تحديات الساحل الإفريقي وأولوياته.. هل تنتهي محاربة الإرهاب؟

علاء بريك

ما الأولويات الأمنية الأمريكية في القارة الإفريقية؟ وما تأثيرات التنافس الصيني الأمريكي على مستقبل الساحل الإفريقي؟


استمعت لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي، يوم الثلاثاء، 12 يوليو 2022، لإحاطة بشأن تطورات الموقف الأمريكي في منطقة الساحل الإفريقي.

بحسب الخبير في الشؤون الأمنية، والتر بينكوس، فإن حرب الولايات المتحدة على الإرهاب في منطقة الساحل، مر عليها عقدين من الزمن، ولا تزال تواجه المشاكل العملية ذاتها، لكن تحضر في المنطقة اليوم قوى أخرى تتنافس على النفوذ فيها مع تفاقم حالة عدم الاستقرار.

أولويات واشنطن في إفريقيا

في 12 يوليو 2022، عقدت لجنة العلاقات الخارجية جلسة استماع حضرها مساعدة وزير الدفاع للشؤون الإفريقية، تشيدي بلايدن، ومساعد مدير مكتب الاستقرار ومنع النزاعات التابع لوكالة التنمية الدولية، روبرت جينكنز، ومساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية، مولي في، للاطلاع على تطورات الأوضاع في منطقة الساحل الإفريقي والسياسة الأمريكية هناك.

في سياق شهادتها، أوردت بلايدن، الأولويات الأمنية في إفريقيا وفق الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، أولها محاربة المنظمات المتطرفة التي تعد تهديدًا لأراضي الولايات المتحدة ومصالحها، وثانيها تعزيز قدرات الحلفاء والشركاء لدعم الأهداف الأمنية المشتركة، وأخيرًا معالجة هواجس المنافسة الاستراتيجية التي قد تهدد الولايات المتحدة.

تحديات على قدر الأولويات

بحسب بلايدن، فإن النصف الأول من 2022، كشف بوضوح تداخل التحديات التي صيغت لمواجهتها الأولويات الأمريكية، فشهد الساحل انقلابات عسكرية وتزايدًا ملحوظًا في هجمات الجماعات المتطرفة وحصول روسيا والصين على موطئ قدم في المنطقة، لا سيما في الحالة الروسية مع دخول شركة فاجنر الأمنية إلى مالي.

وبالنظر إلى تعقد الوضع الحالي وحساسيته لا يكمن من منظور وزارة الدفاع الأمريكية صياغة أي مقاربة أحادية لمنطقة الساحل، وتقترح بدلًا من ذلك مقاربة متكاملة على الصعيد الحكومي ككل، وبجانبها مقاربة إقليمية منسقة بين الولايات المتحدة وشركائها في إفريقيا وتشجيع الحلفاء الأوروبيين على اتباع المقاربة الأمريكية نفسها، مع التأكيد بأن العمل العسكري وحده ليس كافيًا.

المعضلة الأمريكية

بحسب بينكوس، تواجه الإدارة الأمريكية معضلة في تعاملها مع الملفات الخارجية، لا سيما في ملف الساحل، يمكن ملاحظته من الموقف الأمريكي الضعيف إزاء الحكومة التشادية في ظل الانقلاب العسكري في البلاد وتسلم المجلس العسكري الانتقالي زمام السلطة في البلاد وتعطيله الدستور وتعيينه ابن الرئيس السابق، الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو، رئيسًا للحكومة.

ويضيف بينكوس أن هذا التناقض بين دعوة الإدارة الأمريكية إلى القيم الديمقراطية وتداول السلطة عبر الانتخابات وبين سيطرة المجالس العسكرية والعسكر على الإدارة المدنية في بعض بلدان الساحل يقوض من نفوذها في المنطقة، مما يخلق فراغًا يمكن لقوى دولية أخرى، مثل روسيا والصين، أن تشغله.

المنافسة من الصين وروسيا

بالنظر إلى المعضلة الأمريكية، فالدول الإفريقية المتحالفة مع واشنطن تتجه إلى منافسي الولايات المتحدة عندما لا تتجاوب أمريكا مع مطالبها، وإن كانت الدول تفضل التدريب والمعدات العسكرية الأمريكية، لهذا يجب على واشنطن أن تكون أكثر مرونة في استجاباتها لمطالب هذه الدول، بحسب بلايدن.

يشكل السعي الصيني والروسي لتمديد نفوذهما في المنطقة من وجهة نظر بلايدن، تهديدًا للقيم الأمريكية القائمة على الحوكمة والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، وقالت بلايدن، إن المساعدات العسكرية الروسية والصينية تعطي الأولوية للحفاظ على النظام القائم بدلًا من بناء القدرات المؤسسية على المدى الطويل، ما يقوض الاستقرار وحقوق الإنسان.

هل تنتهي محاربة الإرهاب في الساحل؟

في ورقته المنشورة في دورية “نيو ليفت ريفيو“، يورد أستاذ السياسة في جامعة ليدن، عبد الرحمن إدريسا، ما أخبره إياه أحد جنرالات الإيكول ميليتاري، بشأن الانسحاب الفرنسي من الساحل، فيقول: “لن ننسحب من الساحل، ولن نغادر مالي”، ويضيف الجنرال بعد صمت وجيز، “إلا إذا طلبوا منا ذلك”، وهذا يرتبط في الوقت نفسه بتحسين قدرات الجيوش المحلية وإصلاح أجهزة الدولة.

ويتابع إدريسا: “يبدو أن القوات في الساحل تنشد غاية إضعاف الجماعات الجهادية إلى الحد الذي يمكن عنده للجيوش المحلية أن تصد خطرها على المدى الطويل، لكن هذا يتطلب وجود دولة قوية غير موجودة اليوم، ولن توجد في القريب العاجل، وبالنظر إلى الأهمية الهائلة للساحل في إطار الأمن والسلامة الأوروبيين، فما من نهاية منظورة للتدخل الفرنسي الأوروبي، وبالتبعية الأمريكي.”

ربما يعجبك أيضا