كيف عززت حرب بوتين فرص انضمام أوكرانيا إلى «الناتو»؟

رنا أسامة

ما يبعث على الأمل أن أوكرانيا أحرزت تقدمًا نحو انضمامها إلى الناتو، بما في ذلك منحها صفة مرشح الاتحاد الأوروبي رسميًّا في يونيو 2022، لكن الحصول على عضوية الاتحاد لا يزال أمرًا شاقًّا وأكثر تعقيدًا من عضوية الناتو.


قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الوطنية لأكاديمية كييف موهيلا، تاراس كوزيو، إن الحرب الروسية الأوكرانية أبرزت التهديد الأمني لشرق أوروبا.

وفي مقال، نشره المجلس الأطلنطي، 20 نوفمبر الحالي 2022، أشار كوزيو إلى أن دولًا مثل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا، نأت بنفسها لعقود، عن روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، لكنها فشلت في الاندماج كاملًا في العالم الغربي.

حماقة مكلفة

تلقت هذه الدول وعودًا مبهمة بإحراز تقدم في حصولها على عضويتي حلف شمال الأطلنطي (ناتو) والاتحاد الأوروبي، مستقبلًا، بجانب تعهدات بإجراءات استباقية، بما فيها اتفاقية الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي. ولكن ثبت أن هذه الإجراءات لا تعدو كونها “حماقة مكلفة”.

وقد ظنت موسكو أنها قادرة على عكس الحكم الذي صدر بحل الاتحاد السوفييتي في عام 1991، ذلك الحكم الذي مهد الطريق لعصر جديد من العدوان الإمبراطوري الروسي، بدءًا من غزو جورجيا 2008،​​ وتصاعد على نحو كبير منذ عام 2014 في أوكرانيا، بحسب المقال.

الانتصار العسكري ليس كافيًا

في حين أن انتهاء ما تسميه روسيا “عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا” ما زال بعيدًا، أوصى المقال كلًّا من الناتو والاتحاد الأوروبي بالتخطيط بوضع خطط لدمج أوكرانيا بعد الحرب المستمرة منذ 24 فبراير الماضي، في وقت أظهر فيه الجيش الأوكراني، على مدى 9 أشهر، قدرته على هزيمة القوات الروسية في ساحة المعركة.

ومع ذلك، نوه المقال بأن الانتصار العسكري لن يكفي لتحقيق سلام دائم، مشيرًا إلى أن “إخراج أوكرانيا من المنطقة الرمادية”، الواقعة على الحدود الشرقية للناتو، هو السبيل الوحيد لحماية أمن أوروبا والحيلولة دون التصعيد الروسي.

خطوات مشجعة

ما يبعث على الأمل أن أوكرانيا أحرزت تقدمًا في هذا الخصوص بخطوات مشجعة، بما في ذلك منحها صفة مرشح الاتحاد الأوروبي رسميًّا في يونيو 2022، ولكن الحصول على عضوية الاتحاد لا يزال أمرًا شاقًّا وأكثر تعقيدًا من عضوية الناتو، بحسب المقال.

وعلى النقيض من ذلك، لم يعرض الناتو حتى الآن على أوكرانيا “خطة عمل العضوية”، الموازية لصفة مرشح في الاتحاد الأوروبي، ضاربًا عرض الحائط بحسابات عديدة تجعل الانضمام إلى الحلف الآن أمرًا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، في حين بطلت حجج عديدة عول عليها سابقًا تردده في إكمال الخطوة.

أوكرانيا والناتو

لحظة فاصلة

بحسب المقال، لدى أوكرانيا أوراق اعتماد ديمقراطية تخول لها الانضمام إلى الناتو، لا سيما مع الإقرار دوليًّا بتحليها بالحرية والنزاهة في 6 من أصل 7 انتخابات رئاسية أوكرانية منذ استعادة البلاد استقلالها في عام 1991، في حين قادت انتخابات شابها تزوير عام 2004 إلى احتجاجات شعبية عرفت باسم “الثورة البرتقالية”.

وعلى الرغم من قيود زمن الحرب، منذ بدء الحرب الأزمة الأوكرانية قبل 8 أعوام، ظلت الديمقراطية الأوكرانية نابضة بالحياة وذات قدرة تنافسية عالية، ما بدا جليًّا في الفوز الساحق لليهودي الناطق بالروسية والسياسي الغريب، فلاديمير زيلينسكي، في الانتخابات الرئاسية لأوكرانيا عام 2019.

تجربة نفيسة

أمام ذلك، تشكك أصوات في أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو من شأنها أن تعزز القوة العسكرية للحلف، في وقت تتفاخر فيه كييف بامتلاكها أقوى جيش في أوروبا، بأكثر من نصف مليون جندي وجندية، إضافة إلى قدرتها على هزيمة قوات روسيا في ساحة المعركة.

وفي هذا الإطار، فإن منح أوكرانيا عضوية الناتو ستمثل تجربة نفيسة للحلف العسكري، وسوف تمثل الأساس لتدريباته المستقبلية وتخطيطه الاستراتيجي.

تحديات عملية

في إطار الدعم الغربي المتواصل، زود الناتو أوكرانيا بأنظمة أسلحة قياسية أحسنت استخدمتها في مواجهة القوات الروسية، فضلًا عن تدريب جيشها وإعداده جيدًا قبل الانضمام إلى الحلف. وبخلاف دول أعضاء آخرين، فإن أوكرانيا تفي بالحد الأدنى من التزام الحلف، بتقييد ميزانية الدفاع بـ 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويتضح أن إحجام الناتو عن حسم الموقف من عضوية أوكرانيا، تركها معزولة جيوسياسيًّا وعرضة لعدوان بوتين. وعليه، رأى المقال أن بقاء أوكرانيا عالقة في “منطقة رمادية بين روسيا والغرب” سيجعلها مصدرًا رئيسًا لزعزعة الاستقرار الدولي، ورأى أن انضمامها إلى الحلف هو “الحل المقنع الوحيد لهذا المأزق الجيوسياسي”.

ربما يعجبك أيضا