خطة التعافي المالي في لبنان.. لماذا ترفضها جمعية المصارف؟

ولاء عدلان

الوصول إلى أموال صندوق النقد مرهون بشروع الحكومة في تنفيذ خطة التعافي المالي، إلى جانب عدد كبير من الإصلاحات الاقتصادية


أعلنت جمعية مصارف لبنان، في 23 إبريل 2022، رفضها القاطع لخطة التعافي المالي المقترحة من قبل الحكومة، بهدف إنهاء حالة الانهيار الاقتصادي التي بدأت منذ 2019.

ويمثل إقرار خطة التعافي المالي جزءًا من شروط اتفاق توصل إليه لبنان مع صندوق النقد الدولي في وقت سابق من الشهر الحالي، ليتمكن من الاستفادة من “تسهيل الصندوق الممدد” لـ4 سنوات، والحصول على حزمة مساعدات جديدة بنحو 3 مليارات دولار.

خطة كارثية

قالت جمعية مصارف لبنان في بيان السبت الماضي، إنه “بعد الاطلاع على خطة التعافي المعروضة من الحكومة اللبنانية الآيلة إلى تحميل المصارف والمودعين القسم شبه الكامل من الخسارة التي نتجت عن السياسات التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة ومصرف لبنان، ترفض الجمعية هذه الخطة الكارثية والمخالفة للدستور جملة وتفصيلًا”.

وأوضح البيان أن جمعية المصارف كلّفت مستشاريها القانونيين بدراسة الإجراءات القضائية الكفيلة بحماية حقوق المصارف والمودعين، استعدادًا للتحرك بما تراه مناسبًا للرد على تمرير هذه الخطة.

خسائر بـ72 مليار دولار

على مدار سنوات طويلة كانت البنوك اللبنانية مقرضًا رئيسًا للحكومات المتعاقبة إلى أن بدأ الانهيار المالي في 2019، فدخلت في مواجهات عدة مع الحكومة والرأي العام، وصلت إلى حد تجميد أصول بعضها بقرارات قضائية.

وتقدر الحكومة اللبنانية خسائر القطاع المالي بنحو 72 مليار دولار، وبموجب خطة التعافي تسعى لتحميل المصارف الجانب الأكبر من الخسائر، عبر شطب نحو 60 مليار دولار من التزامات مصرف لبنان المركزي إزاء البنوك التجارية، ومن ثم إعادة الرسملة جزئيًّا عبر إصدار سندات سيادية بـ2.5 مليار دولار، على أن يجري تذويب الرصيد الباقي للخسائر خلال 5 سنوات، وفقًا لـ”الشرق الأوسط“.

كيف تؤثر الخطة على عملاء البنوك؟

خطة التعافي المالي بحسب “الشرق الأوسط” تسعى إلى إعادة هيكلة ميزانية مصرف لبنان المركزي لضمان الوفاء بشروط صندوق النقد، وكذلك إعادة رسملة البنوك التجارية القابلة للاستمرار وحل المتعثرة منها، ما يتطلب مساهمات من شرائح كبار المودعين التي يرجح أن تكون أعلى خط الحماية الذي يسمح باسترداد كامل قيمة الحساب، وقد يصل إلى 100 ألف دولار.

وتقترح الخطة أن تخضع الشرائح التي تتعدى خط الحماية لسقوف السيولة بحيث يمكن سدادها بالدولار والليرة أو كليهما وفق سعر السوق، ويمكن أيضًا تحويلها إلى حصص ملكية أو حذف جزء منها وتحويل جزء من الودائع المحررة بالعملات الأجنبية إلى الليرة.

هل تتجاوز تداعيات الخطة حدود لبنان؟

أوضح المحاضر السابق في الاقتصاد الدولي بكلية جون هوبكنز للدراسات الدولية، مايك عازر، في تصريح لـ”دويتشه فيله” مطلع الشهر الحالي، أن النظام المالي في لبنان شديد المحلية، ما يجعل تأثيره على البلدان الأخرى أو الأفراد والشركات غير اللبنانية، محدود وليس منهجيًّا.

وأضاف أن البنوك اللبنانية أصبحت منذ فترة طويلة أكثر انفصالاً عن النظام الإقليمي والدولي، وتعاني منذ 2019 عزوفًا من المغتربين والمقيمين والأجانب عن إيداع أموالها لديها، بفعل تبنّيها قيود سحب صارمة، وحظر التحويلات إلى الخارج، وفقدان الليرة لأكثر من 90% من قيمتها، وفقًا لـ”فرنسا 24“.

 الحكومة تدافع عن خطة التعافي

دافع رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، عن خطة التعافي المالي خلال لقاء مع وفد جمعية المصارف الثلاثاء الماضي، قائلًا إن خطة التعافي تعطي الأولوية للحفاظ على حقوق الناس، والمحافظة على القطاع المصرفي، مضيفًا أن كل ما يقال عن التفريط بحقوق المودعين وضرب القطاع هدفه إثارة البلبلة.

وأوضح وزير الصناعة، جورج بوشكيان، في تصريح لـ”أذاعة لبنان” في 23 إبريل، إن خطة التعافي لا تزال قيد الدرسة، ولم تصل بعد لصيغتها النهائية، مشيرًا إلى أن آليات تنفيذ الخطة ستخرج وفق المصلحة العامة.

خطة التعافي وصفقة “صندوق النقد”

أعلن صندوق النقد في 11 إبريل التوصل مع لبنان إلى اتفاق أولي بشأن برنامج الإصلاح الذي يمكن أن يدعمه الصندوق للسماح باستفادة لبنان من حزمة مساعدات بنحو 3 مليارات دولار، لافتًا إلى أن الحكومة اللبنانية تعهدت بسلسلة من الإصلاحات ستنفذها قبيل توقيع الاتفاق النهائي.

وتشمل هذه الإصلاحات العديد من بنود خطة التعافي المالي منها الشروع في تقييم أكبر 14 بنكًا كل على حدة، وإعادة هيكلة القطاع المالي لكي تستعيد البنوك مقومات الاستمرار وقدرتها على تخصيص الموارد لدعم التعافي، إضافة إلى إعادة هيكلة المالية العامة والدين الخارجي.

صفقة صندوق النقد مهددة

الوصول إلى أموال صندوق النقد مرهون بشروع الحكومة في تنفيذ خطة التعافي المالي، إلى جانب عدد كبير من الإصلاحات الاقتصادية، وفي الوقت الذي تأمل الحكومة في تحقيق إنفراجة قبيل الانتخابات النيابية في 15 مايو المقبل، يبدو هذا صعبًا في ظل رفض جمعية المصارف للخطة، وإن كانت موافقتها تبقى استشارية فإن الحكومة في حاجة إلى دعم القطاع لتنفيذ الخطة على النحو المطلوب.

وفي 20 إبريل، فشلت جلسة البرلمان المخصصة لمناقشة قانون “الكابيتال كونترول” الخاص بتقييد تحويلات رؤوس الأموال الأجنبية إلى الخارج في الانعقاد، مع رفض بعض الكتل البرلمانية لإقرار القانون بمعزل عن خطة التعافي، ما أثار مخاوف من فقدان الصفقة مع صندوق النقد الذي يشترط أن يحظى برنامج الإصلاح اللبناني بتوافق سياسي وشعبي، وفق “الشرق الأوسط” و”رويترز“.

ربما يعجبك أيضا