صحيفة فرنسية| هل ينجح وزير الداخلية الفرنسي في خلق نظام تمثيلي جديد للمسلمين؟

ترجمات رؤية

رؤية

ترجمة – فريق رؤية

يسعى وزير الداخلية الفرنسي السيد جيرار دارمانان إلى إيجاد لاعبين جدد والحد من نفوذ الدول الأجنبية. فعلى مدار أسبوع، شارك حوالي مائة ممثل عن الإسلام في فرنسا في “منتدى إسلام فرنسا” من أجل إعادة تنظيم الهيكل الإداري الدين الإسلامي على غرار النموذج الألماني، للخروج بنظام تمثيلي جديد يكون من بين مهامه الأساسية اعتماد الأئمة على المستوى المحلي.

وكان محمد موسوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، قد أعلن شهادة وفاة المجلس في مقال له على جريدة لوبوان. هذا المجلس، الذي كان يترأسه حتى 19 يناير، أنشأه نيكولا ساركوزي في عام 2003 بينما كان يشغل منصب وزير الداخلية؛ وبالتالي المسؤول عن الأديان. وحل المجلس الفرنسية للديانة الإسلامية محل مجلس التأمل في إسلام فرنسا (Corif) الذي أنشأه بيير جوكس عام 1990 في إطار رغبة الاشتراكيين العلمانيين في مراقبة صعود قوة المسلمين في فرنسا. في ذلك الوقت، اعتمد نيكولا ساركوزي على دليل بوبكر، عميد المسجد الكبير في باريس آنذاك، لإنشاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

وبعد ما يقرب من عقدين من الزمان، استفاد جيرالد دارمانين، خليفته في الوزارة الذي يتفق معه في التوجهات الأيديولوجية والسمات الشخصية، من العمل الثوري التي قام به المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من خلال المسجد الكبير في باريس للترويج لمنظمة جديدة. ففي 12 ديسمبر، وبعد أربعة أيام من استقبال شمس الدين حافظ، إمام المسجد الكبير والعديد من الزعماء الدينيين الآخرين، أعلن وزير الداخلية أن “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لم يعد موجودًا، ولم يعد محاور الجمهورية.”

وهكذا أثبت الجامع الكبير في باريس، الذي سيحتفل بالذكرى المئوية لتأسيسه في عام 2022، نفوذه داخل الدولة لما له من وزن تاريخي وديني، وارتباطه بالجزائر. وحتى اللحظة الأخيرة، حاولت الاتحادات المتنافسة، تلك التي تمثل الجاليتين الفرنسيتين من أصول مغربية وتركية، إنقاذ المجلس لكن بدون جدوى.

الميثاق

وفي مارس الماضي، قام ممثلو المسجد الكبير، من كل من جمعية “مسلمو فرنسا”، المقربة من جماعة الإخوان المسلمين والاتحاد الفرنسي للجمعيات الإسلامية في إفريقيا وجزر القمر وجزر الأنتيل بإغلاق باب مكتب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. وانضم إليهم تجمع مسلمي فرنسا، ثم أنشأوا بعد ذلك حوارًا للتنسيق مع السلطات العامة. شجعت السلطات هذا الهيكل الجديد، بدافع أن ثلاثة من الاتحادات الفيدرالية الأربعة المتبقية في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لم تعتمد ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي. بينما قامت هاتان الجمعيتان مؤخرًا بتوقيعه بالأحرف الأولى في 25 ديسمبر. لقد جاء هذا الأمر متأخر جدًّا. فالسلطات العامة تريد منذ فترة طويلة التخلص من ثقل الاتحادات.

وفي وقت سابق من العام الماضي، طلب جيرالد دارمانين من المحافظين تنظيم جلسات تشاورية إقليمية للإسلام في فرنسا، والتي شارك فيها ألف ممثل محلي عن الإسلام حتى مايو الماضي. وخلال الأسبوع الماضي، أطلقت السلطات منتدى إسلام فرنسا، والذي يواصل النقاش الذي بدأ خلال الجلسات التشاورية، بمشاركة حوالي مائة مشارك في العام الماضي. ويعمل هذا المنتدى على النقاش من خلال اجتماعات الفيديو حول أربعة موضوعات، وهي: العبادة، ومكافحة الأعمال المعادية للمسلمين، وتنفيذ القانون الذي يعزز احترام مبادئ الجمهورية، وتدريب المسؤولين الدينيين وأوضاعهم. ويوضح أحد كبار المسؤولين في وزارة الداخلية أن “منتدى إسلام فرنسا يطمح إلى تخريج قادة جدد يعملون معًا باسم المصلحة الجماعية، وذلك بعد أن فشل مسؤولو الاتحادات المختلفة التي تشكل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في القيام بذلك بسبب عداواتهم البينية”.

