منفعة متبادلة.. شراكة الإمارات وروسيا في القطب الشمالي

فاروق محمد

ستكون الإمارات فاعلاً مهماً في تطوير وبناء قدرات البنى التحتية والخدمات في القطب الشمالي، عبر تعزيز شراكاتها وتواجدها بتعزيز استخدام الشراكات الاقتصادية.


تسببت التغيرات المناخية، بذوبان كتل كبيرة من الجليد بالقطب الشمالي، ما أدى إلى ظهور ثروات طبيعية، أصبحت محل صراع محتمل على هذه الموارد خاصة الطاقة.

وتتشارك 5 دول فقط في موارد القطب الشمالي، هي روسيا والولايات المتحدة وكندا والدنمارك والنرويج، وينظم العلاقة بينهم الاتفاقية الدولية لتقسيم الجرف القاري الصادرة عام 1982، ورغم أن الاتفاقية حددت الحدود الاقتصادية لكل دولة والمقدرة 200 ميل بحري، إلا أن الدول مدت حدودها شمالًا للاستفادة أكثر من الثروات.

طموحات موسكو في القطب الشمالي

بحسب دراسة لمركز رؤية للدراسات الاستراتيجية، تمتلك روسيا النصيب الأوفر من ثروات القطب الشمالي، فلديها 53% من الشواطئ المطلة عليه، وتمتلك أكبر الحقول النفطية من الغاز والبترول، ويشمل هذا حقل “يامال” للغاز الطبيعي المسال في شمال غرب سيبيريا، وطورت مشروع الغاز الطبيعي “المسال-2” في القطب الشمالي الذي تبلغ كلفته 23 مليار دولار، ومقرر أن يصدّر المشروع أولى شحناته في عام 2023.

نصت العقوبات المفروضة على روسيا تجميد عقود تسليم السفن اللازمة لشحن الوقود، وأصبحت طلبات الشراء غير مضمونة نتيجة إدراج الشركاء والعملاء الروس لأحواض السفن الدولية على قوائم العقوبات، بالإضافة إلى إعلان الشركات الكورية امتثالها للعقوبات الدولية على روسيا وبالتالي إيقاف عمل بناء 35 سفينة لنقل الغاز المسال لروسيا.

الاستراتيجية الإماراتية

تستهدف الإمارات تنويع شراكاتها الاستراتيجية وتوسيع قدراتها المحلية لتقليل اعتمادها على استيراد الغاز وتحاول الإمارات الاكتفاء ذاتيا بحلول عام 2025، فضلًا عن سعيها لتكون الأولى عالميًا في احتياطات النفط والغاز بدلًا من المركز السادس.

وتدرك شركة موانئ دبي العالمية، أهمية تقصير وقت العبور بين آسيا وأوروبا، وسيمكن دخول منطقة القطب الشمالي للشحن الإمارات من الحصول على موطئ قدم في منطقة بحرية ناشئة سريعة، ومهمة من الناحية الاستراتيجية، وترسيخ مكانتها كمركز تجاري ولوجستي عالمي، وتقوية علاقاتها مع روسيا.

الاستثمارات الإماراتية في الحقول والشركات الروسية

الاستثمار الأجنبي هدف رئيس للإمارات، في إطار تعزيز أمنها القومي، وتحقيقًا لهذه الغاية، فإن الشركات المدعومة من الدولة توجه استثماراتها في البنية التحتية الحيوية والمشاريع المهمة سياسيًّا في الخارج لتحقيق هدفين، هما تحقيق الأرباح؛ وتعزيز الشراكات الاستراتيجية وربط المصالح السياسية والاقتصادية مع العديد من القوى الدولية.

ومثال ذلك، توقيع “موانئ دبي” اتفاقية مع شركة روساتوم الروسية المملوكة للدولة للتعاون في تطوير وتشغيل خدمات الشحن على طول الطريق بين آسيا وأوروبا.

الشراكة الإماراتية الروسية

لا يقتصر العمل مع الإمارات على تعزيز نفوذ روسيا في منطقة الخليج وأسواق الطاقة العالمية فحسب، بل يسمح أيضًا لموسكو تقليل اعتمادها على دول مثل الصين لتنمية أقصى شمالها، فتختلف المصالح الروسية والصينية في القطب الشمالي.

ولا تعد الشراكة الاقتصادية الصينية الروسية حائل أمام الشكوك المتبادلة، في محاولة لتقليل اعتمادها على الصين في تحقيق طموحاتها في القطب الشمالي، فتحولت روسيا إلى دول مثل اليابان والهند وكذلك نحو الدول الغنية الأصغر مثل الإمارات لجذب الاستثمار.

مستقبل القطب الشمالي

حولت البنية التحتية غير الكافية للنقل والاتصالات في القطب الشمالي بناء القدرات إلى أولوية استراتيجية للدول الإقليمية وقناة مفيدة للجهات الفاعلة الخارجية لاكتساب وتعزيز وجودها وتأثيرها في القطب الشمالي. توضح مراجعة أحدث وثائق استراتيجية لدول القطب الشمالي أنها تحدد جميعًا الحاجة إلى التعاون التكنولوجي والاستثمارات المشتركة لبناء بنية تحتية ذكية وخضراء في المنطقة.

ستكون الإمارات فاعلاً مهماً في تطوير وبناء قدرات البنى التحتية والخدمات بالقطب الشمالي، وهي الاستراتيجية التي تتبعها دولة الإمارات دائمًا من خلال تعزيز شراكاتها وتواجدها.

ربما يعجبك أيضا