ليتوانيا تمنع عبور بضائع وروسيا تتوعّد برد انتقامي.. ماذا يحدث في كالينينجراد؟

رنا أسامة

تقع كالينينجراد بين عضوين بالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وتتلقى إمدادات من روسيا عبر خطوط سكك حديدية وأنابيب غاز عبر ليتوانيا.


في خِضم الحرب الروسية الأوكرانية، حظرت ليتوانيا عبور بعض البضائع إلى مدينة كالينينجراد الروسية البالغ عدد سكانها 430 ألف نسمة، في خطوة وصفها الكرملين بأنها “غير مسبوقة”، متعهّدًا بالرد.

وتقع كالينينجراد بين بولندا وليتوانيا، عضويّ الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي “الناتو”، وتتلقى إمدادات من روسيا عبر خطوط سكك حديدية وأنابيب غاز عبر ليتوانيا، استولى عليها الجيش الأحمر من ألمانيا النازية في إبريل 1945، ثم تنازل عنها للاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية.

حظر بضائع خاضعة لعقوبات أوروبية

اعتبارًا من 18 يونيو الجاري، حظرت السلطات الليتوانية عبور البضائع التي تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي عبر أراضيها، بما في ذلك طريق سكك حديدية وحيد بين البر الرئيسي لروسيا وجيب كالينينجراد الخالي من من الجليد على مدار السنة، وموطن لأسطول موسكو في البلطيق.

وأوضح وزير الخارجية الليتواني، جابرييليوس لاندسبيرجيس، أن بلاده فرضت حصارًا على عبور سلع خاصعة لعقوبات أوروبية عبر أراضيها “بعد مشاورات مع المفوضية الأوروبية، تحت قيادتها”. وتشمل السلع المحظورة الفحم والمعادن ومواد البناء والتكنولوجيا المتقدمة، حسبما أفادت وكالة رويترز.

البضائع إلى كالينينجراد الروسية

الكرملين ينتقد الحظر الليتواني: انتهاك غير قانوني

انتقد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، القرار، قائلًا إنه “انتهاك لكل شيء” وأمر غير قانوني لا يتفق مع قواعد العبور الحر وأحكام انضمام دول البلطيف “لاتفيا وليتوانيا وإستونيا” للاتحاد الأوروبي.

وأضاف في تصريحات صحفية يوم 20 يونيو: “الوضع أكثر من خطير يحتاج لتحليل مُعمّق وجاد “، مُشيرًا إلى أن الرد الروسي سيكون جاهزًا خلال أيام، وفق رويترز.

استدعاء وتحذير

ردًا على الحظر، أبلغت الخارجية الروسية القائمة بأعمال ليتوانيا، باحتفاظ موسكو “بالحق في اتخاذ الإجراءات لحماية مصالحها الوطنية إذا لم يتوقف حصار الشحنات العابرة إلى كالينينجراد بالكامل”، مُطالبة بالرفع الفوري للقيود الليتوانية التي وصفتها بالعدائية العلنية، بحسب بيان أوردته صحيفة ذا موسكو تايمز.

وتابعت: “إننا ننظر للتدابير الاستفزازية التي اتخذها الجانب الليتواني، التي تنتهك الالتزامات القانونية الدولية لليتوانيا، لا سيّما البيان المشترك لروسيا والاتحاد الأوروبي بشأن العبور بين كالينينجراد وبقية الأراضي الروسية لعام 2002، كأعمال عدائية واضحة”.

تقييد البضائع إلى كالينينجراد عبر ليتوانيا

كالينينجراد تدعو لإجراءات انتقامية

قدّر حاكم كالينينجراد، أنطون عليخانوف، بأن الحظر قد يؤثر على نحو نصف البضائع التي يستوردها الجيب الروسي، وقد يكون له عواقب بعيدة المدى لليتوانيا والاتحاد الأوروبي، داعيًا السلطات الفيدرالية الروسية لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد ليتوانيا.

وأضاف: “لدينا عبّارات تشغيل، ونشغل سفنًا يجري تحميلها في أيام بنسبة 10-30%، ولدينا سعة حرة كافية في أيام أخرى”، مُبينًا أن “عبور المنتجات النفطية بالسكك الحديدية إلى كالينينجراد لن يتوقف حتى 10 أغسطس”، على أن يستمر حتى بعد هذا مع مراعاة التزامات الاتحاد الأوروبي بعدم إعاقة العبور”، وفق وكالة الأنباء الروسية الرسمية “تاس“.

حاكم كالينينجدار

توضيح ليتواني واتهامات روسية

في وقت سابق، قال نائب وزير الخارجية الليتواني مانتاس أدوميناس إن الوزارة تنتظر “توضيحًا من المفوضية الأوروبية بشأن إخضاع عبور البضائع في كالينينجراد لعقوبات أوروبية”.

من جهته، اتهم نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيوف، ليتوانيا بانتهاك قوانين دولية بحصارها لمقاطعة كالينينجراد الروسية، مُشيرًا إلى أن “اتفاقية الشراكة والتعاون بين روسيا والاتحاد الأوروبي في 24 يونيو 1994 لازالت جارية، وأن حرية العبور أحد المبادئ الأساسية لمنظمة التجارة العالمية”.

منطقة عازلة طبيعية تُهدد أوروبا

بحسب تحليل لمجلة ذي إيكونوميست، فإن كالينينجراد وضعها فريد لأنها “منطقة عازلة طبيعية” قريبة من أوروبا، تمنح روسيا الفرصة لتهديد القارة العجوز، لكن موسكو قد تواجه صعوبات في استغلاله في حال اندلعت حرب مع جيرانها أو الناتو.

ولطالما استخدمت روسيا هذا الجيب المعزول لتهديد أوروبا. في مايو الماضي، أعلنت روسيا أنها أجرت في كالينينجراد محاكاة لعملية إطلاق صواريخ نووية على مواقع معادية مُتخيلة في أوروبا. وتخشى السويد من هجوم روسي بحري ينطلق من كالينينجراد على جزيرة جوتلاند في البلطيق، فيما يتخوّف الناتو من أن تغزو روسيا بولندا وليتوانيا لإنشاء ممر بري من تلك الأراضي إلى بيلاروسيا.

كالينينجراد وروسيا

أنظمة رادارية ومراقبة جوية

منطقة كالينينجراد مليئة بأنظمة رادارية توفر مراقبة جوية لوسط أوروبا، كما أنها مزوّدة مزودة بنظام الدفاع الصاروخي الروسي “إس-400″، وصواريخ إسكندر قصيرة المدى، ما يجعل الرؤوس الحربية النووية قريبة على نحو مقلق من مدن أوروبية، ويعتقد على نطاق واسع أن كالينينجراد تضم بالفعل على أسلحة نووية روسية، بحسب ذي إيكونوميست.

وكان ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي الرئيس الروسي السابق، هدد سابقًا بنشر “قوات بحرية كبيرة في خليج فنلندا”، قائلًا “لا يمكن الحديث عن وضعية لا نووية لبحر البلطيق”، في تهديد صريح بنشر أسلحة نووية في المنطقة. لكن في حالة نشوب حرب، وفق المجلة، لن يترك موقع المنطقة القريب من دول الناتو سوى مجال ضئيل للقوات الروسية لكي تتفرق.

ربما يعجبك أيضا