«شتاء حامي الوطيس».. آثار الحرب الروسية الأوكرانية تزحف نحو الشمال الأوروبي

رنا أسامة
الحرب الروسية الأوكرانية

بولندا تحذر من تصعيد روسي، والولايات المتحدة تشدد على مواصلة دعم أوكرانيا وفنلندا تعزز من دفاعاتها.. ماذا يحدث؟


حذر قائد الجيش البولندي من أن الحرب الروسية الأوكرانية أضحت أكثر خطورة على وارسو وحلفاء آخرين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وتأتي تحذيرات لجنرال رايموند أندرزيجزاك، بعد أيام من حادث سقوط صاروخ، يُعتقد أن قوات أوكرانية أطلقته، على منطقة حدودية بالأراضي البولندية، ما أسفر عن سقوط قتيلين.

الشتاء آتٍ إلى الحدود

قال الجنرال أندرزيجزاك: “ما خلصنا إليه أن روسيا تصعد”. وتابع: ” إنها تقترب أكثر فأكثر من حدود الناتو. يمكن القول إن الشتاء مقبل، لا يشير ذلك بالضرورة إلى الموسم فقط، بل إلى ما هو أكثر شمولًا: الشتاء آت إلى الحدود”، ، حسب ما ذكر موقع “ديفينس وان” الأمريكي.

وأطلقت روسيا قرابة 100 صاروخ على أوكرانيا، يوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022، ما تسبب في تدمير أجزاء رئيسة من شبكة الكهرباء الأوكرانية. ووفق تقديرات الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وأمين عام حلف الناتو، ينس ستولتنبرج، ومسؤولين بولنديين، فإن حطامًا سقط على أراضي وارسو، عندما كانت الدفاعات الأوكرانية تحاول اعتراض الصواريخ.

حاجة أوكرانية ملحة

في حين أن هذه الفرضية لم تلق قبولًا بعد لدى كييف، يستغل مسؤولون أوكرانيون الحادث لمطالبة الغرب بتزويد بلادهم بنظام جوي أكثر تقدمًا، يتكامل مع نظرائها الأوروبيين. وفق “ديفينس وان”، الذي أشار إلى تصريح مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أندري يرماك، يوم 19 نوفمبر 2022، بأن كييف تتشاور مع “حلفاء” بشأن اتفاق دفاع جوي، لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى.

وفي كلمة افتراضية بمنتدى “هاليفاكس” الدولي للأمن في كندا، قال يرماك: “بدأت أوكرانيا، بالتعاون مع أقرب حلفائها، في تطوير إعلان مشترك بشأن الدرع الجوي”. وأضاف: “مع استمرار الهجمات الروسية على مدن أوكرانيا وبنيتها التحتية الحيوية، تظهر حاجة ملحة إلى (تزويدها) بنظام دفاع صاروخي فاعل وسريع للغاية، قبل بداية الشتاء”.

صواريخ

نظام دفاعي معقد

تابع مدير مكتب الرئيس الأوكراني، في كلمته بالمنتدى: “الحماية الفاعلة لسمائنا عنصر مهم لضمان الأمن، ولهذا السبب فإننا نهدف إلى بناء نظام دفاعي معقد متعدد المستويات مضاد للطائرات والصواريخ. يسهم في حماية الأمن الجوي الأوروبي بأكمله”.

وأصر الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلنسكي، في البداية على أن الحطام سقط نتيجة ضربة روسية، وقال مدير مكتبه: “لن يكون صائبًا الجزم بأنه صاروخ أوكراني” لحين انتهاء التحقيق. وفي حين تختلف الحكومتان البولندية والأوكرانية بشأن مصدر الصاروخ، فإنهما يتفقان على الحاجة المستمرة للدعم، لا سيما الدفاعات الجوية.

مساعدة ألمانية

عرضت ألمانيا على بولندا نظام الدفاع الصاروخي “باتريوت” وطائرات “يوروفايتر” الألمانية، لمساعدتها على تأمين مجالها الجوي، بعد الحادث الذي أثار مخاوف من احتمالية امتداد الحرب في أوكرانيا عبر الحدود. وفي إطار تعزيز الناتو الدفاعات الجوية في شرق أوروبا، أطلق أكثر من 12 عضوًا، بقيادة ألمانيا، مبادرة لشراء أنظمة دفاع جوي، في أكتوبر الماضي.

وامتلكت ألمانيا 36 وحدة “باتريوت” عندما كانت ضمن الخطوط الأمامية للناتو، إبان الحرب الباردة، لكنها حاليًا تملك 12 وحدة فقط، اثنتان منها في سلوفاكيا، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء “رويترز“.

بارتيوت إلى بولندا

دعم متواصل

دعا قائد الجيش البولندي إلى “نقاش استراتيجي أكثر تطورًا”، للوقوف على ما إذا كانت الدول الأوروبية تقدم لأوكرانيا دعمًا كافيًا. وأضاف: “ينبغي أن تنتصر أوكرانيا. فهل يكفي ما نقدمه؟” وبعد فترة وجيزة، أجاب وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، على هذا السؤال في خطاب أطلق خلاله دعوة قوية لمواصلة الدعم الغربي لكييف.

