محاولة جديدة لتوقيف حاكم مصرف لبنان بسبب اتهامات الفساد

محمود سعيد

تلاحق اتهامات الفساد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، لكنه تغيب عدة مرات عن جلسات التحقيق، ما دفع النائب العام في جبل لبنان إلى إصدار مذكرة إحضار بحقه.


تواصلت الملاحقات اللبنانية والدولية لحاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، الذي يشغل منصبه منذ 3 عقود، ويخضع منذ أشهر لتحقيقات تتعلق بحساباته وأصوله المصرفية.

الأزمة الاقتصادية في لبنان التي بدأت عام 2019 وأدت إلى انهيار الليرة أمام الدولار، جعلت قطاعات واسعة من اللبنانيين تدخل تحت خط الفقر، ومع الانتفاضة العابرة للطوائف، واجهت الطبقة الحاكمة تهمًا بالفساد، وخضع دور سلامة في البنك المركزي لتحقيقات واسعة للكشف عن مصدر ثروته الداخلية والخارجية.

من هو حاكم مصرف لبنان؟

ولد رياض سلامة، في 17 يوليو 1950. وتابع دراساته في مدرسة سيدة الجمهور للآباء اليسوعيين، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت، ونال إجازة في الاقتصاد، وعيّن حاكمًا لمصرف لبنان في أغسطس 1993، لمدة 6 سنوات، وأعيد تعيينه لـ4 ولايات متتالية في 1999 و2005 و2011 و2017.

سلامة يشغل منصب عضو في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي، وفي 2013 أصبح رئيسًا مشاركًا في مجلس الاستقرار المالي لمنطقة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمدة عامين، وحصل على جائزة يورو ماني لأفضل حاكم مصرف مركزي في العالم عام 2006.

مداهمة منزل سلامة

مساء الثلاثاء الماضي، داهمت قوة أمنية لبنانية منزل سلامة في جبل لبنان، أثناء إجرائه مقابلة تلفزيونية، تنفيذًا لأمر قضائي بتوقيفه، وقالت الوكالة الوطنية للإعلام، إن الدورية الأمنية داهمت منزل سلامة في الرابية بإشارة من المدعية العامة في جبل لبنان، القاضية غادة عون، تنفيذًا لمذكرة الإحضار الصادرة بحقه بتهمة اختلاس أموال عامة وتبييض أموال.

الدولة اللبنانية لم تقبض على سلامة لعدم وجوده في منزله، لكنها أرادت إرسال رسالة للدول المانحة التي اشترطت التدقيق في ملفات الفساد وملف حاكم المصرف قبل الإفراج عن الأموال المجمدة للمساعدة في خروج لبنان من أزمته الاقتصادية التي بدأت في 2019.

اتهامات دولية ومحلية

فتحت بلدان أوروبية في فبراير الماضي سلسلة من التحقيقات بشأن الحسابات البنكية لسلامة ونشاطاته المالية في مجموعة من الدول، كونه يواجه تهمًا تشمل غسل الأموال والتربح، على خلفية امتلاكه لعقارات بملايين اليوروهات، وتوّلى قضاة التحقيق في نيابة مكافحة الفساد في باريس التحقيقات المفتوحة في فرنسا حول الثروة الكبيرة التي يملكها في أوروبا.

كانت النيابة الوطنية المالية فتحت في 2 يوليو 2021 “تحقيقًا قضائيًا ضد سلامة بتهم تبييض أموال في عصابة منظمة وتآمر جنائي”، وفق نيابة مكافحة الفساد، وأصدرت مذكرة منع من السفر بحق سلامة، بسبب “ما ورد في ملف التحقيق الأولي من قرائن وأدلة، لا سيما الشكوى المقدمة من محامي الدائرة القانونية لمجموعة الشعب يريد إصلاح النظام”.

الحاكم يدافع عن نفسه

رياض سلامة رفض الاتهامات الموجهة ضده باستمرار، وقال في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” إن “خصومه” نشروا معلومات مضللة عن مصادر ثروته، وأنه “لم يُخفها أبدًا”، متابعًا: “كشفت عن مصدر ثروتي للرأي العام اللبناني في أحد لقاءاتي التلفزيونية، وقبل تعييني حاكمًا لمصرف لبنان، كنت مصرفيًّا ناجحًا في شركة ميريل لينش منذ العام 1993، براتب سنوي قدره مليون دولار”.

ونقلت “الشرق الأوسط” عنه أن ضميره مرتاح رغم الحملات التي يتعرض لها ومحاولات تحويله إلى “كبش محرقة”، في ظل أزمة اقتصادية أدت إلى خسارة الليرة اللبنانية نحو 95% من قيمتها، وأنه طلب من شركة التدقيق مراجعة استثماراته وحساباته الشخصية، مشددًا على عزمه تقديم التقرير المُعد إلى السلطات القضائية وأشخاص آخرين عند الحاجة.

حماية البطريرك لسلامة

البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، دافع مرات عن رياض سلامة، بوصفه مارونيًّا، ووقف في وجه الحملة التي شنها التيار العوني ضده، مطالبًا بمحاكمة جميع الفاسدين، وعدم انتقاء السلطة شخصًا واحدًا لإلقاء المسؤولية عليه، والتوقف عن الإضرار بسمعة لبنان والنقد اللبناني والمصرف المركزي والجيش والقضاء لأنها ثلاثية الاستقرار والأمن والعدالة في لبنان.

ربما يعجبك أيضا