«ميتشيل لدراسات الفضاء»: الجوية الأمريكية لا تقدر على مواجهة الصين

آية سيد
القوات الجوية الأمريكية

تفتقر القوات الجوية الأمريكية الآن إلى القدرة على خوض صراع كبير مع الصين، وردع التهديدات النووية.. فما أسباب ذلك وكيف يمكن تداركه؟


كشف تقرير حديث لمعهد “ميتشيل لدراسات الفضاء الجوي”، عن نقص في تمويل القوات الجوية الأمريكية، قد يجعلها غير قادرة على الانتصار على الصين.

وتحدث التقرير، الصادر في 12 سبتمبر 2022، عن التراجع في الإنفاق النسبي على القوات الجوية الأمريكية، ونقص العدد في أسطول الطائرات التكتيكية، وتقدمها في العمر.. فما الاحتمالات التي قد تواجهها الجوية الأمريكية إذا لم يتوافر التمويل اللازم للتحديث؟

تراجع القدرة القتالية

يحمل التقرير عنوان “عقود من نقص تمويل القوات الجوية تهدد قدرة أمريكا على الفوز”، وهو من إعداد الجنرال المتقاعد في القوات الجوية، ديفيد ديبتيولا، والكولونيل السابق في القوات الجوية، مارك جونزينجر. وفي فقرته الأولى، قال الكاتبان إن “الجوية الأمريكية الآن لا تستطيع خوض صراع كبير مع الصين، وردع التهديدات النووية، والوفاء بالمتطلبات التشغيلية الضرورية الأخرى لاستراتيجية الدفاع الوطني”.

ووفق تقرير لمجلة “فوربس” الأمريكية، في 18 سبتمبر 2022، يتضح التراجع في القدرة القتالية والروح المعنوية للقوات الجوية من عدد ساعات الطيران. ففي 1990، كان متوسط عدد ساعات الطيران 29 ساعة في الشهر تقريبًا. وفي 2021، كان متوسط عدد ساعات الطيران لكل أنواع الطائرات في الخدمة النشطة 10.1 ساعة تقريبًا كل شهر.

نقص الطيارين والطائرات

على مدار 5 أعوام ماضية، عانت القوات الجوية نقص الطيارين، وعجزت عن جذب أعداد كافية، أو الاحتفاظ بهم، لقيادة طائراتها. وبحسب “فوربس”، هذا النقص في الطيارين يضاهيه نقص في المعدات. وفي هذا السياق، يشير التقرير إلى أن القوات الجوية تمتلك الآن أقل من نصف قوتها المقاتلة، وثلث القاذفات التي امتلكتها في 1990.

ويقول الكاتبان إن “آخر ميزانية مقترحة تتخلص من ألف طائرة أكثر مما تشتريه على مدار الـ5 سنوات المقبلة، ما يخلق قوة أصغر، وأقدم، وأقل جاهزية في المدى القريب”. وحسب التقرير، وصلت تلك القوة الآن إلى 2176 طائرة. وفي المقابل، يتكون أسطول القوات الجوية للجيش الصيني، والقوات الجوية للبحرية الصينية، من قرابة 1700 طائرة مقاتلة.

ومن المتوقع أن تصل القوات الجوية الأمريكية إلى أسوأ حالاتها في 2027، وهو نفس الوقت الذي تحذر قيادة الجيش الأمريكي في الهندوباسيفيك من أن الصين ستكون مستعدة فيه لغزو تايوان.

حسابات خاطئة

أدى ما تُعرف بـ”عائدات السلام”، التي سعى القادة الأمريكيون لحصدها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في 1991، إلى 3 عقود من خفض الإنفاق على تحديث الجيش الأمريكي والحفاظ على قوته. ويشير الكاتبان إلى وجود فرق بين الأرقام المخصصة للقوات الجوية في الميزانية، وما تحصل عليه بالفعل.

ويذكر الكاتبان أنه في آخر ميزانية، طلب البيت الأبيض من الكونجرس تخصيص مبلغ للقوات الجوية في السنة المالية 2023 (169.5 مليار دولار) أقل مما تطلبه للبحرية (180.5 مليار دولار) والجيش (177.5 مليار دولار). ولكن الميزانية الحقيقية للقوات الجوية لا تظهر بسبب ممارسة غامضة لوزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) التي تذكر أنها طلبت 209.6 مليار دولار للقوات الجوية في السنة المالية 2023.

أصغر بكثير من المهمة المطلوبة

يوضح الكاتبان أن “الفرق بين ميزانية البيت الأبيض والينتاجون يتمثل في الأموال التي تجتاز الميزانية وتذهب إلى منظمات وبرامج غير تابعة للقوات الجوية”، لافتين إلى أن القوات الجوية لا تستطيع استخدام تلك الأموال لشراء طائرات جديدة أو زيادة جاهزيتها.

ويشير مارك جونزينجر إلى أن التهديد الحالي للولايات المتحدة يقع في منطقة الباسيفيك، حيث تتمثل أهم أشكال استعراص القوة في القوة الجوية، والفضاء، والمجالين البحري والسيبراني. وعلق: “الحقيقة هي أن القوات الجوية الأمريكية أصغر بكثير من أن تؤدي المهمة المطلوبة منها”.

سوء تخصيص الميزانية

يذكر التقرير أن نسبة الإنفاق على الطائرات الجديدة تبلغ 7% فقط من ميزانية القوات الجوية الإجمالية، أما الـ93% الأخرى، فتذهب إلى تمويل العمليات وصيانة أسطولها القديم، وغيرها من الاحتياجات التشغيلية. وتخصص الأموال لتغطية تكاليف الأفراد، وكذلك للحوافز المالية لإعادة التجنيد من أجل مساعدة القوات الجوية على تحقيق هدفها المتعلق بالتجنيد، الذي من المرجح أن يفشل في 2022.

ودفع هذا القوات الجوية إلى اتباع سياسة تقليص الأسطول، من أجل توفير المال للاستثمار في طائرات جديدة وأكثر قدرة، بأعداد أقل. وبحسب الكاتبين، تتوقع القوات الجوية أنه على مدار 5 سنوات مقبلة، يجب أن تتخلص من 1463 طائرة، وتشتري 467 طائرة جديدة من كل الأنواع.

كيفية إصلاح الخلل

يشدد ديبتيولا وجونزينجر على أن إصلاح أوجه القصور التي تواجه القوات الجوية يتطلب زيادة سنوية في الميزانية من 3 إلى 5%، إضافة إلى التعديلات الخاصة بالتضخم. ويوصي الكاتبان بزيادة نسبة شراء مقاتلات “إف-35 أيه” 60 إلى 80% سنويًّا في أقرب وقت ممكن، وزيادة طلبيات قاذفات “بي 21” السنوية بقدر الإمكان، وكذلك شراء كميات أكبر من الذخيرة المتطورة دقيقة التوجيه.

ولكن وفق تقرير “فوربس”، يتغاضى الكاتبان عن حقيقة أن قيادات القوات الجوية فشلت في طلب ما تريده والدفاع عنه بقوة. ويقول جونزينجر: “ليس لدي شك في أن القوات الجوية تتفق تمامًا مع كل نقطة في هذا التقرير. ولكنها جزء من إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن، وأنا لا أرى أي تحركات لزيادة ميزانية البنتاجون. ويجب أن يقف أحد ويقول إننا لم نعد نستطيع فعل المزيد بإمكانيات قليلة”.

ربما يعجبك أيضا