ماذا على أمريكا تُجاه باكستان؟ «العلاقات الخارجية» يجيب

أحمد ليثي
باكستان

تعاني باكستان تضخمًا يقترب من 26% على أساس سنوي في أكتوبر 2022، ولذلك فإنه يجب أن تحث الولايات المتحدة الدائنين على إعادة هيكلة ديون باكستان وتجديد احتياطات النقد الأجنبي.


تواجه باكستان أزمة خطيرة ومتنامية، فقد اجتاحت الفيضانات الدولة الواقعة في جنوب آسيا، أواخر الصيف الماضي.

وذكر مجلس العلاقات الخارجية، في تقرير نشره 17 نوفمبر 2022، أن الفيضانات أغرقت ثلث البلاد وشردت ملايين السكان، خاصة مع وصول الاقتصاد الباكستاني إلى نقطة الانهيار مع اضطرابات داخلية، ما أغرق البلاد في مزيد من الفوضى.

مساعدات غير كافية

هرعت الدول المانحة إلى تقديم المساعدات لباكستان منذ نوفمبر 2022، ومنها الولايات المتحدة التي قدمت 97 مليون دولار مساعدات، ولكن هذا الرقم، كما يرى الكاتب الأمريكي أندرو جوردون، بالكاد يكفي متطلبات التعافي المبالغة، بحسب تقديرات المراقبين زهاء 40 مليار دولار.

وقال جوردون في تقريره بموقع مجلس العلاقات الخارجية، إن هذه المساعدات لن تمكن من تفادي الأزمة المتفاقمة في باكستان والوفاء بالالتزامات الإنسانية التي تقع على عاتق الولايات المتحدة فحسب، بل ستخدم أيضًا المصالح الاستراتيجية الأمريكية.

أزمة عنيفة

بحسب التقرير، لا يمكن التقليل من حجم الأزمة الباكستانية، فقد لقي أكثر من ألف و500 شخص مصرعهم وأصيب 12 ألفًا آخرون في الفيضانات، في حين تعطلت البنية التحتية بجميع أنحاء البلاد، ودُمرت آلاف الكيلومترات من الطرق ومئات الجسور، بالإضافة إلى تدمير ما يقرب من مليوني منزل.

وتعاني باكستان ارتفاع معدلات التضخم خاصة مع صراعها لتأمين المواد الأساسية، فقد وصل معدل التضخم إلى ما يقرب من 26% على أساس سنوي في أكتوبر 2022، وانخفض احتياط النقد الأجنبي، خاصة مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، بسبب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

صندوق النقد الدولي

ذكر التقرير أن التمويل الذي ضخه صندوق النقد الدولي لخزينة باكستان لم يسد الكثير من الفجوات، ورغم أن الدائنين عرضوا تخفيف الديون الواقعة على باكستان، فإن ذلك لا يحل الأزمة، نظرًا لأن المبالغ التي أُعفيت منها باكستان لا تزال صغيرة.

ومن جهة أخرى، أضافت التوترات السياسية الكثير من الأعباء على كاهل الحكومة الباكستانية، ما أعاق قدرتها على التصرف، خاصة بعد الإطاحة برئيس الوزراء السابق، عمران خان، من خلال تصويت بحجب الثقة عنه في إبريل الماضي.

الولايات المتحدة تخشى على علاقاتها مع الهند

بحسب التقرير، اتهم مراقبون أمريكيون باكستان بتمكين حركة طالبان الأفغانية طوال الحرب الأمريكية في أفغانستان، ويشعر المدافعون عن العلاقات الأمريكية الهندية بالقلق من أن منح المساعدات لباكستان قد يعرقل العلاقات مع إدارة مودي، بالإضافة إلى أن الفساد المستشري في الإدارة الباكستانية يزيد المخاوف من مواصلة الدعم.

وعلى الرغم من هذه المخاوف، فإن جوردون يرى أن على الولايات المتحدة العمل على تخفيف الأزمة في باكستان، خاصة إذا أرادت الوفاء بالتزاماتها تجاه العمل الإنساني، فيجب أن تكون المساعدة لباكستان على رأس أولوياتها الأخلاقية.

آثار تغير المناخ

ذكر جوردون أن الآثار المدمرة لتغير المناخ التي تعانيها باكستان اليوم تمثل تحديًا مشتركًا، لأن قواعد العدالة البيئية تُلزم البلدان التي بنت ثرواتها على تدهور البيئة، مثل الولايات المتحدة، بمساعدة الدول التي تعاني آثار التغير المناخي كباكستان، وهي واحدة من أكثر دول العالم عرضة للتأثر المناخي ومساهم ضئيل في انبعاثات الكربون.

وقال جوردون إن الكارثة في باكستان لا تصب في المصلحة القومية الأمريكية فحسب، لأن زعزعة استقرارها من شأنه أن يؤدي إلى كارثة تؤثر في الأمن الإقليمي بالكامل، ومن ناحية أخرى، فإن زعزعة استقرار باكستان ستجعلها أقل قدرة على أداء دورها، بوصفها لاعبًا مهمًّا في قلب الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب.

باكستان شريك أساسي

تتطلب العمليات الأمريكية في الشرق الأوسط، مثل عملية مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري، الدعم الباكستاني والتنسيق في المجال الجوي، لذلك فحين تسعى واشنطن لموازنة النفوذ الصيني في جنوب آسيا، يمكنها أن تستفيد من التحفظات المتزايدة داخل باكستان حول العلاقة الاقتصادية الوثيقة مع الصين.

وقال جوردون إن على أمريكا زيادة مستوى مساعداتها لباكستان، فمبلغ 97 مليون دولار له تأثير ضئيل في الأزمة التي تعانيها باكستان، وعلى الولايات المتحدة أن تدعم حليفتها بفرق فنية لدعم البنية التحتية والإمدادات الصحية لمعالجة تفشي الأمراض المنقولة بالمياه.

ربما يعجبك أيضا