حمى مجهولة تتفشى في كوريا الشمالية.. لماذا أقرّ كيم بـ«كورونا» الآن؟

رنا أسامة

شكّك خبراء في مزاعم خلو كوريا الشمالية من فيروس كورونا على مدى العامين الماضيين، خاصة أن العدوى أثرت بشدة في جيرانها الذين تشترك معهم في الحدود البرية، بما في ذلك الصين وروسيا وكوريا الجنوبية.


بعد أكثر من عامين على ظهور فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” عالميًّا، أعلنت كوريا الشمالية عن تفشي “متفجر” للوباء للمرة الأولى.

وأبلغت بيونج يانج عن أول 6 وفيات وأكثر من 350 ألف إصابة، يُعتقد أنها مرتبطة بكوفيد 19، وفق وسائل إعلام حكومية، وسط مخاوف من أزمة وشيكة وفتّاكة قد تعصف بالدولة المعزولة والفقيرة، وذلك بعد يوم من إعلانها أول إصابة بفيروس كورونا على أراضيها، واصفة الوضع بأنه “حالة طوارئ وطنية خطيرة”.

حمى مجهولة في كوريا الشمالية.. ما مدى ارتباطها بكورونا؟

حمى مجهولة تضرب كوريا الشمالية

أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية، أمس الجمعة 13 مايو 2022، بالإبلاغ عن 18 ألف “حالة حمى” جديدة و6 وفيات، ثبت أن إحداها مُصابة بالمتحور الفرعي من أوميكرون “بي إيه 2”. ولم تؤكد كوريا الشمالية أن جميع حالات “الحمى” ووفياتها مرتبطة بفيروس كورونا، لكن شبكة سي إن إن الأمريكية رجّحت أن الأمر يعود إلى محدودية قدرتها على إجراء اختبارات.

وبحسب وكالة الأنباء المركزية الكورية “انتشرت حُمى لم يتحدد أسبابها بطريقة جامحة في جميع أنحاء البلاد منذ أواخر إبريل، أصابت 350 ألفًا في فترة وجيزة، وتماثل للشفاء ما لا يقل عن 162 ألفًا و200 منهم”، وسجّلت في مايو الجاري وحده 18 ألف إصابة بالحُمى، ووفاة 6 حالات منها لاحقًا، في حين “يخضع ما يصل إلى 187 ألفًا و800 شخص لعزل وعلاج”.

أمر غير مُعتاد

فرضت كوريا الشمالية إغلاقًا شاملًا يوم 12 مايو الجاري، بعد إقراراها رسميًّا بظهور كورونا على أراضيها. وجاء ذلك بعد إخضاع عدد غير مُحدد من الأشخاص لفحوص كورونا، جاءت نتائجها إيجابية للمتغير الفرعي لأوميكرون.

ومن غير المعتاد أن تُقرّ كوريا الشمالية المعزولة بتفشي أي مرض مُعدٍ، لا سيّما الأمراض الخطيرة مثل كوفيد، خاصة أنها فخورة للغاية بنفسها، وحريصة على عدم تشويه صورة ما تطلق عليه “المدينة الفاضلة الاشتراكية”، بحسب سي إن إن.

نقطة ضعف

كيم جونج أون يعترف بفيروس كورونا

تفقّد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، مقر الوقاية من الأوبئة في حالات الطوارئ بالبلاد يوم 12 مايو الجاري، وأقر بأن تفشي كوفيد يعني وجود “نقطة ضعف” في نظام الوقاية من الوباء في كوريا الشمالية، وفق ما أوردته وكالة الأنباء المركزية الكورية. ونقلت الوكالة عن كيم قوله: “إنه التحدي الأهم أمام حزبنا لعكس مسار أزمة الصحة العامة الفورية”.

وقالت إن اجتماعًا برئاسة كيم، للمكتب السياسي القوي لحزب العُمال الحاكم في البلاد، بحث يوم 12 مايو الجاري “التعامل غير الكُفء وغير المسؤول” للمسؤولين في إدارات الوقاية من الأوبئة للبلاد مع وباء كوفيد، الأمر الذي دفع إلى إغلاق جميع المدن وإعطاء أوامر “للأشخاص الذين يعانون من الحمى أو أعراض غير طبيعية” بالتزام الحجر الصحي.

لماذا أقرّت بيونج يانج بظهور الوباء الآن؟

لطالما شكّك خبراء في مزاعم خلو كوريا الشمالية من الوباء على مدى العامين الماضيين، خاصة أن العدوى أثرت بشدة في جيرانها الذين تشترك معهم في الحدود البرية، بما في ذلك الصين وروسيا وكوريا الجنوبية.

