مسلمو تراقيا الغربية في قلب النزاع التركي اليوناني

ضياء غنيم
مفتي الأقلية المسلمة في كسانثي مصطفى ترامبا

يثير تعامل تركيا مع قضية الأقلية المسلمة في تراقيا الغربية، خصوصًا في أوقات التوتر، حفيظة الجانب اليوناني.


لم تكد التوترات بين تركيا واليونان بشأن جزر بحر إيجه تنتهي، حتى فتحت جبهة أخرى بشأن الأقلية المسلمة في تراقيا الغربية.

ويمتد الخلاف بشأن الأقلية المسلمة في تراقيا الغربية على خط الحدود البرية المحدودة بين تركيا واليونان، بالتزامن مع الذكرى 99 لتوقيع اتفاق لوزران الذي أنهى الحرب بين البلدين، وكتب نهاية الإمبراطورية العثمانية، فما خلافيات تلك الأزمة؟

الأقلية المسلمة في قلب الأزمة

وجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة 23 سبتمبر 2022، انتقاد لاذعة لتعامل اليونان مع الأقلية التركية في ذكرى مذبحة تريبولي 1821، التي تتهم أنقرة أثينا خلالها بارتكاب مجازر بحق آلاف الأتراك والألبانيين واليهود في منطقة تريبولي، جنوبي البلاد، حسب صحيفة “دايلي صباح“.

وعلى وقع التوتر المستمر مع اليونان، تنتقد تركيا أوضاع المسلمين في جارتها الغربية عمومًا، وتراقيا الغربية على الحدود بين البلدين على وجه الخصوص، وتقول إن الأقلية المسلمة تعاني مع التهميش سلطات أثينا لحقوقهم التعليمية والإثنية باعتبارهم “أقلية تركية”.

أقلية دينية أم قومية؟

مشكلة الأقلية المسلمة البالغة نحو 150 ألف نسمة في أقصى شمال شرق اليونان، بدأت عقب تنفيذ اتفاق لوزان 1923 الذي تضمن تبادل السكان المسلمين والروم الأرثوذوكس بين أنقرة وأثينا، باستثناء المسلمين في تراقيا الغربية والروم الأرثوذوكس في اسطنبول.

وفي ظل الخلافات الحدودية، انعكس التنافس الجيوسياسي بين البلدين على الصراع بشأن هوية المنطقة، وتعطي أنقرة صبغة قومية لتلك الأزمة بالتأكيد على الحقوق الثقافية والتعليمية، بجانب الدينية، لـ”الأقلية التركية”، في حين تسميهم اليونان بالأقلية المسلمة، نظرًا لوجود إثنيات مختلفة، تشمل التركية والغجرية، حسب “بي بي سي” عربي.

الإثنية التركية

تتهم تركيا الجانب اليوناني بمنع أي مظاهر للانتماء إلى الإثنية التركية، وتحظر الجمعيات المعبرة عنها، مثل “الاتحاد التركي في كسانثي”، وانتقدت رئيسة حزب “الصداقة والمساواة والسلام”، ممثل الأقلية في تراقيا الغربية، جيكدم آصف أوغلو، ما أسمته تمييز السلطات اليونانية في مستوى الخدمات وتعينات الموظفين الحكوميين بين الأتراك واليونانيين، وزعمت تعرضها لتهديدات.

ويثير تعامل تركيا مع القضية، خصوصًا في أوقات التوتر، حفيظة الجانب اليوناني، وردًا على مقابلة النائب المعارض بالبرلمان اليوناني، حسين زيبيك، مع قناة تركية وتلقيه تهديدات بالقتل، طالب وزير الخارجية التركي، جاويش أوغلو، السلطات اليونانية بالتحقيق في تلك التهديدات، ما رفضته الخارجية اليونانية، يوم 16 سبتمبر، واعتبرته تدخلًا في شؤونها الداخلية، حسب صحيفة “كاثميريني.”

مفتي كسانثي

تمتلك تركيا تأثيرًا كبيرًا في أوساط الأقلية المسلمة في تراقيا الغربية، ومن ذلك النزاع بشأن منصب المفتي، ففي 4 أغسطس 2022، اتهمت الخارجية التركية أثينا بخرق التزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية بشأن حقوق الأقلية في انتخاب مفتيهم، بعد إصدار قانون يخضع الإفتاء تنظيميًّا إلى الحكومة اليونانية، ووزارتي التعليم والشؤون الدينية، حسب وسائل إعلام تركية.

وأدت تلك المواجهة إلى إصدار السلطات القضائية قرارًا في يونيو 2021 بسجن مفتي كسانثي آنذاك، أحمد مته، 15 شهرًا مع إيقاف التنفيذ، بتهمة الإخلال بالنظام العام، بعد أيام من زيارة جاويش أوغلو إلى اليونان بدأها من تراقيا الغربية. وبعد انتخابه مفتيًا جديدًا، مطلع هذا الشهر، وصف مصطفى ترامبا في حوار مع صحيفة “يني شفق”، تركيا بـ”الوطن الأم” واعتبر قوتها من قوة “الأقلية التركية المسلمة” في تراقيا الغربية.

ربما يعجبك أيضا