بعد طلبها رسميًّا الانضمام إلى «الناتو».. ماذا تعرف عن سياسة الحياد الفنلندي؟

علاء بريك

طلبت فنلندا الانضمام رسميًا إلى حلف الناتو، فما القصة؟


قدّمت فنلندا، أمس الأربعاء 18 مايو 2022، طلبًا رسميًّا للانضمام إلى حلف الناتو برفقة السويد، حسب ما كتبت صحيفة وول ستريت جورنال.

وأتت هذه الخطوة بعد عقودٍ ممَّا يسمى سياسة الحياد ليطوِّق الحلف روسيا من الحدود الغربية، فكيف تطورت العلاقة بين فنلندا وحلف الناتو عبر التاريخ؟ وما أصل سياسة الحياد هذه؟ ولِمَ تتخلَّ عنها اليوم؟

فنلندا تاريخيًّا

بحسب الموسوعة التاريخية، ظلت فنلندا ما يقرب من 700 عام تحت الخكم السويدي، ومع بداية القرن الـ19 دارت المواجهات بين المملكة السويدية والإمبراطورية الروسية على الأراضي الفنلندية، وانتهت إلى إخراج السويد من فنلندا وتحوُّل الأخيرة إلى دوقية بحكم ذاتي تحت المظلة القيصرية.

وبحلول عام 1917 وانتصار الثورة البلشفية في روسيا، أعلنت فنلندا استقلالها، ودارت فيها حرب أهلية بين أنصار الاتحاد السوفييتي الوليد، وأنصار الإمبراطورية الألمانية، انتهت إلى انتصار الفريق الثاني، ومع هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى باتت فنلندا مستقلة فعليًّا.

أصل الحياد الفنلندي

بحسب ورقةٍ نشرها معهد العلاقات الدولية الفنلندي، وقعت فنلندا تحت النفوذ السوفييتي بعد حرب الشتاء، وربطها مع السوفييت اتفاقية صداقة وتعاون مشترك، أقرت لفنلندا بحيادها في الصراعات بين القوى الكبرى، لكنّها ألزمتها بالتعاون العسكري، حال تعرض أي منهما لتهديد عسكري.

وفنلندا لم تُرِد أن يرى الغرب فيها تابعًا سوفييتيًّا، ولهذا انتهجت، منذ أواسط الخمسينيات، سياسة الحياد لإيصال هذه الرسالة إلى الغرب، ويمكن عزو هذا الحياد إلى توازنات ما بعد الحرب العالمية الثانية والطبيعة الجيوبوليتيكية الخاصة لفنلندا التي تتشارك ألفًا و300 كيلومتر من الحدود مع روسيا.

ما بعد الحياد

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، توطد عهد جديد في السياسة الخارجية الفنلندية، واختفى من الخطاب السياسي مفهوم الحياد. ولقد تغيَّر المشهد الأمني على الساحة الأوروبية، ولم يعُد للحياد أي معنى بعد انتهاء الصراع بين القوى الكبرى، حسب ما كتب موقع “نوردِكس“.

وبعد الانهيار، انضمت فنلندا إلى الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من هذه التطورات، فإنه لم تطلب فنلندا العضوية الكاملة في حلف الناتو، بل اكتفت بالشراكة معه في مهمات حفظ السلام والتدريبات المشتركة والتفاهمات الأمنية والتعاون الاستخباري، دون أن تكون عضوة رسمية داخل الحلف.

العلاقة بين “الناتو” وفنلندا

بحسب معهد العلاقات الدولية الفنلندي، شهدت العلاقة بين فنلندا والناتو تحولًا كبيرًا منذ التسعينات، فقد تمحورت العلاقة بدايةً حول إدارة الأزمات، ولكن لاحقًا تغيَّرت طبيعة هذه العلاقة إلى التحوّط من التهديدات الخارجية، أو بعبارة أخرى تركزت العلاقة على تعزيز القدرات الدفاعية الفنلندية.

وبالإضافة إلى الجانب العسكري، فقد زاد التشاور السياسي بين الجانبين، ويظهر هذا من مشاركة فنلندا في اجتماعات أعضاء الحلف، مثل قمة وارسو، رغم أنها دولة غير عضوة في الحلف، فضلًا عن تشارك المعلومات عن تقديرات الموقف الأمني في منطقة البلطيق ومعلوماتٍ عن الصواريخ الباليستية في المنطقة.

الحدث الأوكراني

مع بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا، أعلنت فنلندا عزمها إرسال أسلحة وذخائر إلى أوكرانيا في خطوة وصِفَت بالتحول السياسي، حسب وكالة رويترز، وبالإضافة إلى المساعدات، أصدرت الحكومة الفنلندية تقريرًا ذكرت فيه تغيّر المشهد الأمني الأوروبي، وأشارت علنًا إلى حقها في الانضمام إلى أي تحالف عسكري أو لعضوية حلف الناتو.

ومن جانبها، ردّت روسيا على هذه التطورات، بالإعراب عن القلق والتهديد من تبعات الانضمام، ومن الردود الأخرى أنِ اخترقت طائرات حربية روسية المجال الجوي الفنلندي، في 8 إبريل 2022، إلى جانب تصعيد الهجمات الإلكترونية وعمليات الاختراق السيبراني.

المناخ الشعبي

ناقش البرلمان الفنلندي، في إبريل 2022، مسألة الانضمام إلى حلف الناتو. وأتى هذا النقاش، في ظل تحول تاريخي في الموقف الشعبي في فنلندا من الانضمام إلى الحلف. وفي 2017 أظهرت نتائج استطلاع أجرته هيئة الإذاعة الفنلندية، أن 80% من الفنلنديين يؤمنون بضرورة بقاء فنلندا خارج حلف الناتو.

ومع الاجتياح الروسي لأوكرانيا أبدى أكثر من نصف الفنلنديين موافقتهم على تسريع عملية الانضمام إلى الحلف، بحسب استطلاع أجرته الهيئة في فبراير 2022. وفي مارس الماضي أعادت الهيئة الاستطلاع، وكانت النتائج تشير إلى ارتفاع تأييد الفنلنديين الانضمام إلى الناتو.

 

ربما يعجبك أيضا