11 رمضان.. الألبان يصومون علنيًّا بعد نهاية الحكم الشيوعي  

عانى المسلمون الألبان في البلقان عامة وألبانيا خاصة من الحكم الشيوعي الذي استمر لنصف قرن في الحرب على كل ما يمت للأديان بصلة، فكان المسلمون يؤدون عباداتهم في الخفاء.

لكن مع سقوط النظام الشيوعي في سنة 1991، عادت  الشعائر الإسلامية للظهرو تدريجيًّا، خصوصًا ما يتعلق بتعامل الألبان مع شهر رمضان، وليس هذا غريبًا فالآلاف من الشباب الألباني خرجوا من بلادهم إلى البلدان العربية لتعلم العربية والانخراط في جامعات إسلامية عريقة.

الألبان وعش النسور

تقع ألبانيا في البلقان جنوب شرق أوربا، وتقدّر مساحتها بحوالي 28 ألفًا و748 كيلو مترًا مربعًا، ويصل عدد سكانها إلى حوالي 4 ملايين ونصف المليون نسمة، نسبة المسلمين منهم تزيد على 70%.

وتحد ألبانيا شمالًا كوسوفا والجبل الأسود، وجنوبًا اليونان، وشرقًا مقدونيا، وغربًا بحر الأدرياتك الذي يفصلها عن إيطاليا، وعُرفت باسمها الحالي منذ نهاية القرن الرابع عشر نسبة لقبيلة “ألبانوي” القاطنة حتى الآن في الشمال، ويسميها الألبان “شكيبريا”، وهي تعني “عش النسور”.

دخول الألبان في الإسلام

دخل الإسلام ألبانيا عن طريق جزيرة صقلية عبر عدد من تجار المسلمين، لكن أعدادهم حينها كانت قليلة، قبل أن يدخلها رسميًّا في ما بعد عام 1430 على يد الدولة العثمانية وأسلم الألبان إسلامًا جماعيًّا، وظلت ألبانيا تابعة للعثمانيين حتى العام 1912، فانفصلت بعد هزيمة الجيش العثماني في حرب البلقان، ونتيجة لمطالبة الحركة القومية الألبانية التي عُرفت باسم “رابطة بريزرن” بالاستقلال.

وفي نهاية الحرب العالميّة الأولى قُسّمت ألبانيا، ومُنح إقليم كوسوفا لصربيا، وجزء آخر منها لمقدونيا، وثالث للجبل الأسود، ورابع لليونان، وهكذا تقلصت مساحة ألبانيا من 80 ألف كيلومتر مربع، إلى 29 ألف كيلومتر. وحتى تعترف دول أوربا بما تبقى من ألبانيا بحدودها الحالية، اشترطت استبدال الحروف اللاتينية بالعربية، وقطع علاقاتها الثقافية مع العالم الإسلامي، وفي العام 1924 أُعلنت الجمهورية برئاسة أحمد زوغو الذي ما لبث أن أعلن نفسه ملكاً على البلاد عام 1928، وفي 1939 غزا موسوليني ألبانيا.

الحقبة السوداء

في الحرب العالمية الثانية لمع نجم البكتاشي الشيوعي، أنور خوجا، بوصفه قائدًا للمقاومة الألبانيّة ضد قوات المحور، ودخل تيرانا زعيمًا لجبهة التحرير الوطنيّة التابعة للحزب الشيوعي الألباني خريف عام 1944، وبعد تباعد ستالين وتيتو عام 1949 سارع بالانحياز إلى ستالين. وبذلك تصدى لطموح تيتو بضم ألبانيا ليوغسلافيا.

وبعد موت ستالين عام 1953، انحاز أنور خوجا إلى الزعيم الصيني ماو وثورته الثقافية عام 1960، لكن في العام 1978 أعلن مقاطعة الصين لانفتاحها على أمريكا. ومنع خوجة التحدث باللغة العربية منعًا باتًا، وكان من ضبط وهو يقول: “بسم الله الرحمن الرحيم”، أو “الحمد لله”، يقضي في السجن 10 سنوات، وشمل الحظر الأسماء العربية، وهدم المساجد والكنائس وحوّل بعضها إلى متاحف ومخازن ومراقص.

واستمر خوجا في السلطة حتى وفاته عام 1985، ليعقبه نائبه رامز غاليا، وفي العام 1991 ومع انهيار سور برلين، خرج آلاف المتظاهرين في شوارع تيرانا، وأسقطوا تمثال أنور خوجا، ومنذ ذلك الحين أعيد فتح المساجد والكنائس، وشُيّدت بعض المساجد الجديدة.

الإسلام اليوم في ألبانيا

أما اليوم في ألبانيا، انتشرت الفضائيّات والإذاعات المهتمة بالإسلام في ألبانيا، وتخطت السويشيال ميديا الحواجز، ويتلقى آلاف الألبان تعليمهم في الخليج ومصر وتركيا والمغرب. ويوجد في ألبانيا حاليًا نحو 270  مسجدًا، من أصل نحو 1667 مسجدًا كان يصلي فيها المسلمون الألبان قبل أن يأتي الحكم الشيوعي ويمنع حرية الأديان.

وتعمل العديد من البلدان الإسلامية على تقديم يد العون للمسلمين ومؤسساتهم في ألبانيا، وتقدم مؤسسات الإسلامية في ألبانيا العون الديني والثقافي للمسلمين الألبان في كوسوفو ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا واليونان.

رمضان في ألبانيا

يبدأ استعداد المسلمين في ألبانيا لاستقبال شهر رمضان بتوزيع بعض الكتيّبات والمطويّات التعريفيّة بالشهر، ويقدّم أئمة المساجد والدعاة بعض الدروس والمحاضرات التي يكون محورها فضل شهر رمضان. كذلك عادة ما يستقدم بعض الأئمة والعلماء من البلدان الإسلامية خلال هذا الشهر الفضيل، للاستفادة من علمهم وتوجيههم، وإمامتهم في صلاة التراويح خاصة.

لكن اليوم نرى الشباب الالباني هو من يؤمّ المصلين، ومع بدء رمضان يصوم جميع المسلمين الألبان، المتدينون منهم وغير المتدينين. ليعود الألبان إلى ما كان عليه أجدادهم قبل سنوات الحكم الشيوعي، فحتى المسحراتي عاد كما السابق، والجاليات الألبانيّة التي اختلطت بالمسلمين الآخرين في أوروبا ظهر عليهم جليًّا هذا التغيّر.