احتجاجات إيران الحالية «مختلفة».. هل ترضخ الحكومة لمطالب التغيير؟

آية سيد
احتجاجات إيران

يرى الخبراء أن القضايا الجوهرية التي تحرك احتجاجات الإيرانيين اليوم مختلفة عن الحركات السابقة المناهضة للحكومة، وهو ما يجعلها أكثر أهمية.


دخلت الاحتجاجات الشعبية في المدن الإيرانية يومها الحادي عشر، رغم الحملة القمعية الحكومية والتقارير الإعلامية التي تزعم انتهاء التظاهرات.

واندلعت الاحتجاجات يوم الجمعة 16 سبتمبر 2022، اعتراضًا على مقتل مهسا أميني، وهي فتاة إيرانية تعرضت للتعذيب على يد شرطة الأخلاق، لعدم التزامها بقوانين الحجاب. ورغم حدوث موجات سابقة من الاحتجاجات، يرى المحللون والخبراء أن الاحتجاجات الحالية مختلفة.

انتشار الاحتجاجات

وفق تقرير لشبكة “سي إن إن” الإخبارية، نشرته أمس الاثنين 26 سبتمبر 2022، انتشرت الاحتجاجات في أكثر من 40 مدينة إيرانية، منها العاصمة طهران. وأسفرت الحملة الأمنية التي نفّذتها السلطات الإيرانية عن مقتل 76 شخصًا على الأقل، وفق ما أعلنت منظمة “إيران هيومان رايتس” غير الحكومية.

ونقلت “سي إن إن” عن وسائل إعلام تابعة للدولة أنه جرى اعتقال 1200 شخص على الأقل. وكانت التظاهرات بدأت بدعوات لتحقيق العدالة في موت مهسا أميني، ثم تحولت إلى احتجاج ضخم وّحد الطوائف والطبقات الاجتماعية، التي دعا كثير من أبنائها لإسقاط النظام الإيراني.

لماذا هذه الاحتجاجات مختلفة؟

يرى الخبراء أن القضايا الجوهرية التي تحرك احتجاجات اليوم مختلفة عن الحركات السابقة المناهضة للحكومة، وهو ما يجعلها أكثر أهمية. ويقول المؤسس والمدير التنفيذي لمركز “بورس آند بازار فاونديشين”، المعني بالتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إسفنديار باتمانجليج، إن الموجات السابقة للاحتجاجات كانت مدفوعة بالمظالم الاقتصادية.

ويضيف باتمانجليج أن هذا كان أحد الأسباب الرئيسة التي لم تجعل الاحتجاجات السابقة تنتشر إلى قطاعات أخرى من المجتمع. ويقول إن هذه المرة مختلفة “لأن ما يطلبه الناس هو نوع مهم من التغيير السياسي”.

دعوة للإضراب

يقول نائب رئيس معهد “كوينسي” بواشنطن، تريتا فارسي، إن الحكومة الإيرانية تشعر بالضعف أكثر من ذي قبل وربما “تخطئ التقدير”. وبحسب “سي إن إن”، يتوقع الخبراء أن تتصاعد الاحتجاجات في الأيام المقبلة. فيوم الأحد الماضي، دعت إحدى نقابات المعلمين الرئيسة في إيران للإضراب على مستوى البلاد.

وتعد إضرابات العمال حساسة في إيران لأنها تعيد ذكريات ثورة 1979، عندما كان العمل الجماعي تكتيكًا مفيدًا ساعد في إسقاط الشاه، وفق “سي إن إن”. وفي هذا الشأن، يقول فارسي: “أعتقد أننا سنرى المزيد من الإضرابات لأنها كانت تحدث حتى قبل هذه الحركة”، مشيرًا إلى أنها قد تفرض المزيد من الضغط على الحكومة.

هل تقدم الحكومة تنازلات؟

يرجح المحللون أن تنتهي الاحتجاجات عن طريق استخدام القوة الغاشمة وليس تقديم تنازلات. وتلفت “سي إن إن” إلى أن الحكومة حمّلت الإعلام الغربي مسؤولية التحريض على الاحتجاجات، في إشارة إلى وجود مؤامرات خارجية. ويرى المحللون أن هذا سيحدد طريقة تعامل الحكومة مع الاحتجاجات.

في هذا السياق، يقول باتمانجليج: “إذا اعتبروا الاحتجاجات تهديدًا أمنيًّا وليست مسألة نفعية سياسية، فمن المرجح أن يردوا باستخدام أدوات جهازهم الأمني”، مضيفًا أن الحكومة الإيرانية لديها قدرة على القمع أكبر بكثير من قدرتها على الإصلاح في هذه المرحلة.

احتمال مستبعد

تقول الزميلة ببرنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعهد “تشاتام هاوس” اللندني، سانام فاكيل، إنه حتى لو قدمت السلطات الإيرانية تنازلات من خلال إجراء إصلاحات طفيفة، سيظل السؤال الأكبر هو “كيف يجعلون أولئك النساء الشابات يرتدين حجابهن مرة أخرى؟”.

وتضيف فاكيل أن النتيجة التي تحفظ ماء وجه النظام ستكون حل شرطة الأخلاق، مستبعدةً إلغاء قانون الحجاب بالكامل. وترى أن الاستفتاء الذي يتيح للإيرانيين التصويت على مسألة الحجاب قد يساعد في إخماد الاحتجاجات، لكنها تشك في حدوث ذلك أيضًا.

غياب القيادة

على الرغم من استمرار التظاهرات لأكثر من 10 أيام وانتشارها في أنحاء البلاد، تظل الاحتجاجات بلا قائد، وفق “سي إن إن”. وفي هذا الشأن، تقول فاكيل: “هذه حركة إيرانية أصلية، ومن المهم التشديد على أن الإيرانيين العاديين داخل البلاد هم المحركون لما يحدث”.

وفي السياق ذاته، يلفت باتمانجليج إلى أنه من الضروري وجود رئيس رمزي للتفاوض مع الحكومة على التغيير ولقيادة الحركة نفسها داخليًا. ويضيف باتمانجليج أنه يظل من غير الواضح إذا كان يوجد أعضاء داخل الحكومة الإيرانية يفهمون المخاطر، ومستعدون للضغط من أجل التغيير داخل هيكل السلطة الحالي.

ربما يعجبك أيضا