باحث أمريكي يفند سياسة واشنطن «المبتذلة» تجاه الحرب الروسية الأوكرانية

رنا أسامة

مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية منذ 8 أشهر بلا بارقة أمل تنبئ بانفراجة وشيكة، حذر مدير مركز أبحاث أمريكي من سيناريو سوداوي، وقدم حلًا للغرب لإنهاء الحرب.. ما فحوى السيناريو وما الذي يتطلبه الحل؟


استنكر كبير مديري مركز “ناشيونال إنترست” البحثي الأمريكي، هاري كازيانيس، سياسة واشنطن تجاه الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي مقال نشره موقع “ريسبونسيبل ستيتكرافت” الأمريكي، أمس الاثنين 3 أكتوبر 2022، عزا كازيانيس ذلك إلى أن لغة السياسة الخارجية الأمريكية “مليئة بعبارات مبتذلة وكليشيهات مملة، مصممة فقط لإرضاء جمهورها الحزبي المفضل”.. فكيف يرى خيارات روسيا؟

سياسة واشنطن المبتذلة

استشهد كازيانيس بصقور الجمهوريين الأمريكيين الذين يميلون إلى وصف أي مقاومة للاستراتيجية الروسية، التي يعتبرونها عدوانية، بأنها “استرضاء”، أو يطلقون أحكامًا جزافية بأن الزعيم “س” ضعيف أو أن السياسي “ص” ليست لديه استراتيجية واضحة تجاه أي تهديد خارجي.

ورأى كازيانيس أن “الاختباء وراء عبارات رنانة ووعود فضفاضة، في إطار سياسة مبتذلة، هو ما يحول بين واشنطن وحلفائها وبين التحرك لوقف إراقة الدماء في أوكرانيا، بالتحدث مع روسيا للتوصل إلى حلول وسط”.

التواصل مع بوتين

أوصى كازيانيس في مقاله، واشنطن وحلفاءها بإيجاد طرائق للتواصل مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بغية إنهاء الحرب، على الرغم من صعوبة تحقيق ذلك سياسيًّا مع ضم روسيا لأراضٍ أوكرانية جديدة.

وبينما تتصاعد التوترات في كل لحظة، مع استمرار الحرب التي يسميها بوتين “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا للشهر الثامن على التوالي، قال كازيانيس إنه من المصلحة الوطنية لواشنطن أن تتحرك جاهدة لوقف الحرب عبر دبلوماسية القنوات الخلفية.

محرقة نووية

ما يزيد من ضرورة التفاوض مع روسيا، في نظر كازيانيس، وجود مخاطر تلوح في الأفق، أبرزها أن يضغط بوتين على زر النووي لإنهاء الحرب بشروطه الخاصة، بما يزيد من احتمالية وقوع محرقة نووية.

لكن الرواية الغربية القائلة بأن كييف تكسب الحرب ضد موسكو على الأرض، دفعت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للاعتقاد بأن تسليح أوكرانيا من شأنه أن يضغط كفاية على بوتين ليتخلى عن الأراضي الأوكرانية التي ضمها حديثًا، ويعود أدراجه وهو يجرجر أذيال الخيبة.

حرب بالوكالة

أشار كازيانيس في مقاله إلى أن كييف ليست لديها قوة بشرية أو موارد أو قدرة عسكرية شاملة لتحقيق أي نصر حاليًّا، على الرغم من أن إدارة بايدن أغرقتها بأسلحة ومعدات، بما في ذلك منظومة راجمة الصواريخ سريعة الحركة “هيمارس”، ومنظومات أخرى لتوجيه ضربات دقيقة، فضلًا عن تكثيف تدريب جنود أوكرانيين على كيفية استخدامها.

ويعني ذلك أن واشنطن تخوض حربًا بالوكالة مع روسيا، بما سيزيد عليها الضغط لمنح أوكرانيا مزيدًا من الأسلحة المتطورة، بغية الإبقاء على استمرار ما أسماه كازيانيس “حرب الاستنزاف” بأوكرانيا، وهو ما يزيد بدوره من فرص نشوب حرب نووية، توازيًا مع الدعم الغربي المتواصل لأوكرانيا.

جانب مضيء

في خضم السيناريوهات السوداوية، قال كازيانيس إن الجانب المضيء في الأمر هو وجود طريقة لوقف الحرب وتجنب نشوب محرقة نووية، بإجراء مفاوضات مباشرة بين كييف وموسكو. ومن هذا المنطلق، يتعين على إدارة بايدن وحلفائها بحلف شمال الأطلنطي (ناتو) اختبار مدى جدية بوتين في وقف إطلاق النار.

وفي حين أن كييف قد لا ترغب في وقف القتال، ظنًّا منها أنه سيمكنها من استعادة الأراضي التي ضمتها موسكو حديثًا، إلى جانب شبه جزيرة القرم، ينبغي تذكيرها بأنها لم تكن ستقوى على التقدم في ساحة المعركة لولا تسليحها من الولايات المتحدة و”الناتو”.

المهمة الأصعب.. والأمر المستبعد

المهمة الأصعب، وفق كازيانيس، لا تكمن في التوصل إلى تسوية بين روسيا وأوكرانيا، بل في كيفية تنفيذها على أرض الواقع. وتوقع كازيانيس أن يستغرق التوصل إلى أي اتفاق شهورًا أو سنوات، وقد يطول الأمر حتى يترك بوتين منصبه، لكونه وضع نفسه في مأزق من الناحية السياسية، مشيرًا إلى أن احتمال نشوب حرب نووية يستدعي أن يحاول الغرب استكشاف الخيارات الممكنة بجدية.

وبينما قدمت كييف طلبًا رسميًّا للانضمام إلى “الناتو” يوم 30 سبتمبر الماضي، استبعد كازيانيس إمكانية تحقيق ذلك، خاصة وأن منع كييف من دخول الحلف كان أحد الأسباب الرئيسة التي برر بها بوتين شنه لـ “عمليته العسكرية الخاصة” في 24 فبراير الماضي.

نزاع مجمد

وفقًا لكازيانيس، من شأن ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى “الناتو” أن يزيل أحد المخاوف الجيوسياسية الكبرى لروسيا، بما قد يؤدي إلى تحريك الكرة الدبلوماسية، لكن ذلك لا يضمن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتوقع كازيانيس أن ينتهي الأمر بأوكرانيا إلى ما يمكن وصفه بـ”نزاع مجمد”، مماثل لنزاعات أخرى خاضتها روسيا مع دول عديدة خلال العقد الماضي، أو نحو ذلك. وبينما لا يريد أي طرف حدوث ذلك، قد يكون ذلك السيناريو أفضل من السير على خطى بطيئة وثابتة نحو حرب نووية، قد تقضي على مليارات الأرواح.

ربما يعجبك أيضا