هجوم أربيل الصاروخي.. ماذا يكشف عن قوّة طهران الصاروخيّة وكيف ترد واشنطن؟

آية سيد

5 عمليّات في التاريخ الحديث شنّتها إيران من أراضيها مباشرةً ضدّ هدف أجنبي باستخدام الصواريخ الباليستيّة


تبنّى الحرس الثوري الإيراني هجومًا استهدف مدينة أربيل في كردستان العراق عبر صواريخ باليستية قصيرة المدى يوم 13 مارس 2022، زاعمًا أنه استهدف منشأة إسرائيلية.

وفي تحليل للهجوم، قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكيّة نُشر يوم 27 مارس 2022، إن عنصرين مهمّين يدفعان إيران نحو استخدام الصواريخ بصورة أكبر، هما التقدّم الحقيقي في برنامج صواريخها الباليستيّة، والتصورات عن تراجع العزم الأمريكي في مواجهتها.

استخدام موسّع للصواريخ الباليستيّة

رصدت ناشيونال إنترست في تقريرها 5 عمليّات في التاريخ الحديث شنّتها إيران من أراضيها مباشرةً ضدّ هدف أجنبي باستخدام الصواريخ الباليستيّة، يتبنّها الحرس الثوري الإيراني أو تُنسب له، ففي يونيو 2017، أطلقت إيران 6 صواريخ باليستيّة قصيرة المدى على مواقع تابعة لداعش في سوريا.

وفي سبتمبر 2018، أطلقت 7 صواريخ باليستيّة قصيرة المدى على مواقع تابعة للمعارضة الكرديّة في العراق، كذلك أطلقت 6 صواريخ باليستيّة قصيرة المدى على داعش في سوريا في أكتوبر 2018، و16 صاروخًا قصير المدى على قواعد تستضيف قوات أمريكيّة في العراق في يناير 2020.

عمليّات انتقاميّة

التقرير أوضح أن إيران صوّرت هذه الهجمات على أنها “انتقاميّة” وردًّا على التهديدات “الحقيقيّة والمتصوّرة”، كذلك اعتبرت هجوم يناير 2020 على أنه وفاء بوعدها بـ”الانتقام القاسي” من واشنطن بعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، ووصف الإعلام الأمريكي هذا الهجوم بأنه “أكبر هجوم بالصواريخ الباليستيّة ضد الأمريكيين على الإطلاق”.

وفي هجومها الأخير، صوّرت إيران ووكلاؤها الأمر على أنه نجاح ضد إسرائيل، على الرغم من استمرار الجدل بشأن هدف الهجوم وسببه. وأعلنت ميليشيات عراقيّة موالية لإيران أنه استهدف منشأة إسرائيلية يُزعم أنها كانت وراء هجوم بالطائرات المسيّرة على إيران في فبراير. وقال مصدر بالحرس الثوري الإيراني إن الهجوم الذي استُخدم فيه 12 صاروخًا من طراز “الفاتح 110” جاء ردًّا على التهديدات الإسرائيليّة الصادرة من الأراضي العراقيّة.

أكبر تهديد على أمن المنطقة

أشار التقرير إلى أن الاستخبارات الأمريكيّة تصف ترسانة الصواريخ الباليستيّة الإيرانيّة بأنها الأكبر في الشرق الأوسط، ووصفها القائد السابق للقيادة المركزيّة الأمريكيّة أخيرًا بأنها “أكبر تهديد على أمن المنطقة”، موضحّا أن إيران كانت تجري تحسينات نوعيّة لتحسين نطاق قواتها الصاروخية ودقتها وموثوقيّتها، وحققّت تقدّمات في مجال المحركات ذات الوقود الصلب، مثل “الفاتح 110”.

لكن التقرير استبعد أن يعني اتجاه إيران نحو المزيد من الاشتباك العسكري المباشر في الشرق الأوسط، إلى التّخلى عن استراتيجيّة الحرب بالوكالة، مشددًا على أن هذه الاستراتيجية تظل أكثر طريقة فعّالة من حيث التكلفة لإيران كي تحارب في مسرح ما وتتحكّم في ديناميكيّات التصعيد، في المقابل تحدّ من الأعمال الانتقاميّة ضد أراضيها.

