دون علم كثيرين… نشاط واسع للمخابرات المركزية الأمريكية في أوكرانيا

علاء بريك

أحد مخاطر هذه الخطوة الأمريكية أن تتطور إلى حرب مباشرة على غرار ما حصل في فيتنام وأفغانستان.


كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز عن مشاركة عناصر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الحرب الأوكرانية من داخل أوكرانيا.

أثار هذا التقرير عديدًا من المناقشات عن شفافية العمليات العسكرية الأمريكية، لا سيما مع تأكيدات الإدارة الأمريكية بأن لا وجود عسكري لقواتها على الأرض، وعن مخاطر هذه المشاركة على الأرض.

مَن على الأرض؟

قبل نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، صرح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بعدم وجود أي نية لنشر قوات أمريكية على الأرض الأوكرانية لردع أي هجومٍ روسي محتمل، وفقًا لرويترز. وبعد نشوب الحرب، أكد بايدن مجددًا أنه لن يرسل أي قوات أمريكية للقتال ضد روسيا، حسبما يورد موقع وزارة الدفاع الأمريكية.

لكن صحيفة نيويورك تايمز كشفت في تقرير لها عن مشاركة لقوات أمريكية من المخابرات المركزية على الأرض في أوكرانيا، ويعمل هؤلاء سرًا على تقديم المشورة العسكرية والمعلومات الاستخبارية والتدريب، إلى جانب وجود عشرات من أفراد الكوماندوس من دول حلف الناتو، ويتركز وجودهم في العاصمة كييف.

حرب مَن؟

تتساءل الكاتبة والمستشارة في معهد كوينسي، كيلي بيوكَر فلاوس، في مادتها على موقع “ريسبونسبل ستايت كرافت” عمن يخوض هذه الحرب، على ضوء تقرير نيويورك تايمز، لا سيما بعد ثبوت زيف تصريحات الرئيس الأمريكي ووجود عسكريين أمريكيين على الأرض إلى جانب القوات الأوكرانية.

وتقول فلاوس إن المعلومات الجديدة تكشف عن أن الحرب الحالية تشارك فيها أمريكا، لا من وراء الكواليس، بل مباشرةً وإن لم يكن جنودها على الخطوط الأمامية، لكنها مع ذلك تواصل طمأنة الشعب الأمريكي بأنها ليست في حالة حرب مع روسيا، رغم ما تقدمه من حزم مساعدات لأوكرانيا.

تجهيل الرأي العام

تشير فلاوس إلى أن تقرير النيويورك تايمز قد فتح الباب أمام نقاشات محتدمة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن الرقابة العامة على القرارات العسكرية تجنبًا لمخاطر جر البلاد إلى مواجهات بلا طائل. لكن الرقابة على مثل هذه القرارات ليس بالأمر الناجع في ظل طريقة عمل المؤسسات العسكرية والاستخباراتية.

تضيف فلاوس أن مَن يعلم بعمل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في أوكرانيا قد لا يتجاوز 2% من أعضاء الكونجرس، وهذه الـ2% تنحصر في لجنتي المخابرات في مجلسي الشيوخ والنواب، وحتى مع معرفة هؤلاء فإن خروج المعلومات إلى العلن ومناقشتها وما إلى ذلك ليس أمرًا واردًا بالاستناد إلى التجارب السابقة.

شكليات ويد مطلقة

يشير الصحفي، جاك مورفي، في تغريدة على موقع تويتر إلى أن الرأي العام الأمريكي لا يحصل على معلومات كافية عما تفعله الحكومة الأمريكية لأن وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية عندما تقترح على الكونجرس عملياتها فإن هذا الإجراء شكلي بحت وهدفه الحصول على الضوء الأخضر.

من جهة ثانية، تنفذ المؤسسة العسكرية الأمريكية عمليات لم تخضع فيها لأي محاسبة وتمكنت من الإفلات من العقاب، فضلًا عن ذلك لم يعلم بها الرأي العام الأمريكي، وكان من الممكن أن تمر مرور الكرام لولا كشفها من بعض اللجان الخاصة، وعلى ضوء تاريخ المؤسسة العسكرية هذا تتساءل فلاوس هل نصدق اليوم بوجود رقابة أشد؟

ما معنى الوجود على الأرض؟

تستعير فلاوس تعبيرات الباحث في معهد كوينسي، جورج بيبي، لتسأل عن مدى إدراك واشنطن لمعنى الحرب بالوكالة التي تخوضها في أوكرانيا، وبحسب بيبي فإن واشنطن تعيد سيناريو تجاربها القديمة في فيتنام حيث تطورت مشاركتها من بضع مستشارين عسكريين إلى حرب مباشرة شارك فيها نصف مليون أمريكي.

أما اليوم، يتابع بيبي، وعلى ضوء النجاح الروسي في شرق أوكرانيا، تضاعف الولايات المتحدة وحلفائها من العقوبات الاقتصادية على موسكو ومن مساعداتها لكييف، لكن من غير الواضح مدى ما سيساهم فيه رد الفعل هذا في إنهاء حالة الجمود على الأرض، بيد أن الواضح من وجهة نظر بيبي أن واشنطن لا تملك خطة للخروج من هذا المأزق.

ربما يعجبك أيضا