ويقول المسؤول الحكومي إن المحافظين اختاروا بالفعل لاعبين جدد في الميدان. ومن المقرر أن تكون الإدارة المستقبلية للدين الإسلامي أكثر محلية، على غرار ما يحدث في ألمانيا، حيث يتم تنظيم العلاقة بين الدولة والمنظمات الدينية على المستوى الإقليمي. ويؤيد جان كاستكس، رئيس الوزراء الفرنسي، ووزير داخليته جيرالد دارمانين، هذا الأسلوب اللامركزي للغاية للإدارة والذي سيتم تنظيمه على مستوى رؤساء البلديات، والمحافظين، والأئمة والممثلين المحليين للديانة الإسلامية. ويقول المسؤول في وزارة الداخلية “في دولة اليعاقبة – دولة ما بعد الثورة الفرنسية – يجب أن يكون للأديان تمثيل مؤسسي. في الواقع يتعلق الأمر بإيجاد ممثلين بعيدون قدر الإمكان عن الاتحادات الحالية. لكن كل هذا يتوقف على مستوى الأئمة المحليين … “. لذلك يتم استخدام منتدى إسلام فرنسا كورش عمل استكشافية، من أجل اختيار كوادر الإسلام المستقبلية في فرنسا الذين سيكونون بمثابة أذرع الدولة على الأرض.

الاسترداد

خلال اجتماع في قصر الإليزيه مع الزعماء الدينيين في 5 يناير، أعاد إيمانويل ماكرون توضيح دور الدين في المجتمع، لا سيما في دعم الأسر خلال هذه الفترة من الوباء. كما أصر على محاربة الأعمال المعادية للدين، وتنفيذ القانون الذي يعزز احترام مبادئ الجمهورية وإعادة الهيكلة اللازمة للديانة الإسلامية. وتعكس مشاركة كمال قبطان، عميد المسجد الكبير في ليون في هذا الاجتماع رغبة السلطات في إيجاد فاعلين محليين. ومن المقرر الإعلان عن إعادة تنظيم الديانة الإسلامية في 2 فبراير المقبل بعد جولة أخرى من اجتماعات منتدى إسلام فرنسا في باريس. وقد يشارك الرئيس ماكرون في هذه الجولة، قبل شهرين من انطلاق الانتخابات الرئاسية.

ويقول محمد موسوي الذي التقى مؤخرًا جيرار دارمانين: “ليس المقصود من منتدى إسلام فرنسا أن يحل محل المجلس الفرنسي للديانة الفرنسية كهيئة تمثيلية”. لكنه سيكون قادرًا على المشاركة في ظهور شكل جديد من تمثيل الديانة الإسلامية. ومن الضروري الآن فصل انتماءات المساجد إلى اتحاداتها ومشاركتها في الهيئات الإسلامية في فرنسا. وهذا من شأنه أن يسمح بالعمل على المستوى المحلي، دون الحاجة إلى مراعاة توازن القوى والسعي لإبراز الاتحادات المختلفة، وبالتالي حمايتها من النفوذ الأجنبي.

ويمكن لعدد من الملفات أن يحرز تقدمًا. حيث أنتج التنسيق الذي يقوده المسجد الكبير بباريس عملية إنشاء المجلس الوطني للأئمة في ديسمبر الماضي. لكن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أوقف مشروعه في هذا الاتجاه إلى أجل غير مسمى. وعلى منتدى إسلام فرنسا حسم المناقشات بهذا الشأن.

وفي الماضي، اعتادت السلطات إحياء النقاشات في الفترات التي تسبق الانتخابات الرئاسية. حيث أعلن برنارد كازينوف، قبل مغادرته وزارة الداخلية في ديسمبر 2016 من أجل شغل منصب رئيس الوزراء، عن إطلاق النسخة الثالثة من منتدى الحوار مع الإسلام. ويخلص أحد الفاعلين في ملف إسلام فرنسا إلى أن “عملية إعادة التنظيم أساسية لأنها ستسمح بإقامة نظام إدارة جديد للديانة. وإذا لم ينجح ذلك، فلا ينبغي أن نتفاجأ من استمرار عملية تحول المجتمع الفرنسي نحو الأيديولوجية اليمينية السياسية. والسؤال هنا يجب أن يهدف لمعرفة مصير هذه الرغبة في إعادة تنظيم الإسلام إذا لم يتم إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون”.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا