5 ملايين مهددون بهجرة الدلتا.. هل تنجح القاهرة في مواجهة الشح المائي؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

“وضع مائي حرج”، هكذا يصف خبراء المياه الوضع في مصر وفقا لمعطيات الواقع، محذرين من مرحلة الشح المائي، وهو ما أكده وزير الري أمس.

بحسب التقديرات العالمية، يبلغ متوسط نصيب الفرد من المياه المتجددة نحو 1000 متر مكعب سنويًا تنخفض هذه النسبة إقليميًا إلى حدود 500 متر مكعب للفرد الواحد وهو يعد معدلًا مناسبًا للمناطق الجافة وشبه الجافة أو القاحلة ومنها منطقة الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية بشكل خاص. 

لفت الوزير المصري محمد عبدالعاطي إلى أن بلاده تقع في منطقة شبه قاحلة وأن مصر قد وصلت إلى حالة تفرض فيها كمية المياه المتاحة حدودا على تنميتها الاقتصادية، وأن التنبؤات السكانية لعام 2025، يتضح معها أن نصيب الفرد من المياه قد ينخفض إلى أقل من 500م3 سنويًا مع مؤشرات التدهور السريع في جودة المياه السطحية والجوفية، بالإضافة إلى كونها دولة المصب في حوض النيل حيث تعتمد اعتمادا كليا تقريبا على نهر النيل النابع خارج حدودها، فهي الدولة الأكثر جفافًا في العالم وتبلغ نسبة الاعتماد على الموارد المائية المتجددة 97 ٪ وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، مؤكدًا أن حالة المياه في مصر حرجة وفريدة من نوعها”.

خطة التنمية المستدامة

تعتبر المياه من أهم أهداف التنمية المستدامة باعتبارها ركيزة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما أخذته مصر في اعتبارها عند إعداد خطتها القومية للموارد المائية للفترة من 2017 إلى 2037، مع وضع عام 2030 كمعلم رئيسي تماشيا مع رؤية مصر 2030، حسبما أفاد عبدالعاطي.

وأضاف عبد العاطي، في كلمته أمس الأربعاء، خلال مشاركته نيابة عن رئيس الوزراء في المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول المياه من أجل التنمية المستدامة بطاجيكستان، أن الدعائم الرئيسية الأربع تتمثل في الخطة القومية للموارد المائية في الترشيد وتنمية موارد جديدة وتحسين نوعية المياه وزيادة المعرفة والوعي وإصدار التشريعات اللازمة.

وأعلن عن انطلاق “أسبوع القاهرة للمياه” لأول مرة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة من 14 إلى 18 أكتوبر من كل عام بالقاهرة تحت شعار “الحفاظ على المياه من أجل تحقيق التنمية المستدامة”، ما يأتي ضمن أهداف المؤتمر الذي يسعى لإلقاء الضوء على أهمية المياه كأحد اهم ركائز التنمية المستدامة والتحديات المائية التي تواجه العالم.

تعاون مشترك مع دول حوض النيل يعتمد على عدم الإضرار بالغير

وأكد الوزير المصري أن التعاون المشترك مع دول الحوض يجب أن يعتمد على النفع المشترك وعدم الإضرار بالغير، وعلى الرؤية الاستراتيجية للتنمية الشاملة وتجنبت التطرق إلى مواضيع الخلاف وضرورة العمل على تجاوزها مشيرا إلى أن دول الحوض لديها جميعًا تحديات تنموية كبيرة، وهو ما يتطلب العمل على توثيق التعاون بينهم، و أن مصر حرصت على إبداء المرونة المناسبة دون التفريط في الحقوق أو المصالح المصرية.

كما أوضح عبد العاطي أن مصر تقود مشروعًا رائدًا مع عدد من أشقائها من دول حوض النيل لخلق ممر ملاحي يربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط مرورًا بعدد من دول حوض النيل و تطلعات مصر إلى مزيد من التعاون لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية بما يعزز من فرص التنمية بالقارة الأفريقية.

مشكلة المياه أكبر من أزمة سد النهضة

يشار إلى أن الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق، كان قد أكد في تصريحات سابقة، أن أزمة المياه في مصر مشكلة كبرى ظهرت قبل تشغيل سد النهضة، كما إن مصر تعاني من أزمة مياه وأن نصيب الفرد من المياه في مصر أقل من نصيب الفرد في الأردن وإسرائيل.

وأضاف نصر الدين علام، إنه بالنسبة لمصر الوضع شائك لأن نهر النيل هو المورد الرئيسي، مشيرًا إلى أن نشاط الدولة الرئيسي نشاط زراعي، موضحًا أن كوريا الجنوبية مواردها المائية أكثر من مصر بـ10% لكنها وجدت اعتمادها على الزراعة غير فعال فتحولت إلى دولة صناعية.

جدير بالذكر أن المباحثات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا كانت متعثرة منذ أشهر، في ظل مخاوف القاهرة من أن يقلل المشروع حصتها من مياه نهر النيل الذي يوفر لها حوالي 90 % من احتياجاتها من المياه.

وتعتمد مصر تماما على مياه النيل للشرب والري وتقول إن “لها حقوقا تاريخية” في النهر بموجب اتفاقيتي 1929 و 1959 التي تعطيها 87 % من مياه النيل، وحق الموافقة على مشاريع الري في دول المنبع.

هجرة أهالي الدلتا

من جانب آخر، أشار عبد العاطي إلى أنه من المتوقع أن تؤدي تأثيرات تغير المناخ في الساحل الشمالي لمصر إلى هجرة ما لا يقل عن خمسة ملايين شخص من دلتا النيل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات التكيف المناسبة كما تتنبأ دراسات تغير المناخ بانخفاض إنتاجية محصولين رئيسيين في مصر (القمح والذرة) بنسبة 15٪ و 19٪ على التوالي بحلول عام 2050 وتمليح حوالي 15 ٪ من أكثر الأراضي الصالحة للزراعة في دلتا النيل هذا دون إغفال تأثيرات تغير المناخ على أنماط سقوط الأمطار في حوض النيل، وتأثيرها على تدفقه.

ربما يعجبك أيضا