مدير سياسات «البنتاجون» السابق: هكذا يمكن احتواء تهديد الصين

أحمد ليثي

واصلت الولايات المتحدة السياسة التي اتبعتها مع الصين بعد الحرب الباردة، بدلًا من التركيز الجاد على التهديد المتزايد لصعود بكين.


تنظر أمريكا إلى نفوذ الصين المتصاعد بعين التحدي، باعتبارها قوى صاعدة، تسعى إلى تجاوز أكبر القوى المهيمنة في العالم الآن.

ويرى مدير التخطيط السابق للسياسات في وزارة الدفاع الأمريكية، زلماي خليل زاد، في مقاله المنشور بصحيفة ناشونال إنترست، 24 يونيو 2022، أن روسيا أيضًا تحاول تحدي أمريكا في أوكرانيا، في محاولة اعتبرها “غير مجدية” لاستعادة الإمبراطورية.

زلماي خليل زاد

زلماي خليل زاد

الحرب الروسية الأوكرانية لا تشغل أمريكا عن الصين

أوضح خليل زاد، الذي عمل سابقًا سفيرًا لأمريكا في أفغانستان والعراق والأمم المتحدة، أن الحرب الروسية الأوكرانية أمر ملحّ من منظور الأمن القومي، ولكن الصين تمثل أكثر خطورة وشمولية بأبعاد اقتصادية وسياسية وتكنولوجية وعسكرية،

وشدد، في مقاله، على أنه يجب أن تكون الصين محور تركيز السياسة الخارجية الأمريكية حتى في ما يتعلق بقضايا الحرب والتسلح، منتقدًا استمرار واشنطن في انتهاج السياسة التي اتبعتها مع بكين بعد الحرب الباردة، بدلًا من التركيز الجاد على التهديد الصيني المتزايد.

كيف تعاملت أمريكا بعد الحرب الباردة؟

أوضح الدبلوماسي الأمريكي البارز أن الولايات المتحدة احتوت الصين خلال الحرب الباردة، اعتقادًا بأن الاتحاد السوفيتي صار أقوى من أمريكا، ولكن حتى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي واصلت نفس السياسة دون تغيير.

أملت أمريكا أن يعزز التقدم الاقتصادي الديمقراطية في الصين، وظنت أن الحزب الشيوعي في طريقه إلى الزوال، ولكن استمرت الصين سلطوية، بل وصارت دولة قمعية مع تقدمها في التوظيف الرقمي، بحسب الكاتب الذي لفت النظر إلى ما قال إنه استبداد صيني في الأشهر الأخيرة باسم السيطرة على فيروس كورونا.

كيف تتحرك الصين لتصبح قوة عالمية؟

أشار المقال إلى أن الصين تتحرك على جبهات عدة، في سعيها لتصبح القوة الأبرز في العالم، وقد تكون متقدمة على أمريكا في بعض المجالات في ما يتعلق بالتكنولوجيا، وكذلك فإن قوتها العسكرية آخذة في النمو، وحققت تقدمًا اقتصاديًّا هائلًا، وكل ذلك يرجع إلى استغلالها الفرص التي يوفرها القطاع الخاص في أمريكا.

وأوضح أن الصين أغرت شركات القطاع الخاص الأمريكية بالعمالة الرخيصة، ومنشآت الإنتاج السريعة، والوعد بسوق استهلاكية ضخمة، لنقل جزء كبير من تلك الشركات إنتاجه إليها، وهي الخطوة التي قال إنها جعلت الشركات الأمريكية تتخلى أيضًا عن الملكية الفكرية، وصارت أمريكا تعتمد على الصين على نحو أساسي لتوريد المنتجات.

كيف تستخدم الصين قوتها الاقتصادية؟

أوضح خليل زاد أن الحزب الشيوعي الصيني يستخدم القوة الاقتصادية لتوسيع مجالات النفوذ حول العالم، فصارت العديد من الدول مثقلة بالديون الصينية، وتستفيد من الروابط الاقتصادية، وما يسمى بمبادرة الحزام والطريق لتحقيق ميزات جيوسياسية، وكذلك تتوسع في إفريقيا للسيطرة على المعادن النادرة.

ويقول السفير المخضرم إن الصين تسعى إلى التوسع خارجيًّا من خلال دعم أعداء أمريكا، مثل إيران وكوريا الشمالية، وتحاول تقويض أمريكا من الداخل من خلال تعزيز الانقسام، والإضرار بثقة الشعب في المؤسسات الأمريكية، عبر تطبيقات مثل “تيك توك”، وإدمان الشباب الأمريكي على المخدرات المصنعة في الصين، مثل الفنتانيل.

كيف تحمل الحرب الروسية الأوكرانية فرصًا مهمة؟

يشدد خليل زاد على أن الحرب الروسية الأوكرانية تنطوي على فرص مهمة للولايات المتحدة، في ظل شعور حلفاء أمريكا الأوروبيين بأنهم يواجهون مخاطر أمنية حقيقية، وتحركوا بالفعل لوضع ميزانية للدفاع الواقعي، وتقليل الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية.

ويضيف أن الأداء الضعيف لروسيا في أوكرانيا أدى إلى خلق فرص جديدة لمزيد من التعاون الدفاعي مع الهند ودول أخرى اعتمدت بقدر كبير على المعدات العسكرية الروسية، ولكن الصراع المكلف في أوكرانيا يمتص القوة العسكرية الأمريكية، ويجعل روسيا تعتمد بقدر متزايد على الصين، بما يخدم مصالح بكين.

الولايات المتحدة والعالم

بحسب المقال، فإنه على الولايات المتحدة أن تهتم بالشرق الأوسط لمنع الهيمنة الإيرانية في المنطقة، والحد من نمو النفوذ الصيني، والبحث عن الفرص، لأن روسيا قد لا تتمكن من الحفاظ على موقعها في سوريا، ولكن سعي إيران إلى امتلاك أسلحة نووية سيظل تحديًا مستمرًّا، لذا يشدد خليل زاد على أهمية بناء شراكات أكثر قوة مع الحلفاء في الشرق الأوسط.

وشدد على أن أمريكا يجب أن تعزز الترابط الإقليمي، والإصلاح في وسط وجنوب آسيا، مثل التعاون مع طالبان في القضايا التي تفيد الاستقرار الإقليمي، وتطبيق اتفاقية الدوحة، خصوصًا أن روسيا كانت على بعد خطوة من شحن إمدادات عسكرية مثل الأنظمة المضادة للطائرات لطالبان، ردًّا على  دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا.

ربما يعجبك أيضا