جحيم «صفر كورونا» يحاصر الصينيين واحتجاج نادر في الصورة.. فهل ينتهي قريبًا؟

بسام عباس

نجاح الزعيم الصيني المعلن في التغلب على فيروس كورونا أحد الأسباب التي تجعل من الصعب على بكين تغيير مسارها.. فهل تنتهي سياسة "صفر كورونا" قريبًا؟


تناولت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عمليات الإغلاق المشددة، التي تفرضها حكومة الصين، في إطار سياسة “صفر كورونا”، ما تسبب في مآسٍ إنسانية.

وأضافت أن الرئيس الصيني، شي جين بينج، دافع عن استراتيجية “صفر كورونا”، أمام أكثر من ألفي عضو من الحزب الشيوعي الحاكم، داخل قاعة الشعب الكبرى في بكين، قائلا إنها “وفرت حماية لحياة الصينيين وصحتهم”.

زيادة الإحباط العام

أوضحت مراسلة شبكة “سي إن إن”، سيمون مكارثي، في تحليلها، أمس الخميس 20 أكتوبر 2022، أن الزعيم الصيني فرض عددًا من الإجراءات، منها عمليات الإغلاق بالقوة، والحجر الصحي القسري، والتتبع الرقمي، للتغلب على الفيروس، وإبقائه خارج حدود الصين المغلقة.

وأضافت أن هذا النهج اكتسب في البداية دعمًا عامًا واسعًا، لأن الصين تعيش خالية إلى حدّ كبير من الفيروسات والوباء، المنتشر في الخارج، لافتةً إلى زيادة الإحباط العام بسبب عمليات الإغلاق، والتهديد المستمر بإرسال السكان إلى الحجر الصحي المركزي.

إحكام السيطرة

أفادت مكارثي بأن الحكومة الصينية استخدمت النظام البيئي المتقدم عبر الإنترنت، لفرض مزيد من القيود على الحياة اليومية، وأصبحت الرموز الصحية في الهواتف العمود الفقري لنظام تتبع المواطنين، ما زاد من سيطرة الدولة على حركة الشعب إلى حد لم يسبق له مثيل في الصين.

وأضافت أن الأنشطة الحياتية الأساسية، مثل الذهاب إلى متجر البقالة، أو ركوب وسائل النقل العام، أو الدخول إلى المقرات الحكومية، تعتمد على إجراء اختبار كورونا السلبي المحدث، ما يعرض الكثير من المواطنين لخطر الحجر الصحي القسري.

الإصرار على «صفر كورونا»

وأوضحت أن رسالة بكين الواضحة هي أن هذه الإجراءات المشددة “ضرورية” لمنع الخسائر في الأرواح، وهو ما ذكرته صحيفة “الشعب” الصينية بأن الحفاظ على حياة الشعب وإعطائه الأولوية هو جوهر الإصرار على سياسية “صفر كورونا” الديناميكية، في محاولة واضحة لتقليل توقعات الجمهور بشأن أي تغييرات قبل مؤتمر الحزب.

وأفادت بأن التراجع عن هذه السياسة له عواقب وخيمة، فالسماح للفيروس بالانتشار داخل الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، من المرجح أن يزيد الوفيات إلى مستويات عالية الخطورة في البلاد، وأن الصين راهنت بسياستها لعدم الوصول إلى هذه النتائج بأي ثمن.

تغيير استراتيجية المواجهة

أوضحت “سي إن إن” أن نجاح شي المعلن، في التغلب على الفيروس، والحملة الدعائية المصاحبة له، يعد أحد الأسباب التي تجعل من الصعب على الصين تغيير مسارها، ونقلت عن الأستاذ المساعد في كلية “لي كوان يو” للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية، ألفريد وو، قوله إن المشكلة أن شي ربط نفسه بالنموذج “الناجح” لمحاربة كورونا،

وأضاف أن القضاء على كورونا هي سياسة فعلية لشي. لافتًا إلى أن تعامل الصين مع الفيروس مقارنة بالدول الأخرى لا يزال مصدر فخر وطني لدى العديد من الصينيين، إلا أنه قال إن كلمات شي تشير إلى أنه “من المستحيل على الصين تغيير استراتيجيتها الخاصة بعدم انتشار الفيروس، في المستقبل القريب”.

