6 أبريل.. نقطة فاصلة في ثورة السودان ولا مجال للعودة للوراء

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

انفلات أمني وتحركات مريبة رصدتها الحكومة الانتقالية السودانية من عناصر تابعة لـ”حزب البشير المنحل” لزعزعة استقرار البلاد، مستغلين تداعيات تفشي جائحة كورونا لتنفيذ انقلابهم والعودة للحكم مُجددًا، وذلك تزامنًا مع احتفاء السودانيين بيوم الحراك الشعبي الفاصل الموافق 6 أبريل، وسط إجراءات حاسمة تحسبًا لأي فوضى أو انقلاب.

انفلات أمني.. وإجراءات حاسمة

تمكنت الحكومة الانتقالية السودانية من رصد تحركات لبعض العناصر الموالية لنظام الرئيس المعزول عمر البشير لزعزعة الاستقرار في البلاد، مستغلة انشغال العالم بتفشي جائحة كورونا وعدم التجمهر لتنفيذ مخططهم.

وعلى الفور توعدت الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة في مواجهتهم، وخلال اجتماع طارئ لمجلس الوزراء برئاسة عبدالله حمدوك، قال وزير الإعلام فيصل محمد صالح: إن الاجتماع بحث الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد بعد رصد تلك التحركات، وتوعّد باتخاذ إجراءات سريعة وفعالة تجاهها.

الاجتماع أوصى بإلقاء القبض على بعض رموز الإسلاميين ونشطائهم، وطالبت باستدعاء القوات المجازة وفرض حراسات مشددة على بعض المواقع والشخصيات، تحسبًا لما قد يحدث من فوضى.

وبحسب ما صرحت به مصادر حكومة وأخرى في “قوى إعلان الحرية والتغيير” الحاضنة السياسية للحكومة، فإن بعض رموز النظام المعزول من قيادات الإسلاميين، كانت تخطط لاستغلال عدم التجمهر بسبب فيروس كورونا، لتنفيذ انقلابهم على الحكومة الانتقالية والعودة مُجددًا إلى الحكم. 

وذكرت وسائل إعلام سودانية أن الأيام الماضية شهدت نشاطًا لموالين للنظام السابق على الأرض وفي مواقع التواصل الاجتماعي تهاجم حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وتصفها بالفاشلة.

 كما نظم العشرات من مؤيدي الرئيس السابق المخلوع عمر حسن البشير مظاهرات الأسبوع الماضي تشكك في تفشى وباء كورونا بالبلاد، واحتج العشرات على استمرار اعتقال قادة النظام السابق وطالبوا بالإفراج عنهم.

فيما أكدت القوات المسلحة هدوء الأوضاع الأمنية في البلاد، حيث شدد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد ركن عامر محمد الحسن على عدم وجود قرائن أو شبهات لانقلاب وسط القوات المسلحة.

وأوضح عامر أن ما تم تداوله هو إشاعة ضارة بأمن المجتمع، مشيرًا إلى أن خطط القوات المسلحة المعلنة لمكافحة وباء كورونا مستمرة لحماية أفرادها، مُضيفًا: “نطمئن الشعب السوداني على سلامة الأوضاع واستتباب الأمن من جانبنا”.

وكان الجيش السوداني، أعلن في 15 يناير الماضي، عن مقتل عسكريين اثنين وإصابة 4 آخرين من الجيش السوداني خلال محاولة القضاء على تمرد بعض منتسبي جهاز المخابرات السوداني، وأكد أن “المنظومة الأمنية ستظل متماسكة وعصية على كل متربص بها”.

6 أبريل.. ذكرى فاصلة

وتحسبًا من حدوث أي فوضى في ظل تداعيات الفيروس القاتل، أغلق الجيش السوداني جميع المداخل المؤدية إلى مبنى القيادة العامة للجيش بالخرطوم وعددًا من الطرقات الرئيسية بالخرطوم، وذلك بالتزامن مع الذكرى الأولى للاعتصام أمام القيادة العامة يوم 6 أبريل والتي أدت بعد ذلك إلى إسقاط الرئيس عمر البشير.

ففي مثل هذا اليوم الموافق 6 أبريل 2019، دعا تجمع المهنيين السودانيين للزحف نحو القيادة العامة للجيش، وعلى إثرها دارت مواجهات حامية بين المحتجين وقوات الأمن التي أطلق الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية، وكانت تشكيلات من الجيش تحاول التهدئة لكن تحت إصرار المحتجين وصل الموكب إلى القيادة العامة، وعلى إثر ذلك انسحبت قوات الشرطة والأمن من المشهد إلى حين.

وأمام القيادة العامة للجيش هتف المحتجون “الليلة ما بنرجع إلا البشير يطلع” وسط تفاعل لافت من قوات الجيش دفع النساء للزغاريد والرجال للهتاف: “جيش واحد شعب واحد”.

وظهرت قيادات سياسية أمام قيادة الجيش؛ مثل القيادي في حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، والقيادي في حزب الأمة القومي الصادق المهدي، إلى جانب نجم نادي الهلال والمنتخب القومي لكرة القدم هيثم مصطفى، الذي حمله المحتجون على الأعناق.

وعلى إثر ذلك تحول موكب السادس من أبريل عند العصر إلى دعوة للاعتصام أمام القيادة العامة إلى حين تنحي الرئيس البشير، حيث وصلت الأعداد الذين شاركوا أكثر من 500 ألف، وفقًا لتقديرات المنظمين، فضلًا عن خروج الآلاف في مناطق أخرى.

فبعد 4 أشهر من الاحتجاجات السلمية والتي استمرت دون انقطاع، كان ليوم 6 أبريل نقطة فاصلة انهارت فيه أجهزة النظام القمعية في مواجهة السيول البشرية التي تدفقت نحو القيادة العامة للجيش وسط العاصمة، ليبدأ العد التنازلي لسقوط البشير.

إرث الثورة.. نظام مترهل

لن ينسى السودانيون ثورتهم التي أسقطت أعتى ديكتاتورية شهدتها البلاد، والتي انطلقت في 19 ديسمبر 2018 حتى حققت انتصارها في 11 أبريل 2019 بسقوط البشير الذي امتد حكمه لـ30 عامًا.

وكانت الخطوة الأهم في مسار الثورة السودانية هو ما حدث في أغسطس الماضي من تعيين عبدالله حمدوك رئيسًا للوزراء، وبصفته اقتصاديًّا يحظى باحترام كبير يعلق عليه الكثيرون آمالًا في تحقيق مطالب ثورتهم حديثة الولادة، خاصة بعد إعلان تشكيل مجلس وزراء مدني لإدارة الفترة الانتقالية.

ورغم سقوط النظام إلا إنه أورث حكومة الثورة حروبًا طالت 8 ولايات من مجمل 18 ولاية، وهي اليوم تواجه تحدي وقف الحروب والنزاعات العبثية التي أدخلها البشير لتحقيق السلام، فضلًا عن استلام جهاز دولة كان مترهلًا وفاسدًا يضم موالين من الإسلاميين الذي تمكنوا من مفاصله، لتخوض الدولة بعدها حربًا شرسة لاسترداده منهم واستبداله بجهاز كفوء قادر على مواجهة التحديات والمضي قدمًا.

ويواجه السودان عدة تحديات على رأسها أزمة الجماعات المتمردة في الجنوب، واستمرار وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، والذي سيؤثر بدوره من فرص تحسن اقتصاديات البلد الذي يعاني من أزمة تضخم بلغت 60% وفقًا لتقارير حكومية.

ربما يعجبك أيضا