إلفيرا نابيولينا.. شقراء تحرس الروبل الروسي «بروفايل»

فاروق محمد
محافظ البنك المركزي الروسي

من بين البنوك التي أغلقتها إلفيرا كان مصرف“ماستر بنك” وكان إيجور بوتين ابن عم الرئيس فلاديمير بوتين نائبًا للبنك وعضوًا بمجلس إدارته.


يصف المواطنون الروس محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، بأنها “المرأة الشقراء التي تحرس اقتصاد روسيا”، في ظل ما يعتبرونه رغبة أمريكية في الفتك ببلادهم.

وتدل المؤشرات التي تقيس الاقتصاد الروسي، في ظروف استثنائية سببتها الحرب الروسية الأوكرانية، على وجود سياسات نقدية على درجة عالية من المهارة والكفاءة والمرونة لمواجهة حزم عقوبات متتالية وقاسية، تقف خلفها اقتصادية بارعة هي إلفيرا نابيولينا.

من هي إلفيرا نابيولينا؟

ولدت إلفيرا نابيولينا لزوجين تتاريين في أكتوبر 1963، وهي خريجة جامعة موسكو في 1986، وعملت في وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة الروسية لعدة سنوات، ثم نائبة للوزير، وفي 2007 عينها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وزيرة للتنمية الاقتصادية والتجارة، واستمرت في هذا المنصب حتى مايو 2012.

في 2013، اختار الرئيس الروسي نابيولينا مجددًا مساعدة له للشؤون الاقتصادية، ثم قرر في العام نفسه تعيينها في منصب محافط البنك المركزي الروسي، لتبدأ رحلتها المصرفية في تقويم النظام المصرفي الروسي الذي قلصت فيه عدد البنوك من 1000 إلى نحو 370 مصرفًا.

960x0 1

البدايات تحمل البشرى

عام 2014، بعد أشهر قليلة من توليها المسؤولية، لجأت المصرفية الشقراء إلى تحرير سعر صرف الروبل، في خطوة وصفتها بأنها “صعبة ومؤلمة، ولكن ضرورية”، ورفعت الرقابة على المؤسسات المالية في البلاد إلى أعلى المستويات الممكنة، وطاردت المصارف التي لم يكن يمكن المساس بها، وألغت ترخيص أكثر من 300 مصرفي منذ عام 2014، وفقًا لقناة “سكاي نيوز”.

كان من بين البنوك التي أغلقتها إلفيرا، مصرف “ماستر بنك” الروسي، وكان إيجور بوتين، ابن عم الرئيس، نائبًا للبنك وعضوًا في مجلس إدارته. وجاء ذلك بضوء أخضر من الرئيس فلاديمير بوتين للمحافظة الجديدة من أجل إصلاح النظام المصرفي. وعندما سئل بوتين عن إغلاق البنوك قال: “هدفها تحسين القطاع المصرفي والنظام المالي لروسيا، وتطهيره من المؤسسات المالية التي لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها”.

كيف ساندت الروبل أمام الحرب؟

القرارات التي نفذتها إلفيرا نابيولينا جعلتها تظهر كالأبطال الخارقين في الشارع الروسي، إلى أن جاءت الحرب الروسية الأوكرانية في أواخر فبراير 2022، لتشن الدول الغربية حزمة من العقوبات القاسية والمتتالية على موسكو، ليشهد الروبل موجة قاسية من التراجعات وصلت إلى فقدانه ما يقرب من 60% من قيمته.

لمواجهة تلك التداعيات السوداء على عملة بلادها، قررت حارسة اقتصاد روسيا رفع سعر الفائدة من 9.5% إلى 20%، لوقف نزيف سحب الأموال من البنوك، وهي خطوة جريئة وتكشف عن روح المغامرة والقدرة على المواجهة والتعامل مع الأزمات وإدراتها بطريقة حكيمة.

آليات دعم الروبل

أجبرت نابيولينا الشركات الروسية على شراء الروبل، ووضعت سقفًا للسحوبات والتحويلات إلى الخارج بالعملات الأجنبية، لكن الضربة القاضية لمفعول العقوبات أتت بفرض قرار على الدول “غير الصديقة” لدفع ثمن الطاقة الروسية المصدَّرة بالروبل، الأمر الذي أعاد الروبل إلى المستوى الذي كان عليه عند بدء الحرب.

ولم يستطع البنك المركزي الروسي التصرف في نحو نصف احتياطياته المالية التي تبلغ 609 مليارات دولار بسبب العقوبات، لكن روسيا تمكنت من تسديد ديونها رغم العقوبات التي تتعرض لها، بفضل خطة نابيولينا التي تعتمد على “إدارة ظهرها للدولار” والتي بدأت تنفيذها منذ 2014، عبر تنويع الأصول الروسية وتوزيعها في العديد من الاقتصادات.

المرأة الحديدية

9426316290674b9f8776a5e46c59e86d

دأبت نابيولينا على توظيف الملابس والأكسسوارات التي ترتديها كوسيلة إضافية في إرسال رسائل اقتصادية بعينها، ففي إحدى المرات ارتدت دبوسًا على شكل “كسارة البندق”، ولم تفسر ما يرمز له، ما دفع المحللين للبحث عن حل للمعضلة، وإن كان يشير إلى سياسة نقدية سيتبعها المركزي الروسي مستقبلًا أم لا.

وفي ظهورها الأول بعد بداية الحرب الروسية الأوكرانية، ارتدت نابيولينا اللون الأسود، وأثار ظهورها بهذا الشكل العديد من التكهنات، في حين أنها التزمت الصمت مكتفية بما قالته في السابق عن أن إشارات مثل هذه لا يقرؤها الجمهور بوضوح عادة.

ربما يعجبك أيضا