مآسي إنسانية

تفاقم تأثير هذه الإجراءات، وعمليات الإغلاق المشددة التي ينفذها المسؤولون المحليون، فوق كل الاعتبارات الأخرى، تركت الشعب يعاني من أجل الحصول على الغذاء والدواء، مع ارتفاع التكاليف المادية والمعنوية، ما تسبب في مآسٍ إنسانية.

ففي سبتمبر الماضي، أحصت شبكة “سي إن إن” وضع أكثر من 70 مدينة صينية تحت الإغلاق الكامل أو الجزئي في فترة أسبوعين، ما أثر على أكثر من 300 مليون شخص، ما أدى إلى العديد من الحوادث، بسبب إجراءات الإغلاق ومكافحة الفيروس.

بدائل الإغلاق والحجر

وأضافت مراسلة “سي إن إن”، سيمون مكارثي، أن فرض إجراءات مشددة وإغلاق الحدود “يؤخر فقط الأمر الذي لا مفر منه”، نظرًا لأن الفيروس ينتشر خارج الصين، لافتة إلى ضرورة التركيز على بدائل أخرى، من خلال رفع معدلات التطعيم لكبار السن، وزيادة سعة وحدات العناية المركزة، والحصول على اللقاحات والعلاجات الأكثر فعالية.

وأشارت إلى أن الصين اعتمدت على اللقاحات المحلية، التي تنتج مستويات أقل من الأجسام المضادة الوقائية، مقارنة باللقاحات المطُوَّرة في الغرب، إلا أن الصين تركز بقدر أكبر على تعزيز دعائم سياسة “صفر كورونا”، وهي قدرة الاختبار الشامل ومرافق الحجر الصحي الشامل.

هل يمكن إنهاء «صفر كورونا»؟

قد تؤدي الاعتبارات الاقتصادية والسياسية إلى أن تخفف الصين بعض الإجراءات، العام المقبل، لكن نهاية سياسة “صفر كورونا” لن تشهد نهاية لجميع آثارها، خاصة أن شي جدد تركيزه على زيادة “الأمن” في الصين، وفق الشبكة الأمريكية.

ونقل التقرير عن الزميل البارز في قسم الصحة العالمية بمجلس العلاقات الخارجية، هوانج يان تشونج، قوله إن اللقاحات وزيادة سعة وحدات العناية المركزة تستغرقان وقتًا طويلاً، وإذا كانت الحكومة الصين لا تبذل جهدًا للاستعداد للتغيير، فهذا يعني أنها لا تخطط لتغيير هذه السياسة في أي وقت قريب.

احتجاج نادر مناهض لشي

رُفعت لافتتان على جسر سيتونج، في شمال غربي بكين، الأسبوع الماضي، تنتقدان شي وسياسته الصارمة “صفر كورونا”، وكُتب في إحدى اللافتتين: “نريد طعامًا، لا اختبارات (كورونا). نريد الحرية، لا الإغلاق والضوابط. نريد احتراماً، لا أكاذيب”. 

 

أما اللافتة الثانية، فحضّت على تنظيم إضرابات في المدارس وأماكن العمل، من أجل الإطاحة بالزعيم الصيني، وطالبت اللافتتان بعزل “الديكتاتور والخائن شي جين بينج”، وكتب في إحداهما: “لا نريد شخصيات صورية، نريد تصويتًا، لا نريد أن نكون عبيدًا، بل مواطنين”، بحسب صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

ربما يعجبك أيضا