نصف ثروته ذهب.. “ساويرس” يتحوط ضد الأزمات

حسام عيد – محلل اقتصادي
 
الذهب معدن نفيس ذو قيمة عالية، يتميز بخصائص فريدة، فهو كالنقود التي بإمكانها مضاهاة قوة الدولار، ويستطيع ضبط قيمته إذا كان الاقتصاد يتحرك صعودًا أو هبوطًا.
 
ومنذ أيام قليلة، كشف رجل الأعمال المصري أنه يضع نصف ثروته، والتي تقدر بنحو 5.7 مليار دولار، في الذهب، وذلك لتوقعاته أن أسعار الذهب سترتفع كثيرًا في الفترة المقبلة.
 
وغالبًا ما ينظر إلى الذهب كمصدر تخزين طويل الأجل للثروة، واحتياطي ضد الأزمات المالية والاضطرابات الاقتصادية. وأن يضع أحد أكبر المستثمرين في العالم، والذي تتنوع استثماراته بين شركات اتصالات وعقارات وإنشاءات وضيافة وبنوك، نصف ثروته في الذهب، فذلك يؤشر إلى أن الأسواق تتجه نحو فترات عصيبة أخرى في تاريخها إن صدقت تقديرات ساويرس وغيره من مليارديرات العالم، مثل بيل جيتس الذي صرح مؤخرا، أن أزمة مالية وركودًا اقتصاديًا شبيهًا لما حدث في العام 2008، على وشك الحدوث في المستقبل القريب.
 
نصف ثروة “ساويرس” ذهب
 

قال رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس -خلال مقابلة صحفية مع وكالة “بلومبيرج” الاقتصادية الأمريكية- إنه وضع نصف ثروته في الذهب، وذلك بسبب الأزمات التي تشهدها المنطقة في الآونة الأخيرة بالإضافة إلى توقعاته التي تشير إلى ارتفاع سعر هذا المعدن في المستقبل، في ظل ارتفاع الاستهلاك في السوق الصيني.
 
ويرى ساويرس، أن سعر أونصة الذهب سيصل إلى 1800 دولار مقابل 1300 دولار حاليًا، وهو الأمر الذي دفعه لاستثمار نصف ثروته البالغة قيمتها 5.7 مليار دولار في هذا السوق.
 
وتأتي توقعات الملياردير المصري بالتزامن مع التعبير عن إشارات بشأن انهيار أسواق الأسهم كونها مبالغًا في قيمتها.
 
وهناك رؤية تدعم اتجاه “ساويرس” المتفائل بشأن المعدن الأصفر، حيث توقع مارك فرانكلين -مدير استثمار أمريكي “كونينج آسيا باسيفيك”- أن مكاسب الدولار لن تستمر طويلًا أي بحلول النصف الثاني من العام الجاري، حيث سيضرب التضخم منطقة اليورو واليابان.
 
وأوضح، أن الدولار سيشهد زيادة في المعروض خلال العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تراجع هيكلي للدولار على المدى الطويل.
 
وكان مؤشر الدولار الذي يقيس أداء الورقة الخضراء مقابل 6 عملات رئيسية يسجل مستوى 91.542 دولار في بداية الأسبوع الأخير من أبريل الماضي لكنه اختتمه عند 92.566 دولار ما يعني أن كاسبه تجاوزت 1.1% خلال تلك الفترة.
 
الذهب أداة للتحوط
 
يعد الذهب أفضل وعاء ادخاري عبر التاريخ، وهو ما أدركه الأولون، ومن هنا ظهرت مقولة “الذهب زينة وخزينة”، حيث إنه يحتفظ بالقيمة، وهو أيضا أداة تحوط وقت الأزمات، ويفضل في حالة الادخار شراء السبائك والجنيهات الذهبية، والذهب سهل الشراء سهل البيع، فبإمكان أي شخص أن يشتري عدة جرامات بقدر استطاعته، وبيعها في أي وقت، بخلاف العقارات التي تحتاج إلى مبالغ مالية كبير، ولفترة زمنية لبيعها.
 
وتكشف التجارب عن تحقيق كثير من الأفراد مكاسب كبيرة، إثر بيع ما في حيازتهم من الذهب، بعد ارتفاع أسعاره العام الماضي، خاصة من اشترى الذهب قبل عدة سنوات.
 
كما يعتبر الاستثمار في الذهب مربحا ومفيدا منذ القدم وبالتأكيد سيظل كذلك في المستقبل، فقيمته تزيد مع مرور الوقت ويمكن لأي شخص أن يعتمد على هذا المعدن الثمين في أي وقت احتاج فيه إلى المال.
 
الذهب وجهة المستثمرين العالميين
 
تحول ساويرس للاستثمار في الذهب لم يكن الأول من نوعه، حيث شهدت الأشهر الأخيرة، تحول بعض من نخبة المستثمرين العالميين إلى شراء المعادن الثمينة مثل الذهب كجزء من استراتيجياتهم الاستثمارية الشاملة.
 
ومن بين نخبة المستثمرين اللورد جاكوب روتشيلد الذي أعلن في أواخر صيف 2016، عن تغييرات في محفظة تابعة له، وراي داليو -وهو مؤسس أفضل صندوق تحوط في العالم “بريدجواتر أسوشيتس”- حيث يقول: “إذا كنت لا تملك الذهب، فإنك لا تعرف التاريخ ولا الاقتصاد”.
 
ويحظى الاستثمار في الذهب بسمعة جيدة كأصل لحفظ الثروات على الرغم من التقلبات التي يمكن أن تحيط بأسعاره لأنه يبقي محافظًا على قيمته على المدي الطويل، ولذلك غالبًا ما يوصي المستشارون الماليون بجعله جزئًا من المحفظة الاستثمارية.
 
ويلجأ المستثمرون في فترات الأزمات العالمية إلى الاستثمار في الذهب والهروب من العملات الورقية إلى الأصول الملموسة، نتيجة تآكل القيمة الحقيقية للعملات بسبب لجوء البنوك المركزية لطباعة العملات مما يفقدها قيمتها الحقيقية، ويؤدي إلى التضخم، وعبر الأزمنة الحديثة، يلاحظ أن الذهب حقق نموًا تجاوز في بعض الأحيان 300%، بينما حققت مؤشرات الأسهم المدرجة في البورصات العالمية نحو 80% خلال الفترة نفسها.