معركة «الحجاب الإجباري» تثير الغضب ضد النظام الإيراني

يوسف بنده

في ظل حالة الاحتقان بسبب غلاء المعيشة في إيران، تعالت الأصوات المطالبة بإبعاد دوريات الإرشاد التي تستخدم العنف ضد النساء، خشيةً من انفلات الغضب في الشارع الإيراني.


نشطت حركة دوريات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إيران خلال الأسابيع الأخيرة، ما تسبب في صدامات بين المسؤولين والمواطنين في الأيام الأخيرة.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر أمًا إيرانية تحاول يائسة منع قوات الأمن من اعتقال ابنتها، وتتوسل باكية: “لا تأخذ ابنتي، إنها مريضة”، فضلًا عن مداهمة الشرطة منازل الناشطات الرافضات للحجاب الإجباري واعتقالهن، في إطار التصدي لحملة «لا للحجاب»، وفق صحيفة «كيهان لندن».

دورية الإرشاد

يفزع الشباب لا سيما من النساء في إيران من دورية الإرشاد “گشت إرشاد”، التي تراقب التزامهن بالحجاب وعدم ارتدائهن لأي مظاهر تخالف القوانين التي فرضها النظام الإيراني، وتعتبر مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر “الحسبة”، إحدى مهام قوات التعبئة، وهي منظمة شبه رسمية تعتمد على الشباب الموالين للنظام. ويجرى الإرشاد من خلال المبادرات الشفوية الشخصية بتقديم النصح والإرشاد.

الطريقة الأخرى، هي دورية الإرشاد التابعة للشرطة، التي تنشط في الأماكن المزدحمة، وتوجه النصائح للشباب، أو اعتقالهم في حالة رفضهم الالتزام بالتعليمات، ونشطت حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأيام الأخيرة في عديد المدن الإيرانية، بما فيها المدن ذات الصبغة الدينية، ما يعني أن رجال النظام الإيراني خاصة من المحافظين، يقلقون من التحولات التي طرأت على المجتمع الإيراني بين الشباب.

Hejab 218x150 1

لا للحجاب

تحول شعار «لا للحجاب» بين الشباب الإيراني إلى نوع من التعبير عن رفضهم للنظام الديني القائم على أساس «ولاية الفقيه»، ما دفع المسؤولين ورجال الدين للتعامل بشدة مع الرافضين للحجاب الإجباري، فاتهم وزير الداخلية، أحمد وحيدي، أصابع خارجية بالوقوف وراء الحملة المدنية، وليست هذه هي المرة الأولى لمثل هذه الحملات المعارضة، فأطلقت  حملة أخرى بعنوان «فتيات شارع الثورة» عام 2018.

وبعد انتشار انتشر هشتاج حجاب_بي_حجاب “لا حجاب” على وسائل التواصل الاجتماعي، دعا نجل شاه إيران الراحل، رضا بهلوي، في 11يوليو 2022 : «نساء إيران للنضال من أجل استعادة حقوقهن، وخاصة حرية ارتداء الملابس، منذ 43 عامًا»، و قالت مساعدة الرئيس الإيراني، أنيسة خزعلي، إن «العدو استطاع أن يتقدم علينا في معركة الوعي.. إذا خسرنا الحجاب فسنخسر كل شيء»، حسب تقرير رادية «فردا».

رفض داخل النظام

ظهرت تحذيرات من أنصار النظام نفسه تحذر من استخدام نفس الأساليب القهرية، لإجبار النساء على الالتزام بشكل الحجاب، التي يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، فكتبت صحيفة “جمهوري إسلامي” المحسوبة على تيار مبادئ الثورة: «كان مقرر أن يعين الرئيس دوريات إرشاد على المسؤولين، فمن المقرر الحفاظ على كرامة المواطنين والتشديد على المسؤولين، لمكافحة فسادهم، لكن ما نراه شيء آخر».

وفي ظل تزايد الأصوات والدعوات المطالبة بحل “دوريات الإرشاد” المسؤولة عن إجبار النساء في الأماكن العامة على ارتداء الحجاب حسب شروط السلطة، لأنها تساهم في خلق شرخ مجتمعي وقطبية ثنائية في المجتمع، تحدثت صحيفة «آرمان ملي» الإصلاحية، عن احتمالية إصدار البرلمان لقانون يوقف بموجبه عمل “دوريات الإرشاد”، مشيرةً إلى أن الانتقادات بدأت تظهر من قبة البرلمان نفسه.

بيان ضد الاستبداد

الطريقة العنيفة التي ظهرت مع دوريات الإرشاد في الأيام الأخيرة، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي استطاعت أن تنقل ذلك العنف لكافة المجتمع، بين أن الدوريات تُهدر كرامة الإنسان والمرأة، فقال البرلماني، جلال رشيد كوجي، إن “التجربة كشفت أن لا أحد التزم بالحجاب من خلال ممارسات دوريات الإرشاد، ولم تكن مثمرة حتى الآن، وتحول موضوع الحجاب إلى قضية أمنية”.

وحسب مؤسسة «زيتون» الإصلاحية، نشر 15 مفكرًا دينيًا بيانا يدين “فرض الحجاب واضطهاد المرأة”، معتبرين أنه “شائن ومهين ومناهض للعقل وغريب عن الدين”، واعتبر البيان الذي وقع عليه مجموعة من المحسوبين على تيار المفكرين الدينيين الجدد، أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحول إلى أداة سياسية يفرض بها النظام قوانينه وملامحه ومظاهره على المجتمع الإيراني، بما يشبه الاستبداد.

ربما يعجبك أيضا