شكل سقوط مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا ومركزها الاقتصادي الأبرز، في أيدي الفصائل السورية المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” تحولًا كبيرًا في مسار الصراع السوري.
التطور الأخير أثار تساؤلات حول ما تبقى من النفوذ الفعلي للحكومة بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد في البلاد، وهل سقوط حلب يعد بداية لنهاية الصراع أم فصل جديد في النزاع السوري.
الانهيار في حلب: خسارة استراتيجية
بحسب صحيفة “الجارديان” في تقرير نشر لها الاثنين 2 ديسمبر 2024، يعد سقوط حلب ضربة قوية للحكومة السورية، ليس فقط من الناحية العسكرية بل أيضا على المستوى الرمزي والسياسي، فحلب، التي استعادت سوريا السيطرة عليها بالكامل عام 2016 بدعم روسي وإيراني، كانت تعد واحدة من أبرز إنجازات الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب.
الخسارة الحالية تعيد الفصائل المسلحة إلى مواقع استراتيجية في شمال البلاد، بعد أن تمكنت من استعادة مواقع مهمة مثل الكليات الحربية ومقرات عسكرية في غرب المدينة.
كما أدى هذا التطور إلى فك الارتباط بين شرق حلب وغربها، ما يجعل المدينة مرة أخرى مقسمة بين الفصائل والجيش السوري، ويفتح الباب أمام معارك جديدة طويلة الأمد.
عوامل متداخلة
تعكس التطورات الأخيرة تراجعًا واضحًا في قدرات الجيش السوري العسكرية واللوجستية. انسحاب قوات “حزب الله” إلى لبنان نتيجة الضغوط الداخلية على الحزب، وانشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، قللا بشكل كبير من الدعم العسكري المقدم للجيش السوري.
كما أن الفصائل المسلحة أظهرت تقدما تكنولوجيا كبيرا، باستخدام طائرات مسيرة متطورة وسمتها “الشاهين”، والتي ساعدتها على إحداث اختراقات في الخطوط الأمامية للجيش السوري.
مناطق الجيش
بعد خسارة حلب، تتركز سيطرة الجيش السوري على المناطق الوسطى والساحلية، خاصة في دمشق وحمص وحماة واللاذقية، هذه المناطق، التي تعتبر المعقل الأساسي للجيش السوري تعد الآن أكثر هشاشة في ظل تزايد الضغوط الميدانية والعسكرية من الفصائل المسلحة، وتضاؤل الموارد الاقتصادية اللازمة لدعم الجبهات.
مدينة حماة، التي تقع في موقع استراتيجي وسط البلاد، أصبحت الهدف التالي للفصائل التي تتقدم في ريفها الشرقي. كما أن الساحل السوري، الذي يعد من أهم معاقل الحكومة والجيش، يواجه تحديات أمنية متزايدة بسبب مخاوف من اختراقات محتملة للمعارضة.
النفوذ الخارجي: تراجع الحلفاء
على الصعيد الدولي، تواجه الحكومة السوريا تحديًا كبيرًا مع تراجع دعم حلفائه. روسيا، التي كانت الدعامة الأساسية منذ تدخلها العسكري في 2015، باتت أقل قدرة على تقديم دعم فعال بسبب انشغالها بالصراع في أوكرانيا.
أما إيران، التي تواجه ضغوطاً اقتصادية وعقوبات دولية، فقد قلصت من دعمها العسكري المباشر، ومع انسحاب حزب الله اللبناني من بعض الجبهات، يجد الجيش السوري نفسه وحيداً في مواجهة خصومه، ما يزيد من هشاشة موقفه.
الخيار الأخير
في ظل هذه الظروف، تبدو خيارات الجيش السوري والحكومة السورية محدودة. الحفاظ على سيطرته في المناطق الحيوية مثل دمشق والساحل السوري أصبح أولوية قصوى، لكنه سيحتاج إلى إعادة ترتيب أوراقه داخليًا وخارجيًا.
قد يلجأ الجيش السوري والحكومة إلى محاولات جديدة للتفاوض مع الفصائل المسلحة، مستفيدًا من وساطات دولية، لكنه سيواجه شروطاً قاسية قد تشمل تنازلات كبيرة.
أما السيناريو الآخر، فهو أن يعتمد بشكل أكبر على القوة العسكرية لاعادة السيطرة ولكنه خيارًا سيكون مكلف سياسيا وعسكريا وبشريا.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2063580