«سي إن إن»: بوتين في موقف حرج والوقت ينفد منه

آية سيد
«ذي إيكونوميست»: نفوذ روسيا الجيوسياسي ليس كما يبدو

إن خيار بوتين المنطقي هو إعلان الانتصار والخروج بشروطه، لكن لتحقيق ذلك، يحتاج لإنجاز كبير على الأرض يقدمه للشعب على أنه انتصار


اتخذ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الفترة الماضية عديدًا من القرارات المتعلقة بحربه في أوكرانيا.

ويفعل بوتين كل ما في وسعه لإخفاء حقيقة أنه يخسر الحرب في أوكرانيا، لكن الوقت ينفد منه. وبحسب تحليل للكاتب، نيك روبرتسون، نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية، الأحد 2 أكتوبر 2022، يعلم بوتين أنه في وضع حرج، ما يثير المخاوف بشأن تنفيذه لتهديداته النووية.

محاولة إنهاء الحرب

أعلن بوتين، يوم الجمعة الماضي 30 سبتمبر 2022، ضم 4 مناطق أوكرانية إلى روسيا “للأبد”، وهي لوغانسك ودونيتسك وزابوروجيا وخيرسون. ووفق روبرتسون، يسارع الرئيس الروسي لإعلان الانتصار وترسيخ المكاسب الضئيلة وطلب السلام، في مخاطرة سياسية بصرف النظر عن الضجة في موسكو.

فلقد دعا أوكرانيا إلى “الوقف الفوري لإطلاق النار” و”الجلوس على طاولة المفاوضات”، لكنه أضاف: “لن نتفاوض على خيار الشعب، لقد اتخذوا قرارهم، وروسيا لن تخذلهم”. ووفق مدير مجلس الشؤون الدولية الروسي المدعوم من الكرملين، أندري كورتونوف “يريد الرئيس بوتين إنهاء الأمر برمته في أسرع وقت ممكن”.

الهروب من التجنيد

ذكر روبرتسون أن قرار بوتين بتجنيد 300 ألف جندي لن يلغي خسائره في ميدان المعركة في أي وقت قريب، وأنه يأتي بنتائج عكسية في روسيا. وبحسب البيانات الرسمية من الاتحاد الأوروبي وجورجيا وكازاخستان، هرب نحو 220 ألف روسي عبر حدودهم منذ الإعلان عن التعبئة العسكرية الجزئية.

ونقلت وسائل الإعلام الروسية المستقلة عن الاستخبارات السوفيتية “كيه جي بي” وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، أن العدد الإجمالي للهاربين أعلى. وقالت إن الرجال في سن التجنيد الذين هربوا منذ الإعلان عن التعبئة، الذين بلغ عددهم 261 ألفًا، أكثر ممن قاتلوا في الحرب حتى الآن، وعددهم 160 ألفًا إلى 190 ألفًا.

موقف حرج وخيار منطقي

رأى الكاتب أن بوتين في موقف حرج، وأن الوقت ينفد منه، وفي هذا الشأن، اتفق كورتونوف وقال إن الناس في روسيا بدأوا في طرح أسئلة، مثل “لماذا وصلنا إلى هذه الفوضى؟ ولماذا خسرنا كثيرًا من الأشخاص؟” وأضاف كورتونوف أن خيار بوتين المنطقي هو إعلان الانتصار والخروج بشروطه.

ولخروج بوتين من الموقف الحرج، يحتاج إلى إنجاز كبير على الأرض ليقدمه للشعب أنه انتصار. وهذا هو المنطق الذي يتبعه، عن طريق إقامة الاستفتاءات الصورية في 4 مناطق أوكرانية وإعلانها جزءًا من روسيا، والتهديد باستخدام الأسلحة النووية إذا حاولت أوكرانيا استعادتها. ولفت الكاتب إلى أن بوتين استخدم قواعد اللعبة ذاتها في ضم القرم في 2014.

