هل يستطيع «المركزي التركي» خفض التضخم إلى 14.5% بحلول 2023؟

منه عبد الرازق

تكافح تركيا مع اضطراب اقتصادي ناجم عن أزمة عملة وتضخم، وبدأ المحللون مؤخرا في التعبير عن رأي مفاده أن أزمة الديون المحتملة يمكن أن تسبب ضررًا كبيرًا لاقتصاد البلاد.


تتصدر تركيا أكثر البلدان ارتفاعًا في معدل التضخم الذي تجاوز 70%، لكن محافظ البنك المركزي، شهاب كافجي أوغلو، توقع هبوطه بمتوسط 19.2% نهاية العام المقبل 2023.

وأظهرت بيانات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عن توقعات التضخم السنوية لعامي 2021 و2022، أن تركيا والأرجنتين العضوتين ضمن مجموعة الـ20 شهدتا ارتفاعًا قياسيا لنسب التضخم خلال 2022، وصلت في تركيا إلى 72%، بعدما سجلت 19.6 في 2021.

أزمة ديون

حذر تقرير جريدة “سوزجو” التركية، في يوليو المنصرم، من أنه في وقت تكافح تركيا الاضطراب الاقتصادي الناجم عن أزمة تراجع العملة وارتفاع التضخم، بدأ المحللون أخيرًا في التعبير عن رأي مفاده أن أزمة الديون المحتملة يمكن أن تسبب ضررًا كبيرًا لاقتصاد البلاد.

وبلغ إجمالي رصيد الدين الخارجي لتركيا 451.2 مليار دولار أمريكي في مارس 2022، ارتفاعًا من 441 مليون دولار في ديسمبر 2021، في حين بلغ صافي رصيد الدين الخارجي 231.4 مليار دولار في 31 مارس 2022، وفقًا لأحدث بيانات لوزارة الخزانة التركية. في المقابل، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في مارس 2022 79% مسجلًا 179.8 مليار دولار، مقارنة بـ188.6 مليار دولار في مارس 2021.

ديون الحكومة والقطاع العام في تركيا

نسبة الدين الخارجي التركي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2021 بلغت 54.3% انخفاضًا من 60.4% في نهاية 2020. أما على مستوى ربع سنوي، شكلت ديون الحكومة التركية 42.6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في مارس 2022، مقارنة بـ42.0% في الربع السابق، وفقًا لوزارة الخزانة التركية.

وحتى نهاية شهر مايو الماضي، ارتفع رصيد الدين الخارجي قصير الأجل لتركيا 10.6% مقارنة بنهاية عام 2021، وبلغ 134.5 مليار دولار وفقًا لوزارة المالية التركية، ومن ناحية أخرى، ارتفع الدين قصير الأجل للقطاع العام 9.5% مقارنة بنهاية عام 2021، بارتفاع قدره 24.3 مليار دولار.

نسبة الدين إلى الناتج المحلي التركي

نسبة الدين إلى الناتج المحلي التركي

في الشهر الماضي، كشف البنك المركزي التركي عن حجم الديون الخارجية لتركيا، وقال إن الديون المستحقة (صافي الدين) في غضون عام أو أقل بلغت، في نهاية مايو الماضي، نحو 169.5 مليار دولار، وشكلت ديون القطاع العام 23.2% من الإجمالي، وديون البنك المركزي 11.4%، والقطاع الخاص 65.4%.

الإعسار الائتماني

أثار صعود مخاطر الإعسار الائتماني في تركيا والزيادة الموازية في تكاليف الاقتراض تساؤلات بشأن ما إذا كانت تركيا معرضة لخطر أزمة ديون محتملة. وأبقت وكالات التصنيف الائتماني على توقعاتها بشأن قدرة تركيا على الوفاء بالتزاماتها المالية عند مستوى سلبي، واقتربت من 900 نقطة في الأسابيع الماضية، وأكملت الأسبوع الأخير من يوليو بنحو 840 نقطة.

