منع فتيات أفغانستان من التعليم.. هل تواجه طالبان «ملالا» جديدة؟

هالة عبدالرحمن

أمرت حركة طالبان الأفغانية بإغلاق المدارس الثانوية للفتيات بعد ساعات من إعادة فتحها، ما أثار ارتباكًا وحسرةً بسبب عدول الجماعة الإسلامية المتشددة عن قرارها.


أعادت حركة طالبان الأفغانية، يوم الأربعاء 23 مارس 2022، إغلاق المدارس الثانوية للفتيات بعد ساعات من قرار إعادة فتحها، حسب مسؤول أفغاني.

القرار الأفغاني، أثار ارتباكًا وحسرةً محليًا ودوليًا بعد عدول الجماعة المتشددة عن قرارها بالسماح بتعليم الفتيات، وأعاد للأذهان مأساة الطالبة الباكستانية، ملالا يوسف زادة، مرة أخرى، فهل تواجه حركة طالبان “ملالا” جديدة؟

مأساة ملالا

ملالا يوسف، صاحبة الـ15 عامًا، تحدّت في العام 2012 قرار حركة طالبان الباكستانية بحرمانها من التعليم، واستقلت حافلة مدرستها في وادي سوات شمال غرب باكستان، ليوجه مسلح مُسَدسهُ إلى رأسِها ويصيبها بـ3 رصاصات، لكنها أكلمت مسيرتها متحدية كل ظروف بلادها لتصبح بعدها أصغر حاصلة على جائزة نوبل.

وعبّرت الباكستانية الحائزة على جائزة نوبل، صاحبة الـ24 عامًا حاليًا، التي نجت من محاولة الاغتيال، عن تضامنها مع فتيات أفغانستان، قائلة إن حركة طالبان “تستمر في البحث عن أعذار لمنع الفتيات من التعليم، لأنها تخشى الفتيات المتعلمات والنساء المتمكنات.

شجاعة الأفغانيات

قرار طالبان، جاء بعدما استأنفت آلاف الفتيات التعليم للمرة الأولى، منذ سيطرة الحركة على البلاد وفرضها قيودًا صارمةً ضد النساء، في أغسطس 2021، لكنّ الفتيات الأفغانيات أصبحن يشاركن بشجاعة مقالات عن الحياة بعد طالبان، وخيبات أملهن وآمالهن في المستقبل، ونصائح شابات أخريات في كيفيّة التحرر من قرار طالبان، وإيجاد متنفس بعيدًا عن تقييد حريتهن في اختيار حياة أفضل.

وذكرت صحيفة التايمز، أن طالبان منعت تعليم الفتيات خلال حكمها للبلاد في الفترة من 1996 إلى 2001، لتكررها بدعوى أن الزي الموحد والقواعد الخاصة به لم تطبّق على نحو لائق، وقررت طالبان منذ توليها السلطة السماح للمعلمات والطبيبات بالتدريس والرعاية الصحية للنساء والفتيات والأطفال فقط. وسمحت للرجال والنساء بالذهاب إلى الجامعة شريطة منع الاختلاط، لكن القرار الأخير أثار شكوكًا بشأن مستقبل البلاد.

methode times prod web bin e911c896 ac47 11ec b5dd c16e85f55725

ملالا جديدة بانتظار طالبان أفغانستان

يروي تقرير صحيفة التايمز، قصة الفتاة الأفغانية كاريشما، التي “كانت تتجه إلى المدرسة الثانوية سيرًا على الأقدام بحماس للعودة إلى التعليم مرة أخرى بعد أن حرمها فيروس كورونا من الدراسة لعامين كاملين، لكن سرعان ما انطفأت شعلة الحماس التي كانت تتقد داخل الفتاة البالغة من العمر 17 سنة بعد حظر حركة طالبان تعليم الفتيات مرة أخرى”.