عنصر جديد في الاستراتيجيّة الإيرانيّة

ترى المجلة الأمريكيّة أن ما تفعله إيران هو إدخال عنصر جديد في استراتيجيّتها الأمنيّة. فبدلًا من نشر منظوماتها الصاروخيّة بالخارج، تطلقها من أراضيها. محذّرًا من أنها طالما إيران تشارك في عمليات الصواريخ الباليستيّة التي لا تكلّفها شيئًا، ستواصل تعلّم دروسًا بشأن القوّة الرادعة والقسريّة والعقابيّة لصواريخها، وأن هذه الثقة قد تُولِّد ثقة زائدة وحسابات خاطئة تؤدي إلى حرب إقليميّة.

ويفسّر التقرير الثقة الإيرانية تلك بأن المسؤولين في طهران يعتبرون أن قوة واشنطن في الشرق الأوسط تتراجع، كذلك العزم الأمريكي لمواجهة إيران، لافتًًا إلى أن الولايات المتحدة ربما أرسلت ضوءًا أخضر شاحب للمزيد من الهجمات، عندما لم تردّ بفاعلية على إسقاط طائرتها المسيرة فوق المياه الدولية في يونيو 2019 والهجوم على منشآت النفط السعوديّة في سبتمبر من العام نفسه.

ويرى التقرير أنه باستثناء استهداف قاسم سليماني في يناير 2020، كان معدّل ردّ واشنطن على الهجمات المدعومة إيرانيًّا ضد المواقع الأمريكيّة في العراق تحت حكم إدارتي بايدن وترامب باهتًا، مشيرًا إلى أن الأسوأ كان عدم ردّ واشنطن على وابل الصواريخ الإيرانيّة في يناير 2020، وهو الهجوم الذي وصفه المرشد الأعلى الإيراني بأنه “ضربة لكرامة الولايات المتحدة كقوّة عظمى”.

كيف ترد واشنطن على الانتهاكات الإيرانيّة؟

تحليل للباحث المتخصّص في الشؤون العسكريّة والأمنيّة للعراق وإيران ودول الخليج، مايكل نايتس، نشره معهد واشنطن يوم 15 مارس 2022، قدّم بعض التوصيّات لمواجهة تهديد الهجمات الصاروخيّة الإيرانيّة، كان أبرزها أن تضع الولايات المتحدة مخطّط حماية شاملًا للتعامل مع الهجمات التي تشنّها إيران مباشرةً.

وشملت التوصيات تسهيل النشر المؤقت لنظام دفاع صاروخي غير تابع للناتو في أربيل، مثل بطاريّات باتريوت القطريّة، أو منظومة صواريخ هوك المحسّنة الموجودة في دول أخرى، كذلك إشراك الفصائل العراقية التي تحقّق في الحادث، وهي الحكومة المركزيّة والحزب الديمقراطي الكردستاني، والزعيم السياسي البارز مقتدى الصدر، وإمدادهم بالأدلة الاستخباراتيّة عن عمليات الإطلاق الإيرانية، ليتسنّى للعراقيين استخدام هذه الأدلة لتقديم شكوى أمام الأمم المتحدة.

طرد السفير الإيراني

توصيّات مايكل نايتس ذكرت أيضًا أنه يتعيّن على الولايات المتحدة وشركائها الدولييّن تشجيع العراق سرًّا على طرد السفير الإيراني، إيراج مسجدي، لأنه ضابط نشط في الحرس الثوري. وفي الساعات التي أعقبت الهجوم الصاروخي أصدر بيانًا يهدّد العراق بـ 3 هجمات أخرى، ثمّ أدّعى في اليوم التالي أن الهجوم لم ينتهك سيادة العراق.

كما شملت التوصيّات أيضًا أن تفكر العراق وإقليم كردستان في غلق القنصليّة الإيرانيّة في أربيل بشكل مؤقت، التي يُحتمل أنها كانت مصدرًا للمعلومات الاستخباراتية للهجوم، بحسب التقرير.

ربما يعجبك أيضا