد حتى تحت نوافذ البيت الأبيض واندلاع الاشتباكات خارج مقر الرئاسة في قلب العاصمة الفيدرالية تحت حظر التجول، تم حماية دونالد ترامب وأقاربه في مخبأ البيت الأبيض، وعندما غادر في اليوم التالي رحب ترامب على تويتر بأن خدمة الحماية لديه “الكلاب الأكثر شراسة” و”الأسلحة الأكثر تهديدًا” هي الأفضل للترحيب من المتسللين المحتملين.

وبالأمس، ألقى ترامب بيانًا وصف فيه أعمال النهب والتخريب بأنها “عار” وتعهد بالقضاء عليها، قائلًا: “سأرسل المزيد والمزيد من الجنود المدججين بالأسلحة وقوات عسكرية ورجال إنفاذ القانون لوقف العنف والشغب والتخريب.

جاءت تهديدات ترامب بعد ساعات من إعلان التقرير الرسمي لتشريح جثة فلويد، والذي أكد أن الوفاة “جريمة قتل”، حيث أشار التقرير النهائي إلى أن الوفاة جاءت “نتيجة توقف عضلة القلب أثناء عملية الاعتقال والضغط على العنق أثناء تقييده”.

فوضى سياسية

“فوضى وكراهبة” هكذا حولها الرئيس الأمريكي دونالد، عندما تحدث مطولًا عن وفاة “جورج فلويد” ووعد بإنهاء العنف الجماعي، مستنكرًا تصرفات “الأناركيين” و”اليساريين الراديكاليين”، وخاصة الحركة الراديكالية “antifa”، الذي أعلن أنه يريد أن يصنفها كمنظمة إرهابية – حتى لو كان القانون الأمريكي لا يسمح بذلك.

في اليوم التالي، أبرز ترامب أمنه وخطابه المثير للانقسام، وألقى باللوم على عمداء وحكام الجمهورية الديمقراطية على ضعفهم، واتهم وسائل الإعلام “بالترويج للكراهية والفوضى” في تغطيتها للاحتجاجات، عندما تم استهداف العديد من الصحفيين على الأرض من قبل الشرطة.

اتهامات ترامب وخطاباته المثيرة، تأتي قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي تستحوذ عليه بشكل كبير، ولن يتمكن من العمل على استرضاء أحد وفقًا لشخصيته الرافضة للهزيمة وحياته المهنية كمطور عقاري، كما حدث عندما شكك في جنسية الرئيس السابق باراك أوباما وحث أربع نساء منتخبات ديمقراطيًا على العودة للمكان الذي أتوا منه، حسبما جاء في صحيفة “الليبراسيون”.

مبارزة انتخابية

ورغم ذلك يرغب بعض المستشارين في حاشيته، أن يخرج ترامب في خطاب رسمي للأمة للتوحيد، لكن الصراع والفوضى داخل إدارته أصبحت منطقته المفضلة للتعبير والأداة الحاسمة لتعبئة قاعدته الانتخابية، وهو ما لخصها المتحدث باسم حملته الانتخابية على أنها خيار ثنائي بين “الأمن والفوضى”.

وفي المقابل، يأتي دور المرشح الديمقراطي جوبايدن الذي يحظى بشعبية كبيرة في مجتمع السود، وعليه أن ينقل غضبه المشروع دون إعطاء شعور بالتغاضي عن العنف، وهو ما جاء في خطابه قائلًا: “نحن أمة تعاني في الوقت الحالي ، ولكن يجب ألا ندع تلك المعاناة تدمرنا”.

وخلال انتظار المبارزة المتوقعة بين الرجلين، سيحاول المسؤولون المحليون المنتخبون الاستجابة خلال الفترة المقبلة إلى الغضب الهائل والأزمة الاجتماعية والاقتصادية الكارثية التي تختمر. بينما يرغب البعض في بقاء دونالد ترامب في مخبأه. هادئ قدر الإمكان، وهو ما صرح به العمدة الديمقراطي لأتلانتا: “الرئيس ترامب يجعل الأمور أسوأ. يجب أن يصمت فقط”.

وحتى الآن ليس واضحًا كيف ستؤثر هذه الاحتجاجات على فرص ترامب للفوز بولاية ثانية، لكن كل المؤشرات تدل على أنه يخسر بين الجمهوريين المعتدلين والمستقلين نتيجة تعامله مع “كورونا” ومع مقتل فلويد، لكن تزداد في المقابل شعبيته بين قاعدته الانتخابية، وسيبقى التحدي أمام ترامب نسبة الإقبال على الاقتراع في يوم الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.

ربما يعجبك أيضا