الحماس كان يملأ الفتاة الأفغانية، مع بداية يومها الأول في المدرسة السنوية، فاستيقظت في السادسة والنصف صباحًا، وأعدت ملابسها التي أخبرت والدتها أنها قلقة من تصميم الزهور عليها، وسألتها إذا كانت لائقةً أم لا، لتجمع كتبها المدرسية بعدها، متلهفةً للعودة إلى قاعة المدرسة، لكن اكتشفت الفتاة، أن طالبان الجديدة هي نفسها القديمة، وعلمت أن الحركة نكثت وعدها.

357e92b698c2813c911bcbcb66e4f291

أسباب قرار إغلاق مدارس الفتيات

طالبان لم ترسل قرارها إلى المعلمين في المدارس حتى صباح يوم المنع، وكان بعض المعلمين بدأوا بالفعل اليوم الدراسي عندما وصلتهم التعليمات الجديدة، ولم تقدم وزارة التعليم الأفغانية، أي تفسير واضح لقرار الإغلاق، وصرح مسؤولون نظموا احتفالًا في العاصمة كابول، بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد، بأن ذلك أمر يخص قيادة البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة التعليم، عزيز أحمد ريان، للصحفيين: “في أفغانستان خصوصًا في القرى العقليات ليست جاهزةً بعد”، مكملًا: “لدينا بعض القيود الثقافية.. لكن الناطقين الرئيسيين باسم الإمارة الإسلامية سيقدمون توضيحات أفضل”، وكانت الوزارة، أعلنت قبل أسابيع، أن موعد استئناف الفتيات للدراسة، هو الأربعاء الماضي، مع قول ريان: “نحن ننفذ ذلك كجزء من مسؤوليتنا لتوفير التعليم والمرافق الأخرى لتلاميذنا”.

استياء أممي ودولي من طالبان

أفاد مصدر من طالبان، لوكالة فرانس برس، بأن القرار جاء بعد اجتماع عقده مسؤولون كبار في مدينة قندهار جنوب مركز القوة الفعلي للحركة ومعقلها المحافظ، وشددت حركة طالبان على رغبتها في ضمان فصل مدارس الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و19 عامًا، وأن يكون النظام التعليمي موجّهًا وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.

وأعربت الأمم المتحدة، الأربعاء، عن استيائها من القرار، وقالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، في بيان: “أشارك تلميذات الثانويات الأفغانية شعورهن بالإحباط وخيبة الأمل، بعد 6 أشهر من الانتظار”، وقالت مبعوثة الأمم المتحدة لأفغانستان، رينا أميري، عبر “تويتر” إن إغلاق المدارس “يضعف الثقة في التزامات طالبان”، مشيرةً إلى تبدد أمال العائلات في مستقبل أفضل لبناتهن.

ونددت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “يونسكو””، أودري زولاي، بما اعتبرته “فشلًا كبيرًا”، وحضت طالبان على أن تجيز “من دون تأخير” للفتيات العودة إلى المدارس، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في تعليقه على القرار، إنه تنكّر للالتزامات العلنية التي أعطاها قادة طالبان للشعب الأفغاني والمجتمع الدولي.

شروخ في قيادة طالبان

قال الخبير الأفغاني بالمعهد الأمريكي للسلام، أندرو واتكينز، لوكالة فرانس برس، إن القرار الجديد يعكس شرخًا في قيادة طالبان، متابعًا: “يبدو أن هذا التغيير في اللحظة الأخيرة مدفوع بالاختلافات الأيديولوجية في الحركة بشأن نظرة أتباعها لعودة الفتيات إلى المدرسة”.

المخاوف من إغلاق طالبان المؤسسات الرسمية المخصّصة لتعليم الفتيات، كما فعلت خلال حكمها الأول، جعل المجتمع الدولي يضع “حق التعليم للجميع” نقطة أساسية في المفاوضات بشأن المساعدات والاعتراف بنظام طالبان الجديد، وعرضت دول ومنظمات عدة دفع رواتب الأساتذة.

ربما يعجبك أيضا