وبعد فترة وجيزة من ظهور كورونا وتفشيه كوباء عالمي، أغلقت كوريا الشمالية حدودها في يناير 2020. وفي أكتوبر من العام نفسه، أصدرت أمرًا بفتح النار على أي شخص يحاول الاقتراب من حدود البلاد، وهو ما فسره باحثون على أنه قرار ذو غرض مزدوج: تأمين الحدود ومراقبتها، وإبقاء كوفيد خارج البلاد أيضًا. لكن من المُحتمل أن يكون تسلل عبر إحدى البؤر التي لا يمكن إغلاقها، بحسب صحيفة إكسبريس الهندية.

تسلل غير قانوني

عزا محللون غربيون سبب إقرار كوريا الشمالية بظهور الوباء، إلى احتمالية أن يكون التفشي الحالي لكورونا أكبر من قدرة نظام كيم على الاختباء منه أو نفيه تمامًا. ورغم إغلاق الحدود الصارم، تسلل أشخاص بأساليب غير قانونية إلى كوريا الشمالية، لذلك يُحتمل أن تكون عدوى كورونا انتقلت على أراضيها قبل وقت طويل من إقرارها الرسمي، بحسب إكسبريس.

كيم جونج أونج يرتدي القناع لأول مرة في اجتماع طارئ فور الإعلان رسميًا عن فيروس كورونا

كيم جونج أون خلال اجتماع طارئ للمكتب السياسي لحزب العمال الحاكم في 12 مايو 2022

وفي سبتمبر 2021، أقامت كوريا الشمالية عرضًا عسكريًا احتفالًا بالذكرى السنوية 73 لتأسيسها، بمشاركة جنود وعمال كانوا يرتدون بدلات واقية. وخلال تجمع عام بمناسبة بدء “حملة الـ80 يومًا” في يناير 2021، شوهد سكان يرتدون أقنعة جراحية. مع ذلك، لم يُرَ كيم جونج أون مُرتديًا قناعًا إلا خلال اجتماع طارئ فور الإعلان رسميًّا عن أول إصابة بكورونا، تعهد فيه بالتغلب على الأزمة غير المتوقعة.

هل تلقّح الكوريون الشماليون ضد كورونا؟

تقول كوريا الشمالية إن سكانها البالغ عددهم 25 مليونًا لم يتلقوا تطعيمًا ضد كوفيد، في وقت لا تزال فيه قدرتها على إجراء فحوص كورونا غير معروفة، لكن يُقدر أنها محدودة، وهيكلها الصحي العام ضعيف. في سبتمبر 2021، قالت الأمم المتحدة إن كوريا الشمالية رفضت عروضًا لتزويدها بلقاحات سينوفاك الصينية، بدعوى أن الأولوية تقتضي منح جرعات اللقاح للدول الأكثر تضررًا.

وفي يوليو من العام نفسه، رفض نظام كيم شحنة بمليوني جرعة لقاح أسترازينيكا البريطاني السويدي، وسط مخاوف من آثار جانبية مزعومة. وبحسب إكسبريس، فإن قد يعود الرفض إلى الاشتباه في أي عملية مراقبة من الأمم المتحدة أو أي وكالة دولية أو دولة أجنبية، وبدلًا من ذلك، اختارت كوريا الشمالية إغلاق حدودها وعزل نفسها عن بقية العالم.

وبدورها، صرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، بأن الولايات المتحدة لا تنوي تقاسم اللقاحات مع كوريا الشمالية، لكنها تواصل دعم الجهود الدولية بتقديم المساعدات الإنسانية للكوريين الشماليين الأكثر ضعفًا.

كوريا الشمالية تمنع سكانها من التلقيح ضد كورونا scaled

ما المُتوقع؟

رغم حالة الطوارئ الوطنية الخطيرة لاحتواء التفشي المتفجر للوباء في كوريا الشمالية، قد لا تكون مستعدة بالضرورة لقبول مساعدات من كيانات أجنبية، بما في ذلك الأمم المتحدة، ومن غير المؤكد كيف ستنتهي الأزمة خلال الأسابيع والأشهر القادمة، وما الآليات التي سيلجأ إليها كيم اقتداءً بالدول المجاورة، بما في ذلك سياسة “صفر كوفيد” التي أثبتت فشلها في الصين.

ووفق إكسبريس، فإن عمليات الإغلاق الصارمة والتطعيمات غير الكافية، خلقت مجموعة كبيرة من الأشخاص غير المصابين، يستهدفهم متغيّر أوميكرون ومتحوره الفرعي، كما حدث بمقاطعة جيلين الصينية، المتاخمة لكوريا الشمالية. وفي كوريا الجنوبية، رغم ارتفاع نسبة التطعيم، والاستخدام واسع النطاق للأقنعة، والالتزام بسياسات الصحة العامة الفاعلة، ارتفعت نسب عدوى أوميكرون بين شهري فبراير وإبريل 2022.

ربما يعجبك أيضا