العقال والغترة.. زي شعبي عتيق لم يفقد بريقه في بلاد الخليج

رنا الجميعي
العقال والغترة زي شعبي يحفظ هيبة سكان شبه الجزيرة العربية

تتعدد الروايات التاريخية يشأن ظهور العقال والغترة، ولكن المؤكد أنهما قطعتان تدلان على تمسك شعوب دول الخليج والعراق وغيرها بالزي الشعبي.


حتى الآن لا يزال العرب يرتدون الزي التقليدي المكون من العقال والغترة، ما يعني تمسكهم بالهوية العربية، وتحديدًا ثقافتهم البدوية.

ويعدّ العقال والغترة قطعتين من الزي العربي توضعان على الرأس، ويرتديهما الرجال في الجزيرة العربية والأحواز والعراق وبلاد الشام ومصر، ولا توجد مراجع موثّقة عن تاريخ ظهوره، ولكن تشير مصادر إلى أنه يعود إلى أوائل القرن 18، تحديدًا من شمال الجزيرة العربية.

استخدم العقال قديمًا لربط قدمي الجمال

قبل ظهور أثر تاريخي للعقال، تُظهر غالبية الرسوم والمنحوتات على ارتداء العرب للعمائم، وبسبب ارتباط العقال بثقافة البدو، تشير روايات تاريخية إلى أن سبب ظهور العقال هو استخدامه كسياط لتحريك الغنم، أو لربط قدمي الجمال، وبعد الانتهاء من استخدامه بهذا الشكل يوضع فوق الرأس، وارتداه رجال وسط شمال الجزيرة العربية في بدايات ظهوره.

ويُصنع العقال عادة من خيوط منسوجة من صوف الماعز، وتطورت صناعته في ما بعد، ودخل فيها استخدام الخيوط المنسوجة من القطن والحرير، ورغم استمرار الصناعات التقليدية في صنعه من صوف الماعز، فإن التطوير كان مرتبطًا بالمستويات الاجتماعية، وأنه يرمز للهيبة والإشارة إلى المكانة الاجتماعية.

أنواع العقال

تتعدد أنواع العقال، ويوجد منه الأسود المصنوع من الصوف وشعر الماعز، وكذلك الأبيض الذي ارتدته قديمًا قبائل في العراق، والعقال “الذري” الذي يرتديه الرجال في المناسبات الوطنية والاحتفال، ويوجد أيضًا العقال المصنوع من وبر الخروف، ولونه يكون بنيًّا فاتحًا أو أبيض، وعقال “المرعز” الذي يُصنع من شعر الماعز المستحضر من بادية العراق.

ويعتبر العقال المقصّب من أشهر الأنواع، ويتكون من 4 أركان تحيط بالرأس، ومصنوع من خيوط ذهبية أو فضية، وبينهما ينتشر الصوف الأسود، ويعد رمزًا ملكيًّا، فظهر به الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس الدولة السعودية، وانتشر بعد ذلك وصار جزءًا من الزي الشعبي للسعوديين، ولا يعتبر العقال مجرد قطع إضافية، بل دلالة على الهيبة والرجولة.

الملك عبد العزيز آل سعود يرتدي العقال المقصب

الملك عبد العزيز آل سعود يرتدي العقال المقصب

 الغترة الأصلية

بجانب العقال، توجد الغترة أو الشماغ، وهي عبارة عن قطعة قماش كبيرة الحجم توضع فوق الرأس، وتنتشر باللونين الأبيض والأحمر، والشماغ هي مفردة وردت في اللغة السومرية، وتتكون من مقطعين “إش” و”ماغ”، وتعني غطاء الرأس، ويعود اختلاف اللونين إلى حضارات ما بين النهرين.

وتتعدد الروايات التاريخية في سبب شكل الغترة بين اللونين الأحمر والأبيض، وقيل إنها محاكاة لشبكات الصيد أو شكل سنابل القمح، وبسبب عدم وجود دلائل تاريخية قوية بشأن تاريخ ظهور العقال والغترة تتعدد الخلفيات التاريخية، ويشير أيضًا بعض المؤرخين إلى كونها جاءت من الكلمة الهندية “كترة” التي تعني العمامة.

رسم لمستشرق أجنبي يرتدي العقال في مصر أواخر القرن التاسع عشر

رسم لمستشرق أجنبي يرتدي العقال في مصر أواخر القرن التاسع عشر

منحوتات تؤكد قدم العقال

رغم أن التاريخ المعروف لظهور الغترة والعقال خلال القرن الثامن عشر، فإن بعض المنحوتات يشير إلى أنه أقدم ذلك، منها تمثال بازلتي عثر عليه في جنوب الأردن، ويُؤرخ بنحو 4 آلاف عام قبل الميلاد، كما عُثر على تمثال لرجل يعود لحضارة لحيان العربية في السعودية، وعلى رأسه العقال العربي، وما يشبه الكوفية.

ربما يعجبك أيضا