مؤتمر الحزب الشيوعي.. «لحظة حرجة» في تاريخ الصين وتحذير لتايوان

آية سيد
مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني

في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، وجّه الرئيس شي جين بينج تحذيرًا لتايوان ورسائل غير مباشرة للولايات المتحدة وحلفائها، في حين يستعد لتأمين ولاية ثالثة في الحكم.


عقد الحزب الشيوعي الصيني مؤتمره الـ20، يوم الأحد 16 أكتوبر 2022، وسط تحديات محلية وإقليمية ودولية تواجه الصين ورئيسها، شي جين بينج.

وافتتح الرئيس الصيني المؤتمر بدعوة أعضاء الحزب، البالغ عددهم 97 مليونًا، إلى الاستعداد لـ”لحظة حرجة” في تاريخ البلاد، في حين يستعد لترسيخ سلطته كأقوى حاكم للصين، منذ ماو تسي تونج، بحسب ما أوردت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.

تحذير لتايوان

في خطابه، الذي امتد ساعتين، تعهد شي بأن الحزب الشيوعي الصيني “لن يتخلى أبدًا عن استخدام القوة (لإعادة التوحيد)، وسيتخذ كل الإجراءات اللازمة لوقف كل الحركات الانفصالية”، مضيفًا أن حل مسألة تايوان أمر يقرره الشعب الصيني وحده.

وقال، دون ذكر الولايات المتحدة على وجه التحديد، إن الحزب سيكافح “حمائية وبلطجة” الدول الأخرى. وفي هذا الشأن، قال المحلل السياسي، سوني لو: “هذه رسالة واضحة لتايوان وللولايات المتحدة. الصين عازمة على حل مسألة تايوان في غضون العقد المقبل”.

وفي تصريحات لصحيفة “الجارديان” البريطانية، قال أستاذ السياسة بالجامعة الوطنية الأسترالية، سونج وين تي، إن تصريحات شي “تركز على “الضرورة” و”الحتمية”، لكنها غامضة بشدة في ما يتعلق بـ”الكيفية”، وهذه علامة على أنه يريد الحفاظ على المرونة السياسية، ولا يريد الالتزام بمسار عدائي بنحو لا رجعة فيه”.

الإشادة بإنجازات الحزب

أشاد خطاب شي بالإنجازات التي حققها الحزب الشيوعي الصيني في القضاء على الفقر المدقع، وإدارة أكبر أنظمة للرعاية الصحية والاجتماعية في العالم، والنهوض بالطاقة الخضراء ومكافحة الفساد السياسي، وفق صحيفة “الجارديان”. ودافع الزعيم الصيني عن سياسة صفر كوفيد، وقال إنها ستظل سارية، وإنها “وضعت الناس وحياتهم قبل كل شيء”.

وفي خطابه، تظاهر شي بدعم فكرة الحكم بالإجماع، وقال: “يجب أن نقبل نقد الشعب وإشرافه”. لكن في الواقع، كانت بكين وباقي المدن الصينية كلها مغلقة بموجب قواعد أمنية صارمة، في محاولة لمنع أي تعطيل للمؤتمر.

ولاية ثالثة

بحسب “فاينانشيال تايمز”، يستمر مؤتمر الحزب الشيوعي لأسبوع، وينتهي في 22 أكتوبر الحالي، ومن المقرر إعلان تشكيلة القيادة الجديدة بعدها بيوم. لكن إعادة تعيين شي لولاية ثالثة كزعيم للحزب وقائد للجيش يُنظر لها كأمر واقع، على الرغم من السياسات المثيرة للجدل، التي أبطأت نمو الاقتصاد، ووترت علاقات الصين مع الولايات المتحدة وحلفائها.

ومن المتوقع تعيين شي رئيسًا للدولة لولاية ثالثة، في الدورة السنوية المقبلة للبرلمان الصيني، مارس المقبل. وذكرت صحيفة “الجارديان” أن هذا المؤتمر هو الأول منذ إلغاء حدود الولاية الرئاسية على قادة الحزب، ما يسمح لشي بالبقاء “زعيمًا مدى الحياة”. وتوقعت الصحيفة إجراء المزيد من التغييرات الدستورية، هذا الأسبوع، لترسيخ سلطته ومكانته داخل الحزب.

إزاحة المنافسين

أشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أنه من المقرر تقاعد 2 من أصل 6 زملاء لشي، في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي، وفقًا لقاعدة غير رسمية تنص على عدم إعادة تعيين الأعضاء في عمر 68 أو أكبر، ولكنها لا تنطبق على زعيم الحزب.

لكن من الممكن تقليل السن إلى 67، ما يجبر مسؤولين اثنين آخرين على التقاعد، بينهما رئيس الوزراء، لي كه تشيانج، الذي كان أحد أبرز منافسي شي على قيادة الحزب حتى 2007. ومن المتوقع تعيين شي، البالغ 69 عامًا، قائدًا للحزب والجيش حتى 2027 على الأقل، ومن الممكن أن يحتفظ بكلا المنصبين حتى 2032، إذا سمحت حالته الصحية.

رسالة غير مباشرة

أفاد تقرير لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” الصينية بأن الرئيس شي جين بينج وجه رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة، رغم عدم ذكرها صراحةً في خطابه، وهي أن الصين لن تخضع برغم التوترات المتصاعدة مع الغرب.

وذكر شي في خطابه أن المصالح القومية للصين تظل ذات أهمية قصوى في وجه التغيرات السريعة في الوضع الدولي، خاصةً في وجه ما وصفه بـ”الابتزاز والاحتواء والحصار والضغط الشديد الخارجي”. وأضاف أن التعليم والتكنولوجيا والموهبة هي أساس تنمية الصين لتصبح دولة قوية، مشددًا على أهمية الاعتماد على الذات، في إشارة للقيود الأمريكية الجديدة على صادرات التكنولوجيا.

العلاقات مع الدول النامية

لفت الرئيس الصيني، في خطابه، إلى أهمية تعزيز التضامن والتعاون مع الدول النامية، وحماية مصالحها المشتركة. ورأى أستاذ السياسة الدولية بجامعة أوشن الصينية، بانج زونجينج، أن تصريحات شي تعني أن الصين تحاول إيجاد حل لمشكلة الديون الصينية، والحفاظ على العلاقات الجيدة مع الدول النامية.

وقال الباحث بمعهد الاستراتيجية الوطنية بجامعة “تسينج هوا” في بكين، شيا ماوسونج، إن تصريحات شي عن الاقتصاد تشير إلى أن الصين ستستحدث طريقة لمواجهة التحديات التي يفرضها الغرب. وقال: “أحد الأمور التي ينبغي ملاحظتها هو أن الصين تروّج لبناء اقتصاد عالمي مفتوح. عندما يحاول الغرب الانفصال، يجب على الصين أن تفعل العكس، وتبني المزيد من الشراكات”.

ربما يعجبك أيضا