تصعيد بين الرئيس والحكومة.. والصومال على مفترق طرق

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

خلافات صادمة بين رئيس الصومال المنتهية ولايته وبين ورئيس الوزراء، على خلفية النقاشات المحتدمة حول إجراء الانتخابات،انتهت بتعليق مهام رئيس الوزراء محمد حسين روبلي المفوض بقيادة المرحلة الانتقالية، وسط تخوفات دولية وإقليمية من مساعي الرئيس فرماجو تمديد فترة ولايته بعرقلة مسار الانتخابات التي ينتظرها الصوماليون في خضم الأزمة السياسية الخانقة والتي قد تعرقل الانتقال السلمي للسلطة وتشتت انتباه القوى الأمنية في محاربة المتشددين.

تعليق مهام روبلي

في أحدث فصل في صراع طويل الأمد بين الرجلين، أعلن الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو، أمس (الأحد)، وقف رئيس الوزراء محمد حسين روبلي عن العمل، بسبب ما تردد بشأنه اتهامه بالفساد وإساءة استغلال السلطة والاستيلاء على أراض تابعة للجيش الوطني الصومالي.

ومنذ صباح اليوم الإثنين، قام الحرس الرئاسي بتطويق مكتب رئيس الوزراء في العاصمة مقديشو، بعدما رفض مكتب روبلي هذه الاتهامات.

من جهته، قال رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي في بيان له، إن قرار الرئيس الصومالي  المنتهية ولايته محمد عبد الله، تعليق عمله وصلاحياته، والتحقيق معه بتهم فساد واختلاس أموال عامة، انتهاك سافر للقوانين.

وهدد رئيس الوزراء الرئيس بتحمل عواقب تصرفاته غير الدستورية، وتعهد بمواصلة واجباته، وبإجراء انتخابات تؤدي إلى التداول السلمي للسلطة.

ودعا روبلي في بيانه المجتمع الدولي والشعب الصومالي إلى “العمل معا ضد الأفراد الذين يشكلون تهديدًا للسلام وبناء الدولة في الصومال؛ لتجنب حدوث أزمة سياسية وأمنية في البلاد”.

أزمة سياسية خانقة

وفي وقت سابق، عقد روبلي اجتماعًا مع ممثلي المجتمع الدولي لبحث الأوضاع في البلاد، وعلى رأسها الانتخابات وأجندة الاجتماع المقبل للمجلس الوطني الاستشاري.

وقال روبلي إن المؤتمر سيركز على الحفاظ على شفافية الانتخابات وتصحيحها وتنفيذ الإجراءات الانتخابية وإصدار جدول زمني نهائي.

وأشاد ممثلو المجتمع الدولي بالجهود التي يبذلها روبلي في تسريع الانتخابات وجعلها شفافة وذات مصداقية، حيث رحبوا بالاجتماعات التي عقدها مع اتحاد المرشحين والمجتمع المدني وأهمية الاستماع إلى مقترحاتهم بشأن الانتخابات.

كما أعلن اتحاد مرشحي الرئاسة دعم رئيس الوزراء في معركته مع فرماجو، الذي اتهموه بأنه يسعى لتعطيل الانتخابات، ومن ثم التمديد له.

وخلال العام الجاري شهد الصومال أزمة سياسية خانقة، بعد فشل خطط إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في فبراير الماضي، بسبب عدم الاتفاق بين القوى السياسية داخل البلاد على كيفية تنظيمها، ثم انهيار المحادثات بين حكومة مقديشو والقادة المحليين في أبريل الماضي.

وطلب فرماجو في هذا السياق من المشرعين تمديد ولايته لمدة عامين، مما أدى إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية واشتباكات في مقديشو، واضطر الرئيس المنتهية ولايته إلى التخلي عن خططه، وكلف رئيس الوزراء بقيادة الاستعدادات لإجراء انتخابات غير مباشرة هذا العام، وفقا للاتفاق المبرم في 17 سبتمبر 2020، إلا أن الخلافات وتبادل الاتهامات دبت بين الرجلين وانتهت بالقرارات الأخيرة.

فيما أثارت مسألة الانتخابات، التي طال تأجيلها، مخاوف بشأن الاستقرار في بلد يحارب التمرد الإسلامي الذي يشنه متشددو حركة الشباب منذ سنوات.

من جهة أخرى، دعت دعت السفارتان الأمريكية والبريطانية في مقديشو ، إلى تخفيف تصعيد التوتر في البلاد وتجنب العنف، بعد أن علق الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد سلطات رئيس الوزراء محمد حسين روبلي.

فرماجو والتشبث بالسلطة

قرارات فرماجو وتعليق مهام روبلي، عده المحللون بمثابة محاولة جديدة لدفع البلاد نحو المجهول ومن ثم تمديد ولايته، وهو ما أكده روبلي بأن فرماجو يهدف إلى تعطيل العملية الانتخابية في وقت تمر فيه البلاد بمنعطف خطير ويشير بوضوح إلى أنه لن يتخلى عن السلطة.

فيما وصف نائب وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن يوسف عمر، قرارات فرماجو بأنه “انقلاب غير مباشر”، مضيفًا أن تطويق القوات الأمنية لمكتب رئيس الوزراء محمد حسين روبلي لن يمنعه من أداء مهامه.

الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية، صالح محيي الدين، قال إن كل ما يحدث هو مساع لإفشال العملية الانتخابية، ومن ثم وضع البلاد في حالة تأزم للأوضاع السياسية، وبالتالي استمرار الوضع على ما هو عليه، وهو هدف فرماجو الذي يسعى إليه للاستمرار بالسلطة.

ما حدث مؤخرًا لا مجال للخروج منه إلا من خلال تسريع عملية الانتخابات وإفشال مخططات الرئيس والدولة العميقة، وهو ما تعهد به روبلي بدعم من المجتمع الدولي ورؤساء الولايات، بحسب الباحث السوداني.

ومن ثم يبدو جليًا أن هناك تخوفات من تأجيل الانتخابات والتمديد للرئيس المنتهية ولايته في وقت يرغب فيه الصوماليون بإجراء انتخابات سلمية، وسط توقعات بخسارة فرماجو للمعركة السياسية مع روبلي خاصة أن الأخير مفوض بحكم القانون بقيادة المرحلة الانتقالية.

ربما يعجبك أيضا