فورين بوليسي: اتفاق أمريكي روسي لتخفيف الضغط عن الأسد

مترجمو رؤية
فورين بوليسي: اتفاق أمريكي روسي لتخفيف الضغط عن الأسد

هل يمكن اعتبار الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن الأسد تنازل ضروري لأسباب إنسانية أم جزء من توجه نحو عودة العلاقات مع الأسد؟


 

قالت مجلة فورين بوليسي إن الولايات المتحدة أبرمت بهدوء اتفاقًا مع روسيا يخفف الضغط السياسي على سوريا في الأمم المتحدة. 

وقدمت الولايات المتحدة وروسيا اقتراح الاتفاق إلى أعضاء مجلس الأمن المكون من 15 دولة يوم 31 يناير، ولاقى معارضة أولية من بعض أعضاء المجلس الذين قالوا إنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت لمناقشة تفاصيل الخطة، ولكن من المتوقع أن يتم المصادقة عليه في نهاية المطاف، ربما مع تعديلات طفيفة، يضيفها المجلس بكامل هيئته.

وأضافت المجلة الأمريكية في تقرير لها أنه إذا وافق مجلس الأمن المكون من 15 دولة على الاقتراح، فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعقد اجتماعات أقل بشأن الأسلحة الكيماوية في سوريا، ويعزز جلسات منفصلة حول الإغاثة الإنسانية والانتقال السياسي الذي لم يكتسب سوى القليل من الزخم على مدى السنوات الماضية.

وأوضحت أن هذا الاقتراح يعكس الإرهاق المتزايد في المجلس بسبب مسيرة لا نهاية لها من الاجتماعات التي يناقشها الدبلوماسيون حول نفس المواد، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الخلافات بين القوى العظمى، كما لا يؤدي إلا إلى قليل من الإنجازات الملموسة.

وأضافت أن هذا الاقتراح يقدم أيضًا تنازلاً جديدًا في سلسلة التنازلات الإضافية التي قدمتها الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى لروسيا، التي تتولى رئاسة المجلس هذا الشهر، لافتةً إلى أن هذه التنازلات تنبع من أهداف السياسة الخارجية الأمريكية الرئيسية، والممثلة في تجنب الصدام مع موسكو وضمان بقاء شريان الحياة الإنساني لنقل الإمدادات من تركيا إلى شمال غرب سوريا الذي تريد روسيا إغلاقه.

 

الاتفاق طوق نجاة للأسد

أشارت المجلة إلى أن الاتفاق الأخير جعل بعض دبلوماسيي مجلس الأمن ممن أرهقتهم الحرب الكلامية المتكررة بين القوى الكبرى حول مصير سوريا، يتنفسون الصعداء، خاصة مع عدم حل الصراع الذي دام نحو عشر سنوات.  

إلا أنه أثار أيضًا انتقادات من بعض المختصين في الشأن السوري، فمن جانبها، قالت جمانة قدور، المؤسس المشارك لمنظمة سوريا للإغاثة والتنمية: “إن هذا هو بالضبط ما تريده روسيا وإيران والأسد.. يريدون التخلص من أي ضغوط على الأدلة التي يتم تقديمها حول ما يفعله النظام السوري بمواطنيه، ليتخلصوا من الإدانات”.

ومن جهة أخرى، أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة في تقرير أصدرته بداية فبراير الحالي أن السلطات السورية استخدمت مادة الكلور في سوريا في هجوم على منطقة تسيطر عليها المعارضة في 2016. 

كما كشفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن سوريا استخدمت الأسلحة الكيميائية مرارًا وتكرارًا ضد شعبها مؤخرًا في مايو 2019، عندما أطلقت صاروخ الكلور في محافظة اللاذقية، وذلك وفق ما نشرته وول ستريت جورنال

 

توجه لعودة العلاقات مع الأسد

أضافت المجلة الأمريكية أن الاقتراح المشترك مع روسيا ليس التنازل الأول الذي تقدمه الولايات المتحدة فيما يتعلق بالوضع في سوريا، وأن من بين الاتفاقيات الأخرى اتفاق أبرم في يوليو الماضي يدعو إلى دعم مشاريع البنية التحتية الحيوية، وأشارت إلى أن واشنطن قد اعترضت في السابق على ما يسمى بمشاريع التعافي المبكر إلى أن تتبنى دمشق انتقالًا سياسيًا شاملاً تدعمه الأمم المتحدة.

وأشارت المجلة إلى أن هناك “اتجاه للتطبيع”، لا سيما في المنطقة وداخل جامعة الدول العربية، وأن روسيا تحاول جاهدة ترجمة ذلك إلى موقف أكثر قبولًا تجاه سوريا في الأمم المتحدة.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في مقال أن الرئيس الأمريكي يؤيد ضمنًا التطبيع مع الأسد، مشيرة إلى أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قاد تطبيعًا إقليميًا سريعًا مع نظام بشار الأسد،  وهو ما يتعارض مع السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وأن إدارة بايدن قررت أنها لن تعارض هذا الاتجاه، رغم عواقبه الوخيمة. 

ولم يكن الدفع العربي في اتجاه تطبيع العلاقات مع الأسد بالأمر الجديد، ففي سبتمبر 2021 التقى مسؤولون سوريون بالعديد من القادة العرب في أروقة الأمم المتحدة، وبعد ذلك تعهد وزير الخارجية المصري بالمساعدة في “استعادة مكانة سوريا في العالم العربي”، وفق ما ذكره موقع المونيتور.

 

معارضة في الكونجرس

ذكرت مجلة فورين بوليسي أن عدم اهتمام الإدارة بسوريا أثار غضب حلفاء بايدن في الكابيتول هيل، ومن ثَمَّ بعث كبار المشرعين الأمريكيين في وقت سابق من هذا الشهر برسالة إلى بايدن يحثونه فيها على تولي مزيد من القيادة في الملف السوري. ووقع الخطاب الرؤساء الديمقراطيين للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب ونظرائهم الجمهوريين.

وحذرت الرسالة من أن جهود الإدارة بشأن سوريا حتى الآن، بما في ذلك تأمين تجديد تفويض الأمم المتحدة لتسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود، “تعالج فقط أعراض الصراع الأساسي وستفشل في النهاية مع غياب استراتيجية دبلوماسية أوسع لحل النزاع. كما قدمت الرسالة توبيخًا رسميًا نادرًا للسياسة الخارجية للإدارة من بعض أهم حلفاء الرئيس الديمقراطيين في الكابيتول هيل. 

وبينت المجلة أن الطبيعة السرية للمحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا أثارت انزعاج أعضاء المجلس الآخرين، الذين شعروا بأنهم قد تم استبعادهم من المناقشات.

وأضافت أن الولايات المتحدة تمكنت في النهاية من تأمين اتفاق مع روسيا للسماح بتدفق المساعدات الإنسانية، على الأقل إلى شمال غرب سوريا. 

وذكرت أن هذا الاتفاق كان له ثمن كبير، لأن الولايات المتحدة قاومت في السابق تقديم مثل هذه التنازلات، على أساس أن الحكومة السورية عليها أولاً إظهار استعدادها لتبني انتقال سياسي حقيقي.

ربما يعجبك أيضا