إما التصعيد أو الهزيمة.. «ناشيونال إنترست»: خياران أمام الناتو لردع «نووي بوتين»

رنا أسامة

الطريقة المثلى لردع هجوم نووي هي التنصل من فكرة أن الحرب النووية قد تكون محدودة.


قال محللان أمنيان دوليان إن تحذيرات الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من حرب فناء “هرمجدون“، في حال ضغطت روسيا على زر النووي بأوكرانيا، قد تكون في محلها.

وفي حين يملك حلف شمال الأطلسي (ناتو) من 250 إلى ألفي سلاح نووي غير استراتيجي، فإنه قد يجد نفسه أمام خيارين لمواجهة التهديدات الروسية النووية، بحسب ما جاء في تقديرات المحللين البارزين.

إما تصعيد أو إقرار بالهزيمة

وفق تقديرات الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية بجامعة كونكورديا الكندية، جوليان سبنسر تشرشل، والمتخصص في الاستراتيجية النووية بجامعة ماكواري الأسترالية، بن أوليرينشو، قد يصعّد “الناتو” إلى المستوى الاستراتيجي للحرب، لكنهما قال إن ذلك الخيار قد يكون كارثيًّا للأطراف كافة، بغض النظر عن عواقبه.

ومن الممكن أيضًا أن يقر الناتو بالهزيمة، إذا اكتشف أنه على الجانب الخطأ من العتبة النووية، حسب ما قال المحللان الأمنيان الدوليان في مقال نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية يوم الأحد 13 نوفمبر 2022.

الطريقة المثلى

من المفارقات، بحسب المقال، أن معلقين غربيين ممن يعارضون استخدام النووي يرون أن عدم استقرار الأوضاع أمر مرغوب فيه، في حين ينتظرون من الولايات المتحدة رد فعل انتقاميًا عنيفًا، في حال تعرضت قوات الناتو لضربة نووية، أو على الأقل واجهت تهديدًا بذلك.

وفي نظر هؤلاء، فإن الطريقة المثلى لردع هجوم نووي هي التنصل من فكرة أن الحرب النووية قد تكون محدودة، وكذلك التخلي من جانب واحد عن القدرة على خوض مثل هذه الحرب، لأن مجرد امتلاك القدرة على شن حرب محدودة، كما يدعي أصحاب تلك الفرضية، يوضح للخصم وجود مستوى مقبول من الصراع النووي، ما يجعل الحرب النووية أكثر احتمالية، وفق المقال.

الردع الأدني

أشار المقال إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية كشفت عن خواء في ما يعرف بسياسة “الحد الأدنى من الردع”، في وقت لا تهدد فيه روسيا بقصف الناتو نوويًّا، وإنما تلوح بضرب أوكرانيا بقنابل نووية. وتابع: “عندما بدأت هذه الحرب، أقر بايدن صراحة بأن الناتو والجيش الأمريكي لن يدافعا عن أوكرانيا، بهدف تقليل مخاطر نشوب حرب نووية”.

وفي حين تدعم دول الناتو أوكرانيا، منذ ذلك الحين، بجزء صغير فقط من ميزانياتها الدفاعية المتواضعة تاريخيًّا، من المفترض أن يتوقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تصعيدًا محتملًا من الحلف. وأضاف المقال: “إذا كان بالغ الحذر، فإن هذه الاحتمالية كافية لردعه”.

حرب محدودة ممكنة

في الوقت نفسه، أثار المقال إمكانية نشوب حرب نووية محدودة بأشكال عدة، بما في ذلك عدد الرؤوس الحربية النووية المستهلكة، ونطاق نشرها، وأنواع الضربات، وكذلك المواقع المستهدفة. وأشار إلى أن المرة الأخيرة، التي خاض فيها الناتو حربًا ضد قوة عظمى، كانت في كوريا، عندما دمرت قاذفات أمريكية مدنًا جنوب نهر يالو، دون إلقاء قنبلة واحدة على الضفة الأخرى.

وأردف أنه في ظل الابتكارات التكنولوجية، مثل التحسينات في القيادة والتحكم والاتصالات والاستطلاع والمراقبة، بجانب الرؤوس الحربية متفاوتة القوة، والصواريخ الدقيقة، بات ممكنًا الحدّ من نطاق وتأثيرات الحرب النووية، أكثر من أي وقت”. ومن هذا المنطلق، لديى روسيا أسباب وجيهة للغاية تدفعها لاستبعاد رد انتقامي من الناتو، بما يجعل ردعها، ناهيك بهزيمتها، أمرًا غير ممكن.

النووي 1

حقيقة مزعجة

لفت المقال أيضًا إلى أن وجود حقيقة مزعجة تفيد بأن التضحية من أجل أوكرانيا أو دول البلطيق ليست من مصلحة القوى الغربية، تلك الحقيقة، التي عولت عليها روسيا عندما بنت ترسانتها النووية. من ثم، إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في ردع بوتين، عليها إثبات استعدادها وقدرتها على استخدام الوسائل، التي تتناسب مع مصالحها الاستراتيجية في هذا الخصوص.

وإذا باءت محاولة الولايات المتحدة في ردع الدب الروسي بالفشل، سيحتاج الناتو حينها إلى وسائل ترفع من الثمن الذي قد يدفعه بوتين عند الهزيمة. لهذا السبب، استغرق إنهاء الاحتكار الروسي الفعلي للأسلحة النووية غير الاستراتيجية وقتًا طويلًا، وفق المقال.

ثغرات خطيرة

في خضم ذلك، فإن مسرح القوة النووية للناتو يواجه 3 ثغرات خطيرة، أولاها أن روسيا تمتلك عددًا من الأسلحة غير الاستراتيجية مماثلًا تقريبًا للرؤوس الحربية الاستراتيجية التي ينشرها الحلف، بما يعني أنه في حاجة إلى تعزيز الإنفاق من أجل مضاهاة موسكو في ساحة المعركة.

الثغرة الثانية تكمن في إمكانية شن روسيا هجومًا استباقيًا أو ضرب قواعد جوية في أوروبا الغربية لتصعيد حرب محدودة جغرافيًا. وأخيرًا، فقد يفضي التدمير الروسي المحتمل للقواعد الجوية النووية للناتو إلى عواقب غير مرغوب فيها، بما في ذلك تحييد القوة الجوية التقليدية للحلف العسكري، وهو ما لا يقوى الروس على فعله من دون توجيه تهديدات نووية، بحسب المقال.

الوقت فات

من المحتمل أن يكون الوقت قد فات فعلًا لإحداث تغيير جوهري يقلب موازين الحرب المستمرة منذ 9 أشهر في أوكرانيا، لكن إذا اضطر الناتو للمفاضلة قريبًا بين الدخول في حرب شاملة أو الاستسلام، “فإن التاريخ سيذكر أن ضعفه الطوعي وغير الضروري قد ساعد كثيرًا على بلوغ تلك المرحلة”.

ومن جهة أخرى، توقع المقال أن تستمر المواجهة الحالية بين الناتو وروسيا، وما يمكن أن يتمخض عنها من حرب، أن تتمخض عنها، لأشهر. واختتم: “بصرف النظر عن النتيجة، ستنشب أزمات مستقبلية تستدعي تدخل هذه القوى. أن تأتي متأخرًا أفضل من ألا تأتي أبدًا”.

ربما يعجبك أيضا