سلمى الشرهان.. رائدة التمريض الأولى في الإمارات

أماني ربيع

عملت سلمى الشرهان بالتمريض في وقت كان فيه ممارسة هذه المهنة أمرًا شاقًّا، يحدث في ظروف بدائية للغاية، ونذرت نفسها وحياتها لرعاية الآخرين، وأسهمت في تقديم الدعم النفسي ورفع معنويات المرضى بصبرها ودأبها.


في حرب القرم 1854، منحت الممرضة البريطانية فلورنس نايتينجل، الأمل للجنود المصابين، فلقبت بسيدة المصباح لخروجها ليلًا بحثًا عن الجرحي.

وسلمى الشرهان هي فلورنس الإمارات، فقد نجحت السيدة التي حفرت بصماتها في مجال التمريض في مداواة المرضى وتخفيف آلامهم ليس فقط لإتقانها مهنتها وإنما بوجهها البشوش.

أقدم ممرضة في الإمارات

سلمى الشرهان

مثل ما فعلت نايتينجل التي أرست قواعد التمريض في العصر الحديث، سارت على خطاها سلمى الشرهان التي لقبت بـ”فلورنس الإمارات”، وهي أقدم ممرضة في وطنها.

وُلدت سلمى سالم الشرهان في 1 يونيو 1934، وخلال مسيرة مهنية طويلة بدأتها عام 1955، تفانت في خدمة آلاف الناس، وعاشت مثل راهبة في خدمة مرضاها، ورفضت الزواج، وعدّها مؤسس الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قدوة لفتيات ونساء الإمارات.

بدايات سلمى الشرهان مع التمريض

تعلمت نايتينجل أصول التمريض في مدرسة الكايزروارت، في حين لم تدرس الشرهان أصول المهنة أكاديميًّا، لكنها تعلمت قواعدها بالعمل مع أطباء مهرة، فهمت منهم أصول التمريض، الذي كان يفتقر، في بدايات خمسينيات القرن العشرين، إلى الوجوه النسائية، في مهنة شاقة لا تجذب الكثير من بنات الجنس الناعم.

وبدأت حكاية الشرهان مع التمريض بالعمل في “الحديبة” الصيدلية الوحيدة الموجودة بإمارة رأس الخيمة، بعدها عملت في إحدى العيادات التابعة للمجلس البريطاني مساعدة لطبيبة بريطانية، طورت خلال العمل معها من مهاراتها، وبعدها عملت في مستشفى النخيل الذي كان أول مستشفى في إمارة رأس الخيمة عام 1961 لنحو 40 عامًا، بحسب موقع جائزة حمدان.

ظروف بدائية

عملت الشرهان ممرضة في ظروف بدائية، فلم توجد حماية للعاملين بقطاع الرعاية الصحية خلال عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين، والمواصلات المتاحة محدودة، والخدمات الصحية شحيحة، وكانت تذهب في جولات لبيوت المرضى سيرًا على الأقدام، وإلى عملها بالمستشفى على ظهر حمار.

وبذلت الشرهان جهدًا كبيرًا في زيارة بيوت الأهالي ضمن حملات التطعيم ضد الملاريا، فجابت العديد من المناطق لأيام، وكانت تحمل خلال سفرها “الشولة” وهو موقد صغير استخدمته لتعقيم الإبر الطبية في الماء المغلي، وبجانب العلاج والعناية الطبية، وفرت أقدم ممرضة بالإمارات لمرضاها الشعور بالأمل والأمان عبر ابتسامتها.

حاضنة من الكرتون

عملت الشرهان أيضًا كقابلة لتوليد النساء في محيط إمارة رأس الخيمة، ومن مواقفها التي لا تُنسى، عندما ولد رضيع في الشهر السابع، ولم تكن الحاضنات موجودة، وكان في حاجة إلى حاضنة لرعايته، ابتكرت الشرهان حاضنة من الكرتون صنعت بها ثقوبًا للتهوية، ووضعت داخلها بطانية لتدفئة الرضيع، وسهرت عليه وأطعمته حتى تجاوز مرحلة الخطر.

وشاركت في حملات تبرعات لبناء مراكز صحية وعيادات في الأماكن الفقيرة بعدة دول، منها الصومال وإندونيسيا والهند، وتقديرًا لجهودها، كرمها مستشفى النخيل بوضع صورتها في قاعة الاستقبال، ومنحتها الإمارات جائزة حمدان للشخصيات الطبية المتميزة في المجال الطبي لعام 2009 – 2010، وتوفيت سلمى الشرهان في فبراير عام 2014.

ربما يعجبك أيضا