واستضاف أوستن، يوم 16 نوفمبر 2022، الاجتماع الافتراضي الأخير لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، بمشاركة 50 دولة، ذلك الاجتماع، الذي خرج بتعهدات جديدة بتزويد أوكرانيا بأسلحة ومعدات، وسط تفاؤل باحتمالية إجراء مفاوضات لإنهاء القتال، ما انتقده أنصار أوكرانيا، وفق “ديفينس وان”.

لا نية نووية فنلندية

وزير الدفاع الأمريكي قال في الاجتماع إن نتيجة الحرب في أوكرانيا قد تسهم في تحديد مسار الأمن العالمي في هذا القرن الجديد. وأشار إلى أن دول “أمريكا الشمالية ليس لديها خيار للوقوف متفرجة”، مضيفًا: “أظن أن دعمنا لقوى الحرية في أوكرانيا سيصمد في أي موسم أو عاصفة”.

وفي إطار التهديدات، التي تواجه دول الشمال الأوروبي، نفت فنلندا أي نية لاستضافتها أسلحة نووية على أراضيها، بمجرد أن تنضم إلى الناتو. في وقت قدمت فيه رئيسة الوزراء الفنلندية، سانا مارين، مقترحات جديدة لتعزيز حدود البلاد، البالغ طولها 1340 كيلومترًا، مع روسيا، بحسب موقع “ديفنينس نيوز” الأمريكي.

احتمال غير منطقي

على المنحى ذاته، أوصى رئيس فنلندا والقائد العام للقوات المسلحة الفنلندية، سولي نينيستو، بضرورة الحفاظ على “علاقات حسن الجوار” مع روسيا، لافتًا إلى أن وضع أسلحة نووية على أراضي بلاده ليس شرطًا مسبقًا للحصول على عضوية الناتو. وتابع: “لا مؤشرات على أن أي دولة من دول الناتو ستقدم أسلحة نووية لفنلندا”.

وحتى الآن، تطلق قرابة 28 دولة عضوًا بالناتو، تصريحات فردية تفيد بأن فنلندا والسويد مؤهلتان لعضوية الحلف، ولهما الحق في دعمه بموجب المادة رقم 5. لكن مدير المعهد الفنلندي للشؤون الدولية، ميكا التولا، رأى أن احتمال نشر أسلحة نووية في فنلندا بعد عضوية الناتو “غير منطقي”.

جنود فنلنديون

شروط نووية مسبقة

كما فنلندا، أبدت السويد عدم استعدادها لبحث شروط نووية مسبقة قبل عضوية الناتو. وقال رئيس الوزراء، أولف كريسترسون: “لن نفرض شروطًا مسبقة. تتبع السويد نهج فنلندا ذاته في ما يخص مسألة وضع أسلحة نووية”. ووضعت هلسنكي، قبل عضويتها المعلقة في الناتو، خططًا لإنفاق ملياري دولار بحلول عام 2025، لتعزيز الأمن على طول حدودها مع موسكو.

ووفق “ديفينس وان”، تخطط فنلندا لتوسيع ميزانية الدفاع الخاصة بها، من أجل تعزيز أمنها الحدودي، لتشمل مشروعات تنطوي على شراء طائرات مراقبة، وتعزيز حرس الحدود الفنلندي، وتكثيف استخدام الطائرات المسيرة، وروبوتات المراقبة الأمنية، وتقنيات الاستشعار الإلكترونية.

سياج تجريبي

خصصت فنلندا 150 مليون دولار من التمويل، لبناء سياج مزود بأجهزة استشعار على طول أجزاء من حدودها الشرقية مع روسيا، العام المقبل، ضمن إجراءات لدرء تهديدات هجينة من طرف روسيا، أدرجتها في ميزانية حرس الحدود لعام 2023.

ويبني حرس الحدود الفنلندي، حاليًا، “سياجًا تجريبيًّا” طوله ميلين، بتكلفة 6.2 مليون دولار، على طول جزء من حدوده الشرقية مع روسيا.  وسط توقعات بامتداده إلى 200 ميل، بحسب “ديفينس وان”.

البيئة الأمنية تغيرت

الرائد كينيث روزنكفيست، من حرس الحدود الفنلندي، قال إن “البيئة الأمنية (في فنلندا) تغيرت بسرعة بسبب الحرب في أوكرانيا”. وأضاف: “إننا في حاجة ماسة لتحسين قدراتنا”.

وخصصت الحكومة الفنلندية 1.7 مليار دولار للجيش لشراء معدات دفاعية في عام 2023، بزيادة قدرها 800 مليون دولار، مقارنة بميزانية شراء المعدات الدفاعية لعام 2022، وفق “ديفينس وان”.

ربما يعجبك أيضا