الاستعداد للسلام

بحسب السفير الأمريكي إلى الناتو والمبعوث الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا تحت حكم الرئيس السابق، دونالد ترامب، كورت فولكر، قد يستعد الرئيس الروسي للسلام. وقال فولكر: “أعتقد أن ما يسعى إليه هو التلويح باستخدام الأسلحة النووية، وتوجيه كل أنواع التهديدات إلى أوروبا. ثم يقول دعونا نتفاوض على تسوية، وسوف أحتفظ بما أخذته بالفعل”.

وفي هذا الشأن، اتفقت العضوة السابقة في مجلس الأمن القومي الأمريكي والتي قدمت المشورة لـ3 رؤساء أمريكيين بشأن روسيا، فيونا هيل، في أن بوتين قد يحاول إنهاء اللعبة. وقالت: “إنه يشعر بالحاجة إلى التحرك لأنه يفقد الزخم ويحاول الخروج من الحرب كما دخلها، ليكون هو المسؤول ويضع شروط التفاوض”.

تفجيرات «نورد ستريم»

ذكر روبرتسون أنه إذا كانت هذه التحليلات صحيحة، فإنها تفسر لغز تخريب خطي نورد ستريم، والذي وقع يوم الاثنين الماضي 26 سبتمبر، وأفادت مصادر غربية بأن سفن دعم روسية شوهدت بالقرب من موقع التخريب قبل يومين من العُطل، وصرح مجلس شمال الأطلنطي بأنه “عمل تخريبي متعمد وطائش وغير مسؤول” إلا أن روسيا نفت مسؤوليتها عن الحادث.

ووفق فيونا هيل، قد يكون تخريب نورد ستريم آخر مجازفة لبوتين، حتى “لا يوجد تراجع بشأن قضايا الغاز. ولن يكون من الممكن لأوروبا الاستمرار في تعزيز احتياطياتها من الغاز لفصل الشتاء”.

خطوط الإمداد

أشار روبرتسون إلى أن أحد العوامل التي قد تسرع تفكير بوتين هي اقتراب الشتاء، لافتًا إلى أن ما منع نابليون وهتلر من الاستيلاء على موسكو هو أن خطوط الإمداد التي تمر عبر أوكرانيا كانت طويلة وشاقة. وفي هذا السياق، قال فولكر: “هذه المرة، يتعين على روسيا إمداد الخطوط، لتعزيز قواتها في أوكرانيا. وهذا سيكون صعبًا للغاية هذا الشتاء”.

وقالت هيل إن الخلاصة هي أن “هذه نتيجة اكتساب أوكرانيا للزخم في ميدان المعركة، وخسارة بوتين له، لذلك هو يحاول التكيف مع الظروف وتولي المسؤولية والاستفادة من كل شيء”.

ماذا يدور في عقل بوتين؟

ذكر الكاتب أن لا أحد يعلم ما يدور حقًا في عقل الرئيس الروسي، لكن كورتونوف شكك في أن بوتين مستعد للتنازل عن شروطه للسلام. وقال: “ينبغي أن يكون مستعدًا لإظهار درجة من المرونة. لكننا لا نعلم كيف ستبدو هذه الدرجة”. ووفق هيل، يريد بوتين التفاوض مع بايدن والحلفاء وليس أوكرانيا، وهو ما يعني الاعتراف بما حققته روسيا على الأرض.

ومن جهته، توقع فولكر أن يحاول بوتين تفرقة الحلفاء الغربيين، عن طريق دفع فرنسا وألمانيا أولًا لقول: “نحن نحتاج إلى إنهاء هذه الحرب، ونحن سنحمي أراضينا بأي ثمن، باستخدام الوسائل اللازمة، وأنتم بحاجة إلى الضغط على الأوكرانيين من أجل التسوية”. وختامًا، قال روبرتسون إن الحرب في أوكرانيا قد دخلت مرحلة جديدة، لكن إنهاء الصراع لا يزال بعيدًا.

ربما يعجبك أيضا