وفي حين أن اقتراب مخاطر الائتمان من 900 نقطة أساس يرفع تكلفة الاقتراض الخارجي إلى رقمين، فإن الزيادة في تكلفة الاقتراض تشير أيضًا إلى زيادة مخاطر أزمة ميزان المدفوعات. وفي تحليل نشرته “بلومبرج”، ذكر أن تركيا معرضة لخطر أزمة ديون، وأضاف أن العالم يواجه خطرًا تاريخيًّا يتمثل في سلسلة التخلف عن السداد بسبب عبء الديون، وجاءت تركيا المرتبة 20 في قائمة الدول المحفوفة بالمخاطر.

التقييم الائتماني لتركيا

التقييم الائتماني لتركيا

أسعار السلع تزيد الضغوط التضخمية

تقول منظمة التعاون الاقتصادي، في تقرير لها بعنوان “ثمن الحرب وتأثيره في الاقتصادات الكبرى”، في يونيو الماضي، أنه من المفترض أن يبدأ الشعور بالتخفيض التدريجي لسلسلة التوريد وضغوط أسعار السلع وتأثير ارتفاع أسعار الفائدة حتى عام 2023.

وأضاف التقرير أنه من المتوقع الآن أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي على نحو حاد هذا العام، إلى نحو 3%، وأنه سيظل بوتيرة مماثلة في عام 2023، وهذا أقل بكثير من وتيرة الانتعاش المتوقعة في ديسمبر الماضي.

قال الأمين العام للمنظمة، ماتياس كورمان، خلال عرض التوقعات: “تتأثر البلدان في جميع أنحاء العالم بارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما يزيد من الضغوط التضخمية، ويحدّ من الدخل والإنفاق الحقيقيين، ما يحد من الانتعاش”. وعزى هذا التباطؤ مباشرة إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي قال إنها تسببت في انخفاض الدخل الحقيقي، والنمو وفرص العمل بجميع أنحاء العالم.

توقعات المركزي التركي

 في تقرير للبنك المركزي التركي، 28 يوليو الماضي، توقع وصول التضخم ذروته بين سبتمبر ونوفمبر المقبلين إلى ما تتراوح بين 80 و90%، لتبدأ في الانخفاض في نهاية ديسمبر وتصل إلى 60%. ورغم التوقعات بتباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي، توقع “المركزي التركي” انخفاض التضخم بين 14.5% و23.9%، بنهاية عام 2023، حتى يصل أدنى مستوياته بنهاية 2024 إلى 8.8%.

وتوقع البنك أن تزيد أسعار الطعام 3% في نهاية 2022، مقارنة بزيادة 1% في نهاية 2023. وكذلك توقع تعافي العملة التركية في 2023 حتى 2025. وقال محافظ البنك، شهاب كافجي أوغلو، إن “المركزي التركي” سينشئ هيكلًا ماليًّا قويًّا لدعم الليرة، وتوقع انخفاض التضخم ​​إلى مستويات بما يتوافق مع توقعاتنا.

توقعات المركزي التركي للتضخم

توقعات المركزي التركي للتضخم

الضغوط التضخمية تتزايد في تركيا

أشار تقرير نظرة على الاقتصاد العالمي لمنظمة التعاون الاقتصادي نشر في يونيو الماضي، أن البنك المركزي التركي خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 5 نقاط مئوية منذ سبتمبر 2021، ومن المتوقع أن يحافظ على سعر الفائدة عند 14% خلال فترة التوقع.

وأثرت أسعار الفائدة الحقيقية السلبية في ثقة المستثمرين، وأدت إلى انخفاض كبير في قيمة الليرة. ودفع هذا السكان إلى حماية مدخراتهم عن طريق تغيير الودائع بالليرة إلى الدولار والعملات الصعبة الأخرى. ونتيجة لذلك، ارتفعت عائدات السندات على نحو حاد وزادت الضغوط التضخمية.

وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تراجع النمو الاقتصادي التركي خلال العامين المقبلين. وأشارت إلى أن المزيد من الضغوط على الليرة سيؤدي إلى تحويل حماية سعر الصرف على الودائع إلى التزام إضافي للمالية العامة، مع آثار سلبية في التضخم والثقة.

ربما يعجبك أيضا